يشعر الكثير من اللاجئين السوريين بالحنق والغضب من طريقة التعامل التي يواجهونها في العراق التي وصلوها هرباً من نيران قوات الرئيس بشار الأسد الذي يؤكد مضيّه في محاربة الجماعات التي يصفها بالإرهابية.


القاهرة:على عكس توقعات كثير من السوريين الذين قرروا في الأخير الفرار إلى العراق، هرباً من جحيم قذائف مدفعية جيش الرئيس بشار الأسد، بأن يتم الترحيب بهم بحفاوة ويلقون معاملة حسنة، على غرار ما فعله بلدهم من قبل مع اللاجئين العراقيين الذين توافدوا بأعداد غفيرة خلال السنوات الماضية هرباً من جحيم الحرب التي اندلعت هناك للقضاء على نظام الرئيس صدام حسين، واجه النازحون السوريون إلى العراق مؤخراً عدة صعوبات، جعلتهم يتمنون العودة لبلادهم مجدداً والموت هناك.

سوريون يدخلون القائم- الأسبوع الماضي

وهو ما دلّت عليه صحيفة النيويورك تايمز الأميركية بمقابلات أجرتها مع بعض من هؤلاء النازحين السوريين، مثل محمد موفق الذي قرر اصطحاب أسرته والرحيل من مدينة بوكمال إلى مدينة القائم العراقية، هرباً من بطش نيران قوات الأسد.

وقالت إنه كان يتوقع مقابلة أفضل، بعد أن سبق لبلاده أن استقبلت ما يقرب من 1.2 مليون مواطن عراقي خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت في بلادهم، بصورة تفوق أيًّا من باقي البلدان المجاورة للعراق، وسمحت لهم كذلك بالعمل، وإلحاق أطفالهم بالمدارس الحكومية، وتلقي الرعاية الطبية التي تقدمها وتوفرها الحكومة السورية.

لكن بدلاً من ذلك، وجد موفق نفسه، ومعه أسرته، محاصرين داخل مدرسة تخضع للحراسة مع مئات آخرين من السوريين، وجميعهم ممنوعون من المغادرة لزيارة أقربائهم المتواجدين في العراق أو للقيام بأي شيء آخر. ونقل عن مواطن سوري آخر محتجز داخل مدرسة إلى جانب 11 آخرين من أفراد أسرته يدعى عبد الحي مجيد، قوله quot;نريد العودة لسوريا والموت هناك بدلاً من العيش هنا في ذلك السجنquot;.

ومن بين دول جوار سوريا المسلمة، أوضحت الصحيفة أن العراق يرفض استقبال لاجئين سوريين لاذوا بالفرار من الصراع المحتدم في بلدهم، ولا يقدمون أي سبل راحة لمن ينجحون بالفعل منهم في الوصول إلى هناك، وذلك من منطلق خوف بغداد من مقاتلي فرع جديد تابع للقاعدة يتدفقون من كلا الاتجاهين

جنود سوريون ينكلون بأحد المواطنين

عبر الحدود، ومن أن يعمل الخصوم السنة المناوئون للحكومتين في كل من سوريا والعراق وفق أرضية مشتركة.

وقد رفضت مثلاً الحكومة العراقية الأسبوع الماضي تأييد قرار من جانب جامعة الدول العربية يطالب الرئيس الأسد بالتنحي، واصفةً إياه بالتدخل quot;غير المبررquot; في شؤون سوريا الداخلية، حيث إنها تدعم الأسد والطائفة العلوية المحسوبة على التيار الشيعي.

ورغم نزوح السوريين من بلادهم هرباً من الاضطرابات هناك منذ عدة أشهر الآن، إلا أن العراق لم يفتح حدوده لهم حتى الأسبوع الماضي، بعد أن تم تنظيم تظاهرات من جانب القبائل السنية في محافظة الأنبار. وأشارت الصحيفة في هذا الجانب إلى أن معبر البوكمال الحدودي، القريب من مدينة القائم، هو الأكثر إثارةً للمشاكل بالنسبة إلى العراق، في الوقت الذي بات يخضع فيه الجانب السوري منه الآن لسيطرة المعارضة.

وأوردت النيويورك تايمز عن محمد حسن وهو أحد الشيوخ العراقيين الذين شاركوا في التظاهرات المطالبة بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين قوله: quot;لا يمكننا حتى الذهاب لرؤيتهم. كما أنهم (اللاجئين) يعاملون بطريقة معاملة المجرمين نفسها ، ويخضعون لحراسة عسكرية في 11 مدرسة وأحد المساجد، ولا يزورهم أحد ولا يحصلون على أذون أو تراخيص لمغادرة الأماكن التي يتواجدون بهاquot;.

وتابع حسن حديثه بالقول: quot;نريد أن نرحب بهم في منازلنا. ونريد أن نقدم لهم الطعام والمكان الجيد للإقامة فيه، مثلما فعلوا معنا حين كنا في سورياquot;. في حين قال متظاهر آخر لم تسمه الصحيفة: quot;سوف ننام في الشارع ونسمح لهم بالبقاء في منازلنا ndash; وأريد أن أتساءل بهذا الخصوص ( لماذا تخشون السماح لهم بالمغادرة ؟)quot;.

وقد توجه بالشكر بصورة رسمية أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، لكافة دول جوار سوريا المسلمة، بما في ذلك العراق، لاستقبالهم اللاجئين.

وقال مسؤولون عراقيون إن ما يقرب من 800 مواطن سوري عبروا الحدود وحطوا الرحال في مدينة القائم يوم الأربعاء الماضي، وهو اليوم الأول بعد فتح العراقيين الحدود، وأن 60 فقط هم من عبروها في اليوم التالي، وذلك على ما يبدو نظراً للتحذيرات التي أطلقتها قوى الثورة السورية على الجانب الآخر من الاستقبال غير الجيد هناك.

وأعقبت الصحيفة بقولها إن تباين المواقف الآن يعكس حقيقة واضحة وهي أنه أثناء الحرب في العراق، كان يحكم الأسد بكامل قبضته على مقاليد الأمور في سوريا، وهو ما جعله يوافق على استقبال مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين آنذاك، بينما بدأت تحمل القاعدة السلاح الآن في وجه الأسد، بعد خروج الأميركيين من العراق.

كما نقل عن وزير الهجرة والمهجرين العراقي، ديندار نجمان، قوله بعد زيارة قام بها لمدينة القائم يوم الجمعة الماضي:quot; لم نكن مستعدين لاستقبال هذا العدد من الأشقاء السوريين. وقد وعدناهم بأن نوفر لهم أماكن جيدة وصالحة عما قريبquot;.