أسرة سورية في مخيم للاجئين في باب السلام - 29 آب 2012

يطمح الملازم السوري المنشق حسن أبو علي بالعودة إلى فرنسا لـquot;يتنشق رائحة الحريةquot;، بعد أن نجح في الهروب من سوريا إلى تركيا، حيث يترقب بقلق المصير ذاته الذي يلوح امام آلاف اللاجئين الذين لا يملكون أوراقًا شرعية.


ريحانلي: يختصر الملازم أول حسن أبو علي تفاصيل انشقاقه مؤخرًا عن الجيش السوري النظامي وهروبه من سوريا الى الجارة تركيا قبل العودة الى فرنسا بعبارة واحدة: quot;إنها معجزةquot;.

وقبيل انخراطه في الجيش، عاش حسن (37 عامًا) الذي يحمل شهادة دكتوراه في الاداب من جامعة بلاز باسكال دو كليرمان فيران في وسط فرنسا، ودبلوم علوم اجتماعية من مدرسة الدراسات العليا في باريس، ثمانية اعوام في فرنسا.

ويقول عنها quot;إنها ثمانية اعوام من الحريةquot;. ولدى عودته الى سوريا العام 2009، اجبر على الانخراط في الخدمة العسكرية رغم سنه وموقعه كبروفيسور مساعد في كلية الاداب في حلب شمال سوريا.

وبعد ستة اشهر من quot;التدريب القاسي جداًquot;، اصبح حسن ملازمًا اول في السرية الثالثة احتياط في القوات البرية، وهي سرية راجلة تتبع مباشرة اوامر الرئاسة وتتمركز قرب دمشق، ومهمتها الاساسية حماية العاصمة.

ويوضح وهو يدخن السيجارة تلو الاخرى: quot;لم نجد هناك سوى البلطجة والمعاملة السيئة. كنا نعيش في ظروف مقيتة، ونتناول طعامًا ملوثًا، في ظل غياب العناية الطبية اللازمة، كما أن الضباط اصحاب المراتب العليا كانوا بلا رحمةquot;.

ويتابع صاحب اطروحة quot;هاجس الموت لدى الشعراء الفرنسيين الابرز في القرن العشرينquot; أن quot;الثكنة كانت عبارة عن سجن، حيث كان يحظر علينا اقتناء مسخن مياه في غرفتنا، أو ماكينة قهوة، أو حتى القراءة، لكنني كنت اقرأ روايات ومذكرات حرب للجنرال (شارل) ديغول تحت غطاء السريرquot;.

وفي منتصف العام 2011، اتخذ حسن قرار الانشقاق عند اول فرصة، رغم أن التطبيق بدا صعبًا للغاية، نظرًا الى عدم القدرة على مغادرة الثكنة، والى مشاكله الصحية، ووضعه كحائز على شهادة من فرنسا، وسحب جواز سفره منه قبل ثلاثة اشهر.

وتلقى حسن في الثامن من تموز (يوليو) وبشكل استثنائي الموافقة على مرافقة الكولونيل الذي يقود سريته الى دمشق، حيث تمكن من الهرب واستقل حافلة انضم اليه فيها اثنان من زملائه الضباط.

وتوجه الثلاثة نحو منطقة الثورة في شمال سوريا، مسقط رأسه حيث كان يقيم اتصالات مع مقاتلين مناهضين للنظام لمساعدته على الهرب الى تركيا، علمًا أنه كان عليه تجنب حواجز التفتيش قدر المستطاع اذ لم يكن يحمل سوى هوية شقيقه الاصغر وبطاقته العسكرية.

واستمرت الرحلة quot;الحارةquot; يومين، تخللها التنقل على دراجة نارية والهرب في مناسبات عدة من قوات النظام.

ولدى وصوله الى المنطقة الحدودية، عرض عليه أن ينضم الى مخيم يأوي ضباطًا منشقين، لكنه واصل رحلته واجتاز الحدود ووجد نفسه اخيرًا في شقة في ريحانلي في تركيا، التي يقصدها اللاجئون منذ بداية الازمة في منتصف اذار (مارس) 2011.

وشارك حسن مع ضابط في سلاح المدفعية يحمل ايضًا شهادة في الآداب ومع طبيب عسكري في معالجة جرحى اصيبوا في سوريا، ووصلوا الى مدخل المبنى الذي يسكن فيه ويبعد امتارًا عن وسط المدينة.

ومنذ ذلك الحين، يواجه حسن، بترقب وقلق، المصير ذاته الذي يلوح امام آلاف السوريين اللاجئين الذين لا يملكون اوراقًا شرعية، وينظر اليهم على أنهم ضيوف الحكومة التركية.

وتفاقمت مشاكل حسن الصحية منذ فترة. ومن دون جواز سفر، يأمل مساعد البروفيسور المولع بالشعر الفرنسي في العودة الى فرنسا يومًا ما، وquot;تلقي العلاج هناكquot;. ويقول quot;اريد أن اشتم رائحة الحرية من جديدquot;.