العاهل السعودي يستقبل الوفود وإلى جانبه الرئيس الإيراني

لندن: حرص العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على جلوس الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى جانبه لدى استقبال قادة الدول المشاركة في القمة الاسلامية،ما اعتبره مراقبون بادرة حسن النية والتفاتة تصالحية قبل أن تقرر منظمة التعاون الاسلامي تعليق عضوية سوريا.

وكان الاجتماع الوزاري التمهيدي وافق على تعليق عضوية سوريا بسبب حملة البطش التي يواصلها نظام الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة. وتوقع معلقون أن يُقَر الأربعاء تعليق عضوية سوريا الذي يتطلب موافقة ثلثي الدول الأعضاء ولكنه يلقى معارضة شديدة من إيران.

وتتخذ السعودية وإيران بوصفهما لاعبين كبيرين في الشرق الأوسط مواقف متعارضة من جملة قضايا اقليمية بينها الأزمة السورية. وتتفق تركيا، اللاعب الكبير الآخر، مع السعودية على دعم المعارضة والدعوة الى انتقال سياسي في سوريا.

وبمبادرة العاهل السعودي الى إعطاء الرئيس الإيراني مثل هذا الموقع المرموق في القمة الاسلامية، وبث ذلك على قنوات تلفزيونية بينها التلفزيون السعودي، يكون الملك عبد الله أقدم على التفاتة وصفها محللون بالمهمة. وقال المحلل السعودي عبد الله الشمري quot;إنها رسالة الى الشعب الإيراني والى الشعب السعودي، على ما افترض، بأننا مسلمون وعلينا أن نعمل معًا وننسى خلافاتناquot;.

وكان أحمدي نجاد جلس على يسار العاهل السعودي بلباسه العربي التقليدي فيما ارتدى الرئيس الإيراني بدلة داكنة بلا ربطة عنق على عادة المسؤولين الإيرانيين. وعرضت قنوات تلفزيونية الملك والرئيس يتبادلان اطراف الحديث ويضحكان احيانًا.

ومع وصول كل زعيم، بمن فيهم رؤساء دول كبيرة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا كان العاهل السعودي ينهض لتحيته ثم يتبعه الرئيس الإيراني في التحية. وجلس امير قطر، الذي يدعم المعارضة السورية على غرار المملكة، على الجانب الآخر من الملك عبد الله.

وكان محللون تكهنوا بأن القمة الاسلامية الاستثنائية في جدة يمكن أن تشهد مواجهة بين إيران وما سموه دولاً سنية بقيادة السعودية بسبب دعم طهران للرئيس بشار الأسد في حملته لقمع الانتفاضة المستمرة ضد نظامه منذ 17 شهرًا.

ونقلت وكالة رويترز عن استاذ العلوم السياسية السعودي خالد الدخيل قوله: quot;اعتقد أن الملك عبد الله يحاول أن يبلغ أحمدي نجاد بأنه اياً كان ما تريده السعودية في ما يتعلق بسوريا فإنه لن يكون موجهاً ضد إيرانquot;.

ودعت السعودية الى تمكين السوريين من حماية انفسهم إذا لم يتمكن المجتمع الدولي من حمايتهم ودانت نظام الأسد لاستخدامه القوة ضد المدنيين. ورددت إيران من جهتها رواية نظام الأسد بأن quot;عصابات ارهابيةquot; تمزق وحدة سوريا مدعومة من دول خليجية والغرب.

وكانت الرياض اتهمت طهران بإذكاء الفرقة في بلدان خليجية مثل البحرين والعمل على إثارة أعمال شغب في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية من المملكة. وتنفي إيران مسؤوليتها عن الاضطرابات التي تشهدها دول خليجية وتتهم حكوماتها بقمع المعارضة الشيعية فيها.

وقال محللون إن الهدف من إجلاس احمد نجاد الى جانب عبد الله هو التصدي للنعرات الطائفية في عموم الشرق الأوسط. وقال المحلل السياسي عبد الله الشمري إن الملك عبد الله كان يُري الشيعة ما معناه quot;اننا لم نحاول تجاوزكم وتجاهلكمquot;، وأنه quot;كان يُري السنة أن أحمدي نجاد موجود هنا وهو مسلم ايضًا ولا يختلف عناquot;. وتأكدت هذه الرسالة في كلمة الافتتاح التي القاها العاهل السعودي داعيًا الى تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الاسلامية يكون مقره الرياض.

وكانت أهم نتيجة خرجت بها القمة الاسلامية قرار منظمة التعاون الاسلامي ليل الثلاثاء تعليق عضوية سوريا بسبب استمرار نظام الأسد في سفك دماء السوريين. وبهذا القرار تُستكمل دائرة العزلة التي يواجهها النظام السوري في عموم العالم الاسلامي.

واكد الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلو أن قرار تعليق عضوية سوريا اتُخذ بأغلبية الأصوات خلال اجتماع وزراء الخارجية في قصر المؤتمرات. واشار الى استقبال القرار بارتياح الجميع قائلاً إن هذا ما اراده غالبية الأعضاء ولم تكن هناك معارضة تُذكر ضده.

وناشد احسان اوغلو الرئيس السوري أن يستمع الى صوت العالم الاسلامي. وقال إنه يريد أن يقول للأسد أن من واجب القادة أن يضحوا من اجل شعوبهم، quot;وعليه أن يرحل من اجل شعبهquot;. وعكف وزراء الخارجية من 57 دولة مسلمة على وضع اللمسات الأخيرة على قرارات القمة. وكان رؤساء الدول والحكومات ووزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي توافدوا على جدة لحضور القمة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين.

وبحث وزراء الخارجية عدداً من المقترحات والقضايا والتحديات التي تواجه العالم الاسلامي في جلسة مغلقة. وتناول البحث معاناة مسلمي الروهينجيا في بورما ومحاولات اسرائيل لتغيير معالم التاريخ وتقسيم المسجد الأقصى والوضع في مالي الى جانب قضايا أخرى.

وفي غياب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي يقضي فترة نقاهة في المستشفى بعد خضوعه لجراحة صغرى ترأس اجتماع وزراء الخارجية نائبه الأمير عبد العزيز بن عبد الله الذي القى كلمة الأمير الفيصل بالنيابة عنه.