حالة كبيرة من الجدال مثارة حالياً حول سر استمرار وسائل الإعلام الإسرائيلية في التكهن باندلاع حرب مع إيران، وهو الأمر الذي أبرزته اليوم مجلة التايم الأميركية في تقرير مطول لها، أوضحت من خلاله أن الحديث المحموم عن طبول الحرب يبدو أنه يهدف إلى خلق الانطباع بأن إسرائيل ستهاجم إيران قبل انتخابات الرئاسة الأميركية.


نتنياهو خلال حضوره الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء

أشرف أبوجلالة من القاهرة: أشارت التايم إلى أن الصفحات الأولى للصحف الإسرائيلية الأربع الكبرى نشرت يوم الجمعة الماضي ما يبدو أنها حملة مكثفة، تعني بخلق الانطباع حول أن إسرائيل تهيئ نفسها لبدء حرب ساخنة مع إيران في أي وقت خلال الاثني عشر أسبوعاً المقبلة ndash; بغضّ النظر عن الاعتراضات، التي قد تبديها الولايات المتحدة وباقي القوى الغربية ndash; وبالتأكيد الاعتراضات التي قد يبديها كثيرون في المؤسسة الأمنية في إسرائيل.

وهو المعنى الذي نقلته بالفعل صحف يديعوت أحرونوت وهآرتس ومعاريف ويسرائيل هايوم، باتفاقهم جميعاً على أن الضربة الإسرائيلية لإيران أضحت وشيكة.

لكنّ واحداً من أبرز كاتبي المقال في إسرائيل، وهو بين كاسبيت، من صحيفة معاريف، حاول أن يهدئ من تلك الحملة الإعلامية المشتعلة، حيث قال: quot;أدعوكم جميعاً إلى أن تهدؤوا، فلم يحدث ثمة شيء جديد بخصوص الاحتمالية المتعلقة بشنّ هجوم على إيران خلال آخر أسبوعين. فمجلس الوزراء لم يعقد اجتماعاً، ولم يقم وزير الدفاع باستدعاء القيادة العامة للجيش، ولم يتم التحصل على معلومات جديدة بهذا الخصوص. وكل ما هو معلوم اليوم كان معلوماً أيضاً قبل أسبوعين وقبل شهرينquot;.

وأضاف كاسبيت أن الحديث الجديد عن quot;ضرب إيرانquot; غير مبني على أي تحول كمّي في طبيعة العمل النووي الإيراني. وأعقبت المجلة بإشارتها إلى تقديرات المخابرات الأميركية، التي تقول إنه وعلى الرغم من استمرار تجميع إيران للوسائل التي تستخدم في تطوير الأسلحة النووية، إلا أن طهران لم تنتقل حتى الآن إلى تخصيب اليورانيوم من أجل تطوير أسلحة أو من أجل البدء في تطوير قنبلة نووية بصورة فعلية. كما إنها لم تتخذ قراراً استراتيجياً بعد في ما يتعلق بهذا الأمر.

وأشارت المجلة إلى أن المشكلة الآن تتمثل في أن quot;الخطوط الحمراءquot; بالنسبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة في ما يتعلق بالرد عبر عملية عسكرية هي خطوط مختلفة، فبينما تعهد أوباما باللجوء إلى الخيار العسكري لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، سبق لإسرائيل أن أكدت أنه لن يسمح لإيران بالاحتفاظ بالقدرة التي تتيح لها تطوير مثل هذه الأسلحة.

ثم مضت المجلة تشير إلى أن بعض التكهنات في إسرائيل تتحدث عن أن نتنياهو وإيهود باراك قد يستفيدان من نافذة الفرص التي سيتيحها موسم الانتخابات الأميركية، الذي سيترك إدارة أوباما ضعيفة بخصوص الملف الإيراني لمنح الإدارة أمراً واقعاً.

تقف أميركا وقوى غربية أخرى أمام إسرائيل في ما يتعلق برغبتها في شنّ حرب، يرونها ستكون كارثية، من أجل تحقيق مكاسب محدودة للغاية، في الوقت الذي يدرك فيه الإسرائيليون منذ فترة طويلة أن تهديدهم بشنّ هجوم عسكري أحادي الجانب يعطيهم القدرة على التأثير على القوى الغربية لفرض عقوبات أشد والضغط على إيران.

وخلصت معظم التحليلات الغربية خلال الأشهر الأخيرة إلى أن إسرائيل لن تجازف ببدء الحرب قبل تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وأن العقوبات التي تعمل بثبات على تآكل المستويات المعيشية في إيران سيتم منحها المزيد من الوقت للإضرار أكثر باقتصاد البلاد.

لكن التايم مضت تشير إلى أن هناك بعداً سياسياً داخلياً أيضاً، في ظل الانتقادات التي يتعرّض لها نتنياهو وباراك من جانب كثيرين من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بسبب موقفهم الخاص بتهديد الحرب مع إيران من دون الحصول على دعم من أميركا.

وأعقبت المجلة بقولها إن تعقل نتنياهو وباراك لن ينجح على الأرجح في إقناع المتشككين الإسرائيليين في جدوى العملية العسكرية ضد إيران، نظراً إلى وجود تساؤلات شعبية غير مسبوقة بخصوص الكفاءة الإستراتيجية لكبار صناع القرار في إسرائيل.

وختمت المجلة بتأكيدها على أن الشكوك المثارة حالياً داخل المؤسسة الأمنية، وبين قادة الجيش، بشأن القرار الخاص بمهاجمة إيران في تلك المرحلة سوف تؤخذفي الاعتبار كذلك في تحليلات العواصم الغربية بشأن احتمالية خوض إسرائيل الحرب، ومن ثم إضعاف النفوذ الذي كانت قد اكتسبته من خلال تهديداتها بشنّ الحرب.