أنطاكيا: في منزل امن في تركيا، يعلن قائد كردي لمجموعة سورية متمردة حاجته الى دعم تركي لمساعدة رجاله في قتال نظام الرئيس بشار الاسد، مبديا استعداده ايضا لحمله ضد حزب العمال الكردستاني. وفي حديث لوكالة فرانس برس اثناء استراحة من المعارك الدموية التي يقود فيها 45 متمردا بالقرب من حلب، يقول عابد ميوز quot;اتمنى لو نحظى ببعض الدعم العسكري من تركياquot;.

ويشير الى انه اذا تمكن مقاتلوه من الحصول على مساعدة كهذه، سيردون الجميل بضرب حزب العمال الكردستاني، المجموعة المسلحة التي كانت لمدة طويلة العدو الابرز لانقرة. واضاف وهو جالس في المنزل السري الذي يتحصن فيه في انطاكيا وسط تركيا quot;اذا رصينا صفوفنا، اكراد وعربا، وتمكنا من الحصول على دعم عسكري من تركيا، يمكننا ان نحارب ليس فقط النظام، بل حزب العمال الكردستانيquot;.

لكن السؤال عن الطموحات الكردية في سوريا شكل هما اساسيا لتركيا في المدة الاخيرة، وهي التي قاتلت طويلا حزب العمال الكردستاني وسعيه الى دولة تمتد في تركيا والعراق وسوريا. ولا تمثل التصريحات الاخيرة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان سوى ارتفاعا في منسوب القلق التركي من الدور الكردي في الازمة السورية.

فقد لوح اردوغان امس بممارسة تركيا حقها في ملاحقة المتمردين الاكراد داخل سوريا في حال الضرورة، بعد اتهامه النظام السوري بأنه وضع مناطق عدة في شمال سوريا quot;في عهدةquot; حزب العمال. وقال اردوغان في مقابلة مع قناة كانال-24 مساء الاربعاء quot;في هذه اللحظة نظام الاسد متركز في دمشق ومحشور هناك وفي جزء من منطقة اللاذقية (شمال غرب) ايضا. في الشمال وضع خمس محافظات بعهدة الاكراد، المنظمة الارهابيةquot;، في اشارة الى حزب العمال الكردستاني.

ويتلاقى تصريح اردوغان مع موقف مماثل هذا الاسبوع لرئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا الذي قال ان القوات السورية quot;عهدتquot; بمناطق في شمال البلاد الى حزب العمال وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، قبل الانسحاب منها.

ونشرت الصحف التركية في المدة الاخيرة صورا لاعلام كردية ترفرف على مبان في شمال سوريا، وقالت ان مناطق باتت في عهدة الحزبين. وحمل حزب العمال الكردستاني السلاح في جنوب شرق تركيا ذات الغالبية الكردية للمرة الاولى عام 1984، مما اطلق شرارة نزاع حصد اكثر من 45 الف قتيل. ويتخوف الاتراك من ان تنتقل العدوى الكردية الى سوريا من العراق، حيث يتمتع الاكراد بما يشبه الحكم الذاتي منذ الاجتياح الاميركي عام 2003.

ويبدو اردوغان حازما في موقفه، ملوحا باعتماد الطريقة نفسها في التعامل مع اكراد العراق وسوريا quot;هذا ما نفعله (الملاحقة) اصلا وما نواصل القيام به في العراق. اذا قمنا بشن ضربات جوية على مناطق الارهابيين من حين لآخر فان الامر يتعلق باجراءات اتخذت لضرورة الدفاعquot;.

وعقد الاربعاء اجتماع لقادة امنيين وسياسيين وعسكريين كبار اتراك، قال على اثره اردوغان انه بحث في quot;التطورات الاخيرة في سوريا، نشاطات المجموعة الارهابية الانفصالية في بلدنا والبلدان المجاورةquot;. واتهم المسؤولون الاتراك مرارا سوريا بمساعدة حزب العمال، قائلين ان الهجمات الاخيرة التي استهدفت قوات الامن التركية، قام بها متمردون تسللوا من سوريا.

وعندما حشدت تركيا مؤخرا قوات على الحدود مع سوريا بعد اسقاط النظام السوري طائرة حربية تركية، تكهن بعض وسائل الاعلام التركية بأن الهدف كان ايضا توجيه رسالة الى المتمردين الاكراد. لكن في المنزل الامن نفسه، يشارك في الحديث ضابط سوري منشق بعدما انتهى من الصلاة، نافيا ان يكون الاكراد مدفوعين بالرغبة في دولة مستقلة.

وقال الضابط الذي طلب عدم كشف اسمه quot;ثمة لعبة سياسية تجري في الخارج كما لو ان كلا من الاكراد والعلويين والتركمان يريدون كيانات مستقلة. هذا غير صحيح. 95 بالمئة من السوريين يريدون علما موحدا ودولة موحدةquot;.

ولعبت المسألة الكردية دورا في العلاقات المشتركة بين تركيا وسوريا، حيث يشكل الاكراد 10 بالمئة من مجموع السكان، وشكوا مرارا من التمييز والاضطهاد. ووصل الامر بين البلدين الى شفا الحرب خلال التسعينات مع احتضان السوريين زعيم الحزب عبد الله اوجلان.

لكن العلاقات اكتسبت دفئا مع وصول اردوغان وحزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل الى الحكم في تركيا عام 2003، قبل ان تسوء مجددا منذ انطلاق الثورة في سوريا في اذار/مارس العام الماضي، وسعي نظام الاسد الى سحقها بالقوة. وفي حين انضم الكثيرون من الاكراد الى التظاهرات ضد النظام، تردد ان اخرين يقاتلون الى جانبه.