لاجئون أكراد مقيمون في منزل بالايجار في أربيل

يعيش السوريون الأكراد الذين هربوا من جحيم الانتفاضة الدموية التي تعيشها بلادهم كما لو كانوا مساجين في داخل معسكرات اللاجئين الموجودة في شمال العراق، رغم بحثهم عن ملاذ في منطقة تم تصميمها خصيصاً لتكون ملاذًا آمنا للأكراد.


صوَّت الأربعاء الماضي مسؤولون أكراد محليون في محافظة دهوك العراقية، التي تقع على الحدود مع سوريا، من أجل فتح معسكر آخر للاجئين لاستقبال الأعداد المتزايدة من الأكراد السوريين الذين يصلون إلى هناك يومياً.

لكنه لا يُسمَح لهم بمغادرة المعسكر الأول، الموجود في القامشلي، وعلموا أنه يتعين عليهم التقدم بطلبات للحصول على سكن قبل أن يتمكنوا من العيش ربما بحرية في المنطقة التي يشار إليها على نطاق واسع بأنها كردستان. وهو ما جعل صحيفة واشنطن بوست الأميركية تصف تلك الوضعية بأنها مفارقة ذات شقين: فالأكراد هم أكبر أقلية عرقية في سوريا وإن كان ينظر اليهم منذ فترة طوية باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين.

كما أن العراقيين سبق لهم أن استعانوا بسوريا باعتبارها ملاذًا آمنًا خلال أسوأ موجة عنف طائفي شهدتها البلاد وجرفتها صوب حرب أهلية قبل بضع سنوات قليلة.

وأوردت واشنطن بوست في هذا الصدد عن رضوان ناظم العلي، أحد اللاجئين المقيمين في معسكر القامشلي، خلال مقابلة أجريت معه قبل أيام، قوله: quot;لا يمكننا التنقل أو العمل بحرية، وعائلاتنا غير قادرة على إرسال الأموال لنا. ويمكنني القول إن العيش في هذا المعسكر الصغير يشبه العيش في زنزانة سجن كبير. وأنا إذ أدرس الآن ما إن كان لي أن أعود مرة أخرى وأواجه الموت هناك بدلاً من أن أظل هناquot;.

وذكرت الصحيفة أن الجنود الأكراد العراقيين يحرسون المعسكر في القامشلي، التي تقع على بعد 60 كيلومترا من الحدود. وقال محمود عبد الله حمو، المسؤول عن ملف الهجرة في دهوك، إن السكان الأكراد السوريين لا يسمح لهم بمغادرة المعسكرات، مضيفاً quot;يتعين عليهم أن يحصلوا على موافقة أمنية وإذن بالإقامة لكي يسمح لهم بالتواجد في كردستان، مثلهم مثل أي شخص آخر. وقد تحتاج تلك العملية إلى شهرquot;.

وأوضحت الصحيفة كذلك أن المحافظات الشمالية الثلاث التي تُشكِّل المنطقة الكردية ذاتية الحكم في العراق تتم حمايتها من جانب قوات الأمن الكردية ويحكمها مسؤولون أكراد. وتمنح تلك المنطقة اللجوء للأكراد على مدار أجيال، رغم أنّ حق اللجوء كان يمنح في الأغلب للعراقيين إبان فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وسبق أن تمّ رفض طلبات متكررة يوم الأربعاء لإعطاء تفسير بخصوص تأمين الأكراد السوريين، لكن العراق كان متردداً، في العموم، بشأن أخذ موقف إزاء الاحتجاجات وأعمال القتال المتواصلة في سوريا منذ عام.

وأعقبت الصحيفة هنا بقولها إن الدعم العراقي لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي تعتبر ديانته فرعًا من المذهب الشيعي، كان من المحتمل أن يغضب جامعة الدول العربية التي تهيمن عليها أغلبية سنية، وأن يثير ردود فعل عنيفة من جانب الجماعات السنية المسلحة في العراق.

لكنه في حال إقدام بغداد على إدانة الأسد، لكانت تسببت في إثارة غضب إيران، الراعي الرئيس لسوريا، والدولة الوحيدة الأخرى التي تقطنها أغلبية شيعية في الشرق الأوسط إلى جانب العراق.

وفي مقابلة أجراها مع وسائل إعلام حكومية مساء يوم الأربعاء الماضي، قال خضير الخزاعي، نائب الرئيس العراقي: quot;الخيار الوحيد هو التفاوض والحوار. ونحن لا نعتقد أن العنف لابد أن يحدث في سوريا؛ ونحن ندعو من جانبنا إلى حوار من شأنه أن يجمع مسؤولي النظام السوري والمعارضةquot;.

وجاءت تلك المشكلة لتلقي الضوء على الورطة التي يواجهها أكراد سوريا، الذين يحاولون تجنب استغلالهم كبراثن سياسية في العراك القائم بين نظام الأسد وقوى المعارضة.