قرار الانتخابات الذي أقره الملك عبدالله يشير الى خطأ في مسيرة الاصلاحات

يواجه داعمو الإصلاحات الديمقراطية في الأردن ورطة سياسية حادة، في الوقت الذي ما زالوا يتدارسون فيه ما إن كانوا سيقاطعون الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر العام الجاري أو سيشاركون في العملية الانتخابية التي يعتبرها كثيرون متعثرة للغاية.


القاهرة: في ضربة قوية لتطلعات الإصلاحيين في الأردن، أكدت بالفعل جماعة الإخوان المسلمين، وهي أكبر جماعات المعارضة هناك، أنها ستقاطع الانتخابات، التي تعتبر ذات أهمية خاصة، لأنها ستكون أول انتخابات تشهدها المملكة منذ بدء موجة الربيع العربي.

ورغم تعهد الملك عبد الله كثيراً بإجراء الانتخابات هذا العام، إلا أن المحللين وناشطي المعارضة يزعمون أن قانون الانتخابات الأردني الجديد المثير للجدل، الذي أقره الملك الشهر الماضي، يقدم أوضح إشارة حتى الآن إلى أن الجهود الإصلاحية في البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. حيث يعني ذلك أن الجزء الأكبر من المقاعد في البرلمان الجديد سيتحدد مرة أخرى من خلال جولات الإعادة المباشرة في الدوائر الانتخابية.

وأوردت في هذا السياق صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن منتقدين قولهم إن النظام غير منصف، لأنه يفضل بشكل كبير المناطق الريفية محدودة الكثافة السكانية على حساب المدن، وهو ما سيسفر عن هيئة تشريعية غير متناغمة مع التركيبة السكانية الحقيقية للأردن. كما حذر هؤلاء المنتقدون من أن القانون الانتخابي الجديد يشجع الناخبين على تأييد مرشحين لديهم انتماء قبلي، ما يمنع بالتالي ظهور أحزاب سياسية قوية ومتماسكة. وباستثناء جماعة الإخوان، تعتبر باقي الأحزاب ضعيفة عموماً. ويخضع البرلمان الحالي للمصالح القبلية، التي تدعم النظام عادةً.

وأشار محللون في هذا الإطار كذلك إلى أن الخوف المبالغ فيه هو أن تتمخض انتخابات العام الجاري مرة أخرى عن برلمان هش ومجزأ يفتقد إلى القدرة والرغبة في توفير ثقل موازن للصلاحيات الدستورية الكبرى التي يتمتع بها النظام الملكي في الأردن.

ففي خطوة جديدة تهدف إلى الحد من حرية الملك المطلقة في تعيين وإقالة الحكومات، تعهد الملك عبد الله مؤخراً تعيين حكومة بعد الانتخابات تعكس آمال البرلمان، الذي يحظى تشكيله بأهمية خاصة بالنسبة إلى المعسكر الإصلاحي في الأردن. لكن باعتباره مَعلَما محتملا على الطريق صوب نظام حكم أكثر ديمقراطية، بدا من المؤكد أن الانتخابات ستتأثر بمقاطعة المعارضة وإقبال منخفض من قبل الناخبين.

وأعلنت الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين عدم المشاركة في الانتخابات، وأدان نظام التصويت الجديد، معتبراً إياه quot;نظاما غير دستوريquot;. ومن المتوقع أن تقاطع العديد من جماعات المعارضة الصغرى تلك الانتخابات، ما جعل المحللين يتوقعون ضعفا في الإقبال من جانب الناخبين وأن نسبته من الممكن أن تقل حتى عن الـ 50 %.

وقال موسى شتيوي وهو مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الأردن quot; طلبت المعارضة، خاصة الإسلاميين، قانوناً انتخابياً اعتبرته الحكومة محاولة لزيادة قوتها، وبالتالي اعتباره وسيلة لتغيير قواعد اللعبة. لكن الحكومة لا تريد تغيير تلك القواعدquot;.

وقال احد الدبلوماسيين الغربيين في عمان: quot;إذا تمت مقاطعة الانتخابات وكان هناك إقبال ضعيف، فسيقول الناس ببساطة إن الإصلاحات الديمقراطية في الأردن قد فشلتquot;.

وتابع حديثه في الإطار ذاته بالقول: quot;وهناك خطر حقيقي بأن يقل عدد الأشخاص المسجلة أسماؤهم للتصويت في الانتخابات دون الـ 50 % من إجمالي عدد السكان ndash; وهو ما سيظهر عدم وجود حراك جاد صوب الإصلاحات الديمقراطية المرجوة هناكquot;.

وأضاف أحد الساسة الأردنيين البارزين:quot;هذا إخفاق آخر وعقبة أخرى. والخوف الرئيس الآن بالنسبة للحكومة والنظام هو الإسلاميونquot;. وأوضح بعض المراقبين أن العقبة الأخيرة بالنسبة إلى معسكر الأردن الإصلاحي يعكس عدة أمور ليس أقلها عدم وجود ضغط شعبي لإحداث مزيد من التغييرات الجذرية. وعاود شتيوي ليقول quot;الأردنيون مشوشون. والناس يريدون التغيير لكنهم لا يريدون إثارة ضجة في الوقت ذاتهquot;.