يعتقد العراقيون أن اضطراب الأمور في المنطقة العربية قد يؤدي الى نشوب حرب إقليمية مباشرة، متخذين من أحداث سوريا، التي تعد الخاتمة الحقيقية لكل المقدمات التي جرت خلال السنوات الاخيرة والتي ابتدأت عام 2003 في العراق، الدليل القاطع، بعد أن تعقدت الاحوال فيها ووصلت الى اسوأ ما وصلت اليه البلدان التي عاشت ما يسمى بالربيع العربي.
بغداد: بدت آراء تطفو على سطح النقاشات في العراق، تشير الى ان الخطر المحدق بالمنطقة بات قريبا وان الحرب اتية لاريب فيها لأن الدلائل كلها تشير الى ان ما يحدث في سوريا من قتل وعنف وتهجير وضراوة في الكراهية سيفجر الاوضاع وربما يؤدي الى ان تصل ألسنة اللهب الى بلدان في المنطقة يكون تأثيرها اكبر.
ويرى عراقيون انهم في أحيان كثيرة يدخلون دائرة التشاؤم ولا يخرجون منها الا وهم موقنون ان الاستقرار صار بعيدا وان الخوف بات يستفز الناس، حيث يؤشر المتابعون لما يجري إلى ان انحدار المنطقة إلى حرب إقليمية مباشرة، واحــد من أكثــر الإحتمالات قرباً وأشدها بشاعةً.
إنها الحرب التي بدأت بوادرها غير المباشرة منذ 2003 على الأرض العراقية وتتأججت الآن على الأرض السورية، وقبل كل هذا هي تحت السيطرة القلقة في لبنان، حرب اقليمية ما زالت تجري بالإنابة لكن يمكن أن يضطر اللاعبون الأساسيون، مع تطور الحدث السوري، الى التصادم المباشر لتحترق المنطقة كلها.
العراقيون يتخوفون من تحول الثورة السورية الى حرب اقليمية لا تبقي ولا تذر |
ويتساءل المتابعون، اذن .. أين يمضي متشددو المنطقة بنا؟
وللحصول على اجابات كانت الاسئلة تطرح على مواطنين من شرائح مختلفة.
يقول المحامي رزاق سعد الله: quot;هو المشروع الأميركي هذا ما اراه حقيقة، الحرب مقبلة لا محالة، التطرف في كل شيء اصبح يذكي وقود هذه الحرب، لم يعد هناك الكثير من المعتدلين، معظم الناس في بلداننا العربية وسواها تحولوا الى متشددين بفعل فاعل هو الغرب الذي يخطط لإضعاف العرب، وهذا التشدد ستكون له كلمة في ما يحدث على أرض الواقع، ان هؤلاء يمضون بالمنطقة نحو الكارثةquot;.
كامل السعدي الموظف في وزارة الثقافة يقول: quot;ستكون هنالك حرب لا نريدها وندعو الله ان لا تحدث، والاسباب ستكون دينية وهذا ما نراه حيث الجميع يتنادى بهذه الطروحات، نعم .. حرب دينية او انها تتستر بغطاء الدين، ولكن غاياتها اخرى، فالهيمنة والسيطرة تحتاجان الى مبررات مقنعة وموضوعية، وليس هنالك افضل من الدين لدق طبول الحرب والتحشيد،عندما كان الفلاح الاوروبي يقاتل في الحروب الصليبية من اجل الصليب كان القادة يستهدفون ثروات المنطقة وموقعها الاستراتيجي، فالراية الدينية استخدامها سهل جدا للتغطية على الغايات الكبيرةquot;.
وقال الكاتب سمير علي احمد:quot;الظروف غير الموضوعية التي تعيشها سوريا هي الاشد تطرفا في واقعنا العربي، فما نسمعه ونقرأه يؤكد ان المنطقة مقبلة على خطر كبير، هناك من يغذي العنف ولا يريد للمنطقة العربية ان تعرف الاستقرار وهناك فوائد كبيرة يحصل عليها الغرب من جراء الدمار الحاصل، اعتقد ان المحتربين في سوريا قد يستخدمون الاسلحة القذرة للقضاء على بعضهم البعض بعد ان اصبح خروج غالب من المعركة امرا مستحيلا في ظل ما يجري على الارضquot;.
اما المواطنة ايناس عبد الله فقالت: quot;لاشك ان ما يحدث يخشاه العقل الواعي القارئ جيدا لخارطة الاحداث، لكنني ارى ان عقل العالم بدأ يحتضر تماما، لصالح افيون الشعوب كما جرت تسميته، الا وهو الدين الذي أخذ يطيح بالرؤوس هنا وهناك، بواقع سمي الربيع العربي، لكنه في حقيقته (مؤامرة اميركية)، وهذه المؤامرة الاميركية راحت تلد عدة مؤامرات اقليمية صغيرة ايضا فارسية وعربية وحتى اسرائيلية، وكل هذه المؤامرات ما هي الا مواد كيمياوية ستنتقل بالشم واللمس والنظرquot;، على حدّ تعبيرها.
من جهته قال رهيف علي جامعي: الصورة السورية التي نراها اليوم مرعبة تماما، اذا ما حدث في سوريا شيء سلبي اكبر مما يجري الان، فأعتقد أن الكثير من ملامح خارطة المنطقة سيتغير، الجميع يترقب والجميع يغذي من جهته الخاصة به الحرب، والمصالح تبرز بشكل رهيب، وليس هناك اهتمام بالمواطن السوري الذي يقتل يوميا، الاحتدام واضح والكثير من الدول تنتظر من سيسقط بالضربة القاضية، وفي الحالتين هناك خسائر لا يردها الاخرون ان تكون لهم ، وهذا يجعلني اقول ان المقبل مما لا يحمد عقباه ويشعرني بالخوفquot;.
اما فريد الحمداني الموظف في وزارة الثقافة فيقول: quot;بالتأكيد ان ما يجري له علاقة بالدين اكثر من السياسة، المحرضون كثيرون والمتشددون اكثر وكل واحد يعتقد انه الفئة التي ستدخل الجنة لوحدها، هناك طائفية واضحة في كل ما يجري، طائفية اسلاموية يصفق لها الغرب ويذكي نارها، وفي النتيجة خراب بلاد المسلمين وتقهقرهم وتبديد ثرواتهم، هم يهبطون على المريخ ونحن ما زلنا نتعارك على احداث جرت قبل 1400 سنة، ونتشدد فيها ويقتل بعضنا بعضا، انا بصراحة اتخوف مما يحدث في سوريا لانه لايشبه ما جرى في بلدان اخرىquot;.
وقال فلاح ابراهيم وهو مدرس جامعي: quot;لا شك ان الخطر في سوريا يزداد، ولا اشك لحظة ان الحرب ستتسع، وان الخاسر سوف لاتهمه خسائر الاخرين، ولكن .. الا يمكن التأمل قليلا ومن ثم القول ان ما يحدث وراءه ايادٍ غربية ترفع شعرات الطائفية والدكتاتورية والحرية وتترك الامور تصل الى ذروة السوء لترسم بيدها خارطة التحرك الاقتصادي للعالم باكمله؟
الا يمكن ان ننظر الى الوراء قليلا ونبحث عن أسرار معاهدة سايكس بيكو التي بواسطتها قسمت الدول الامبريالية الوطن العربي على اساس جغرافي لتكون اسواقا لتصريف صناعاتها، وتدفع بهذه البلدان الى جنون التخلف والاستهلاك، فيما هي الان تمارس تقسيما من نوع اخر لتستفيد مباشرة من الثروات، ومن هنا يمكن القول ان سوريا ستشعل الفتيلquot;.
التعليقات