إيرانيّة إلى جانب ملصقات دعائية لمرشحين إلى انتخابات مجلس الشورى

بعد أن رفضت السلطات الإيرانية طلبات 1200 مرشح لانتخابات مجلس الشورى الإيراني التي ستجري الجمعة، فإن 3444 آخرين سمح لهم التنافس على 290 مقعداً في المجلس وسط توقعات بمشاركة ضعيفة إثر مقاطعة الإصلاحيين وهيمنة المتشددين على المشهد الانتخابي، وحيث فرضت السلطات إجراءات صارمة على استخدام شبكة الانترنت وشنها حملة اعتقالات استباقية لإحباط أي محاولات للاحتجاج على النتائج.


أجازت السلطات الإيرانية لحوالي 3444 مرشحًا خوض المنافسة في دورة انتخابات مجلس الشورى الإيراني التاسعة، والمقررة غداً لاختيار 290 نائبًا حيث تقدم 5395 شخصاً للترشح لكن السلطات رفضت طلبات 1200 منهم لعدم رضاها عن توجهاتهم.

منع مرشحين من خوض التنافس

فقد رفضت وزارة الداخلية في الأساس أهلية المعارضين لأحمدي نجاد، ولكن مجلس الأمناء أعادهم جميعاً، لكنه بدوره رفض أهلية اكثر من 600 شخص من انصار احمدي نجاد، كما رفض اهلية جميع اولئك المتورطين بالفساد المالي وخاصة المتورطين بفضيحة سرقة 3000 مليار تومان، وبينهم خمسة نواب حاليين، كما أن من بين الذين رفضت اهليتهم نائب رئيس المجلس شهاب الدين صدر ومحمود علوي العضو الحالي في مجلس الخبراء.

ويتوجب على المرشحين أن يكونوا إيرانيين وتتراوح اعمارهم مابين 30 و75 عامًا، واعتبارهم مخلصين للدستور ويقرون بالسلطة المطلقة لولي الفقيه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وأن يكونوا من حملة شهادة الكفاءة الجامعية quot;أو ما يعادلهاquot;.

وبلغ عدد الناخبين المسجلين 48 مليوناً و288 الفاً و799 ناخباً فيما تم توزيع 47 ألفاً و655 صندوق اقتراع في مختلف أنحاء البلاد. ويسيطر المحافظون حاليًا على مجلس الشورى وتعذر على هؤلاء تشكيل جبهة موحدة فطرحوا لوائح عدةلمرشحيهم، كما طرح عدد من الأحزاب الإصلاحية الصغيرة لائحة في طهران وعددًا من المرشحين في المحافظات بعد أن حظر القضاء الأحزاب الإصلاحية الكبرى، ولذلك فإنها ستكون غائبة عن التنافس في هذه الانتخابات.

ويضم مجلس الشورى الحالي حوالي 60 نائبًا إصلاحيًا، وستكون هذه الانتخابات الاولى منذ انتخابات العام 2009 الرئاسية التي شهدت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد وأثارت تظاهرات احتجاج شعبية غير مسبوقة في مختلف أنحاء البلاد.

تحديات

وهذه الانتخابات هي الاولى بعد الربيع العربي حيث يواجه النظام الإيراني تحديين رئيسيين الاول هو التأكيد على أن في إيران quot;انتخابات حرةquot;، الأمر الذي يتطلب في الحد الادنى الحرية لأجنحة النظام نفسه. ثم أن بدء احتجاجات اجتماعية أمر غير مقبول على الإطلاق حيث الحملات الانتخابية داخل فصائله تبرز استياء الشعب وتؤدي الى تفجر احتجاجات شعبية والنظام على يقين بأنه اذا اندلعت الاحتجاجات هذه المرة فلن يكون بوسعه السيطرة عليها.

وقد ألقى خامنئي العديد من الخطب حول أهمية الامن في الانتخابات، فيما أكد مصلحو وزير المخابرات وقادة الحرس ومسؤولون آخرون على أمن الانتخابات وخططهم لضرب أي احتجاج، كما أن الصراعات بين الفصائل المختلفة في النظام التي كانت شريكة طيلة 34 سنة مضت قد وصلت الى الذروة.

وقد قرر رفسنجاني وخاتمي رئيسا الجمهورية السابقان الامتناع عن تقديم قائمة مرشحيهما الى هذه الانتخابات. وقال خاتمي في جلسة مع انصاره: quot;ينبغي أن لا نُسخّن فرن هذه الانتخابات، لأنهم لن يعطونا حتى الخبز المحروقquot;. وخلال السنوات العشرين الماضية من مرحلة حكم خامنئي ظل النظام حريصاً على تقديم مظاهر تنافس انتخابي تحت عنوان جناحي المتشددين والإصلاحيين ولكن بامتناع الإصلاحيين رسمياً عن المشاركة هذه المرة تصبح انتخابات المجلس التاسع عملياً انتخابات داخل جناح المتشددين بمفردهم أي الحزب الواحد.

أجنحة المتشددين

المتشددون الموالون لخامنئي لديهم في طهران 16 قائمة انتخابية، أي أن اغلبية المجلس الحالي الموالية لخامنئي ولديها 212 مقعداً توزعت الان على 16 قائمة تتمثل في ثلاثة أجنحة رئيسية:

- جناح المتشددين التقليديين ويسمون انفسهم quot;جبهة الاصوليين المتحدةquot;، بقيادة الملا مهدوي كني، رئيس مجلس الخبراء، ومن ضمنهم علي أكبر ولايتي وحزب المؤتلفة وعلماء الدين المناضلون وعلي لاريجاني وقالي باف.

- جبهة الثبات وكان اعضاؤها من انصار أحمدي نجاد في الانتخابات السابقة لكنه بعد ظهور انحرافه كما يقولون واصلوا طريقهم في معارضته بشدة. وتضم الجبهة الوزراء الذين اقالهم احمدي نجاد قبل 6 سنوات من حكومته وأعضاء حاليين في المجلس كانوا سابقاً من انصار الحكومة، ويقود هذه الجبهة الملا مصباح يزدي.

- أنصار خطاب احمدي نجاد وهم الموالون للرئيس الإيراني.

قوائم المحافظين والإصلاحيين

وقد تقدم المرشحون المحافظون الى الانتخابات موزعين على 16 قائمة في طهران وهي:

- جبهة المحافظين المتحدة، وقد حاول خامنئي منذ سنة أن يجمع تحت مظلتها وبإشراف مهدوي كني ومحمد يزدي وولايتي وعسكر اولادي جميع انصاره وأن يتقدم المتشددون بقائمة انتخابية واحدة غير أنه فشل في ذلك، واصبحت هناك 16 قائمة ( تقدموا بقائمة تضم 30 شخصاً في طهران).

- الجبهة من أجل الاستقرار، وتضم هذه الجبهة انصار احمدي نجاد السابقين (وكانت تسمى في الانتخابات السابقة خدمة الروائح )، وهم يصرون على أن احمدي نجاد قد انحرف وأن طريقهم هو الصحيح ، ويشكل وزراء الحكومة ومؤيدوها السابقون نواتها الرئيسية وشيخهم هو الملا مصباح يزدي.

- جبهة الصمود وهي مجموعة محسن رضائي وفي رأس قائمتها الملا محمود علوي العضو الحالي في مجلس الخبراء، والذي رفضت اهليته للترشح بسبب فساده.
- جبهة البصيرة والصحوة وزعيمها هو شهاب الدين صدر نائب رئيس المجلس ويتصدر قائمتها وقد رفضت أهلية شهاب الدين صدر بسبب تورطه في ملف اختلاس.
- صوت الأمه أو المنتقدون.. جبهة منتقدي الحكومه تضم علي مطهري وعباس بور وحميد رضا كاتوزيان.
- ائتلاف المحافظين الكبير ومن اعضائه حسن غفوري فرد النائب في المجلس الثامن وقد أعلن في 25 شباط الحالي أنه سيتم حله ولكن في اليوم التالي اعلن حسن حسن غفوري فرد في حوار مع وكالة انباء مهر أن الائتلاف لم يحل.
- البنّاؤون الجهاديون ويقال إنهم بدعم من البلدية مرتبطون برئيس بلدية طهران قالي باف.
- جبهة حماة الولاية وفي رأس قائمتها علي مطهري.
- جبهة التوحيد والعدالة أو أنصار الحكومة.
- جبهة الأكاديميين للثورة الإسلامية وامينها العام محمد مرندي.
- جبهة الإتحاد الوطني والتضامن الإسلامي بزعامة الملا محمد مهدي تسخيري.
- حركة العدل والرحمة وفي رأس قائمتها ابوتراب فرد.
- مجلس التنسيق لقوى الثورة الإسلامية تحت عنوان quot;قائمة الوحدةquot; وعلى رأسها حداد عادل.
- حزب الحضارة الإسلامية وفي رأس قائمتها علي مطهري.
- جبهة شباب إيران اليوم وفي رأس قائمتها حداد عادل.
- ائتلاف المرشحين المستقلين في جميع انحاء البلاد وفي رأس قائمته علي مطهري.

أما الإصلاحيون المشاركون فهم في ثلاث قوائم:
- حزب الديموقراطية.
- الجبهة الشعبية للإصلاحات.
- بيت العامل.. ومن مرشحيها مصطفى كواكبيان وعلي رضا محجوب وسهيلا جلودارزاده وسيد حسين هاشمي.

العسكر يدعمون جبهة الصمود المؤيدة لخامنئي

في حين أن قوات الحرس الثوري ظلت حتى الثلاثاء الماضي تدعو بشكل عام الى المشاركة في الإنتخابات، وكانت نشطة للغاية في هذا المجال وحاولت بندواتها المتعددة اخراج قوات الحرس والبسيج من السلبية وجر افرادها الى المشهد الانتخابي الا أن كل من المساعد لشؤون الثقافة والإعلام في القيادة العامة للقوات المسلحة والمساعد للشؤون الثقافية والإجتماعية للقائد العام لقوات الحرس قد اكدا دعمهما التام لجبهة الصمود التي تدعم خامنئي.

واكد العميد حرس مسعود جزائري المساعد للشؤون الثقافية والإعلامية الدفاعية في القيادة العامة للقوات المسلحة دعم مواقف جبهة الصمود وقال: quot;إن جميع الذين هم في مواقع القيادة والإدارة والتخطيط والترغيب الذين سايروا قضايا فتنة 2009 أو التزموا الصمت ازاء هذا الظلم الفادح الذي تعرضت له الثورة أو أولئك الذين نظروا الى هذا المشهد المضاد للثورة بعين الريبة والشكوك لا يملك أي منهم اهلية للإتكاء على ممثلي الشعب في مجلس الشورى الإسلاميquot;( الشعار الرئيسي لجبهة الصمود واختلافها مع جبهة المحافظين المتحدة هي حول الصامتين على الفتنة، أي رفسنجاني ولاريجاني وقالي باف وباهنر وغيرهم).

اما العميد حرس حميد رضا مقدم فر نائب القائد العام لقوات الحرس للشؤون الثقافية والإجتماعية فقد قال في تجمع لعدد من طلاب جامعة quot;الإمام الصادقquot; إن وجود 16 قائمة انتخابية بين المحافظين جعله يشعر بالقلق.. ولذلك فقد اتخذ موقفاً متشدداً ضد قائمة علي مطهري وعلي لاريجاني ومحمد قالي باف وقال:quot;إنهم يخطّئون صوت الأمة بصورة كاملة ويصطادون في المياه العكره وهدفهم من انتقاد الحكومة ليس التقرب بل لجذب اصوات المواطنينquot;.

وقد جاءت تصريحات المسؤولين في قوات الحرس بدعم جبهة الصمود في وقت أعلنت فيه ايضا ًبعض مواقع محمود احمدي نجاد في الايام الاخيرة أنها ستصوت لصالح قائمة جبهة الصمود وقالت:quot;وثمة مشتركات ذات مغزى بين quot;جبهة التوحيد والعدلquot; وquot;جبهة الصمودquot; تظهر التحالف الخفي بين الحكومة وهذا التيار السياسي المحافظ.

توقعات بمشاركة ضعيفة

وتشير توقعات سياسيين ومحللين إيرانيين تحدثت معهم quot;ايلافquot; الى أن المشاركة في الانتخابات ستكون منخفضة بسبب امتناع معظم الهياكل الشعبية بسبب احداث عام 2009 بمن فيهم غالبية الطلبة الجامعيين والهيكل الاجتماعي الذي عانى في اضطرابات 2009 الاجتماعية، وكذلك لعدم وجود الحد الادنى من أجواء التنافس وغياب مرشحين مميزين حيث أن مؤيدي خامنئي وحدهم في المشهد الانتخابي حالياً.

ويقول هؤلاء المحللون إن من العوامل الاخرى التي تدفعهم لتوقع مشاركة منخفضة في الانتخابات هو سلبية وتوتر قوات النظام مثل البسيج وقوات الحرس بسبب الخلافات داخل المتشددين وخصوصاً انعدام الثقة بين قادتهم بعد اعتكاف احمدي نجاد بمنزله 11 يوماً مؤخراً، إضافة الى عمليات تزوير متوقعة لأن النظام وبعد مقاطعة اثنين من رؤساء الجمهورية السابقين للانتخابات يسعى إلى أن يظهر بأن الغالبية العظمى من الشعب الإيراني قد شاركت فيها إضافة الى ان كل جهة ستسعى الى الحصول على اكثر عدد من المقاعد.

وفي مواجهات استباقية لمنع أي احتجاجات على نتائج الانتخابات تقوم السلطات الإيرانية منذ ايام بحملة اعتقالات واسعة في العاصمة طهران والمدن الاخرى ضد جميع الذين يتوقع تنظيمهم لهذه الاحتجاجات الاجتماعية أو أنهم بصدد المشاركة فيها. كما أن السلطات وضعت شبكة الانترنت تحت سيطرتها الكاملة وأخضعت مقاهيه للرقابة ولم يعد يستطيع أي شخص استخدامها الا بعد الاطلاع على هويته الشخصية ثم تتم المراقبة في المكان نفسه والاطلاع على الرسائل المتبادلة واعتقال كل من يحاول تسريب معلومات معارضة للسلطات.