فرضت الداخلية الجزائرية شرط حصول الأحزاب على نسبة 7 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، كآلية ستحكم سيرورة انتخابات تجديد المجالس المحلية المزمع عقدها في 29 تشرين الثاني/نوفمبر القادم، وهو quot;فخquot; ينذر بتلاشي حظوظ ما لا يزيد عن الأربعين تشكيلة من بين 47 حزبا ينشط في الجزائر.


الجزائر: في تصريحات خاصة بـإيلاف، يتوقع جمهور الساسة والمراقبين أن تشهد قادم الأيام، استعار حمى التكتلات الحزبية، حتى تعزّز كثير من الأطياف السياسية حظوظها في ثاني اقتراع تشهده البلاد هذا العام.
وينص القانون العضوي الخاص بنظام الانتخابات المحلية على ضرورة تحصيل الأحزاب والمرشحين الأحرار لنسبة 7 بالمائة من الأصوات المعبر عنها بغرض الحصول على مقاعد في المجالس البلدية والولائية، وينص القانون المذكور على أنّ quot;توزيع المقاعد المطلوب شغلها بين القوائم بالتناسب، سيتم وفق عدد الأصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة البقاء للأقوىquot;.

هذه الأحكام يراها مختصو الشأن السياسي في الجزائر، عقبة ستقطع الطريق على أكثرية الأحزاب باستثناء أربعة أحزاب أو خمسة يمكنهم تجاوز هذا الحاجز، وبالتالي فإنّ عديد مكونات المشهد السياسي المحلي ستختفي، ويبقى الخيار الأوحد لعديد التشكيلات المهددة بالزوال هو إبرام تحالفات انتخابية حتى لا تتجرع هزيمة متجددة أمام القوى التقليدية، علما أنّ تشريعيات العاشر آيار/مايو الماضي، لم تُمكن عشرات الأحزاب من الحصول على نسبة 5 % من الأصوات المعبّر عنها آنذاك، ما عجّل بإقصائها.

يبرز quot;عيسى قاساquot; الناطق الرسمي باسم جبهة التحرير (حزب الغالبية)، أنّ إبرام تحالفات هو الفرصة الوحيدة للأحزاب الصغيرة حتى تتجنب تكرار سيناريو سقوطها الحرّ قبل ثلاثة أشهر، ويقدّر قاسا أنّ التكتلات ستساعد التشكيلات المعنية على تجاوز إفرازات quot;قلة الخبرةquot; وquot;سوء التقديرquot;.

عدد كبير من الأحزاب الجزائرية مهددة بالتلاشي ما لم تندمج في تكتلات سياسية استعدادا للانتخابات المقبلة

بدوره، يشدّد quot;ميلود شرفيquot; المتحدث باسم quot;التجمع الديمقراطيquot; (حزب علماني حلّ ثانيا في آخر اقتراع)، أنّ رهان 7 بالمائة سيكون حملا ثقيلا على الأحزاب الجديدة والصغيرة، لاسيما مع انفراد الاستحقاقات المحلية بخصوصية التنافس الشرس بين أبناء الحي الواحد والبلدية الواحدة، وهو ما سيضطر التشكيلات المفتقرة إلى قدرات استيعابية كبيرة، لتشكيل قوائم موحدة مع أخرى قريبة منها في الطرح والتوجّه.

من جانبه، يجزم quot;جلول جوديquot; الناطق عن quot;العمالquot; (حزب اليسار) أنّ تداخل الظروف السياسية الحالية مع كثرة عدد الأحزاب، سيحول دون تجاوز المتسابقين في انتخابات الخريف لعتبة 7 بالمائة، إذ يتوقع تشتت الأصوات وسط ضعف إقبال الناخبين، ويوقن جودي أنّ المحليات المقبلة ستكون فاقدة لمعناها بعدما شعر مواطنوه بالإحباط بعد الذي حصل في التشريعيات واحتمال اجترار التزوير.

في سياق متصل، صنّفت quot;نعيمة صالحيquot; رئيسة العدل والبيان (حزب ناشئ) الـ7 بالمائة بمثابة quot;محوّل للأصواتquot;، ما سيبقي الأوضاع في بلادها دون أي تغيير على حد تعبيرها، لاسيما مع استبعادها نجاح تكتل الأحزاب الصغرى في ترجيح الكفة، بحكم quot;آلة التزويرquot;.

إلى ذلك، يتهّم quot;محمد حديبيquot; القيادي في حركة النهضة (حزب إسلامي) السلطة بالسعي لإزاحة أحزاب quot;مزعجةquot; عبر إقرار نسبة 7 بالمائة quot;التعجيزيةquot; على حدّ وصفه، بينما يشدّد quot;جمال بن عبد السلامquot; متزعم الجزائر الجديدة (حزب ناشئ) على أنّ الإشكالية لا تكمن في quot;النسبة الإقصائيةquot;، بقدر ما تتعلق في تصوره بما يسميه quot;إصرار دوائر القرار على التزويرquot;، محيلا على أنّ اعتماد المزيد من الأحزاب الجديدة هو بمثابة quot;نية تزوير علنيةquot;، بالتزامن مع يقين quot;عبد العزيز بلخادمquot; الأمين العام لجبهة التحرير بقدرة الأخيرة على اكتساح المحليات مثلما فعلت في التشريعيات.

الاقصاء شبح يطارد الأحزاب الصغرى

يذهب فريق من المراقبين السياسيين إلى أنّ الأحزاب quot;الصغيرةquot; ليس لها القدرة على تخطي عتبة 7 بالمائة من الاصوات المعبر عنها، ما يجعلها معرّضة إلى الاقصاء في الانتخابات المحلية.

ويسوّغ quot;ناصر جابيquot; الاقصاء المحتمل لتلك الأحزاب بـquot;ضعفها من حيث التنظيم وافتقارها إلى التجربة والقدرة على تجنيد الشارع، ويقلل جابي من قدرة التكتلات المرتقبة في تجاوز النقائص، طالما أنّ الأحزاب المعنية بحسبه quot;لا تملك برامج سياسية وقواعد نضاليةquot;، وquot;تفتقر إلى ثقافة التوافق في ما بينهاquot;.

من جهته، لا يمنح quot;عبد العالي رزاقيquot; أي حظ للأحزاب الصغيرة، مستشهدا بكونها غير قادرة على وضع قوائم انتخابية عبر 1541 بلدية، وقد تشكّل التكتلات مخرجا غير فعّال لتفادي نكسة متوقعة.

ويتفق كل من د/quot;محند برقوقquot; وquot;مراد شحماطquot; في كون الانتخابات المحلية القادمة لها quot;ميزة خاصةquot; وأنّ الأحزاب الصغيرة ستكون أمام quot;تحدٍ كبيرquot; من أجل التموقع، لكون غالبيتها غير معروفة على مستوى القيادات ومجهولة على مستوى البرامج، في معادلة تختزل الطموح غير العقلاني وقلة التجربة السياسية.