بغداد: لا تزال الحريات الصحافية مهددة في العراق بعد عام من قتل صحافي بارز وناقد للحكومة لم تعثر الاجهزة الامنية حتى الآن عن قاتله، بحسب ما يرى ناشطون ومحللون.

واغتيل الصحافي هادي المهدي بطلق ناري في الرأس في الثامن من ايلول/سبتمبر 2011، قبل يوم واحد من تظاهرات كانت من المقرر ان تنطلق احتجاجا على سوء الخدمات الاساسية والفساد الحكومي، وكان هو احد منظميها.

واتهم العديد من النشطاء السلطات بالوقوف خلف قتل هادي المهدي، لكن المسؤولين نفو ذلك وتعهدوا اجراء تحقيق خاص بالجريمة، علما انه لم يحرز اي تقدم في التحقيق ولم تظهر اي نتائج ولم يتم اعتقال اي شخص متورط بمقتله حتى الآن.

ورغم ذلك، يصر اصدقاء وانصار الصحافي على انه لم ينس، فيما يستعد العاملون في الاذاعة التي كان يعمل فيها لتخصيص يوم من البرامج لاستذكاره، وينظم نشطاء وصحافيون تظاهرات في ذكرى وفاته.

ويقول كرناس علي المدير الفني لراديو quot;ديموزيquot; التي كان يقدم المهدي برنامجا فيه لمدة تسعين دقيقة ثلاث مرات في الاسبوع quot;هادي المهدي كان يقول ما يردده الناس الذين لا يمتلكون الشجاعة لقولهquot;.

واضاف ان quot;برنامجه كان نوعا من العمل الذي خلق له اعداء (...) اينما اقرأ تعليقاته اقول انه كان يكتب رسائل انتحاريةquot;.

وكان المهدي يقدم برنامجا معروفا اسمه quot;يا سامعين الصوتquot; يوجه من خلال انتقادات لاذعة الى مسؤولين يراهم غير كفؤين ويتناول فيه قضايا الفساد.

وكتب المهدي وهو كاتب مسرحي منشورات عدة وساعد في تنظيم تظاهرات مناهضة للاداء الحكومي.

وفي اكبر التظاهرات التي جرت في شباط/فبراير 2011 كان المهدي من بين اربعة صحافيين عراقيين اعتقلوا من قبل قوات الامن وادعوا انهم تعرضوا الى التعذيب والاستجواب المهين.

واثار مقتله موجة من الغضب العارم ودانته جماعات تعمل في مجال حقوق الانسان ما حفز العشرات للمشاركة في جنازة رمزية وسط بغداد.

ويقول مؤيد الطيب (30 عاما) وهو صحافي من اصدقاء المهدي الذين شاركوا في حمل نعشه العام الماضي quot;quot;إنهم يحاولون اصطياد الهواء بشبكةquot;، في انتقاد مبطن للتحقيق الذي لم يات حتى الآن بنتيجة.

واشارت جماعات حقوقية ودبلوماسية الى عدم وجود ادلة واضحة على وجود تحقيق شامل لاغتيال المهدي باعتبارها واحدة من العديد من المشاكل التي تؤثر على الصحافة.

ويقول زياد العجيلي رئيس مرصد الحريات الصحافية وهي احدى المنظمات التي تدافع عن حقوق الصحافيين quot;يوما بعد يوم، تتقلص حرية الصحافة في العراقquot;، مضيفا quot;على اولئك الذين يقولون ان هناك حرية للصحافة ان يتحدثوا الى الصحافيين في الميدانquot;.

وصنفت منظمة حماية الصحافيين ومقرها في نيويورك العراق بحسب مؤشراتها في المرتبة الاولى من ناحية تهرب المتهمين من العقاب، قائلة انه لم يتم ادانة اي قاتل لصحافي منذ عام 2003.

في موازاة ذلك، فان القوانين الجديدة التي شرعت مؤخرا تحد من حرية التعبير في الصحافة.

وطعن عدد من النشطاء امام المحكمة بالقانون الجديد وكذلك بمسودة قانون حرية الانترنت التي اعدتها احزاب السياسية.

وتشمل المسودة مصطلحات غامضة وضعيفة مثل انتهاك quot;الآداب العامةquot; أو نقل quot;رسائل غير أخلاقيةquot;، وتنص على عقوبات قاسية على نحو غير متناسب.

ويقول دبلوماسي غربي رفضف الكشف عن اسمه ان quot;مزيجا من المصطلحات الغامضة والعقوبات الشديدة الواردة في مشروع القانون يمكن أن يكون له تأثير سلبي على حرية التعبير في العراقquot;.

ولكن علي الموسوي المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اكد رغم ذلك ان الصحافيين quot;يتمتعون بحريات كبيرةquot;.

واضاف ان quot;التطور في وسائل الإعلام، بجميع أشكاله، يمثل تقدما هائلا، ولا يمكن مقارنته بزمن النظام السابقquot;.

وبعد مرور عام على وفاة المهدي، خفض راديو quot;ديموزيquot; تغطيته للسياسة والفساد لان الادارة، بحسب احد المدراء الفنيين، quot;لم تتمكن من العثور على بديل لهادي. حاولنا، ونحن لا نزال نحاولquot;.

وعلقت المحطة برامجها العادية لاسبوعين بعد مقتل المهدي، لكنها ظلت تبث القران وتستقبل التعازي.

ويقول كرناس علي quot;لقد فقدنا احد الصحافيين الشجعان، وانا فقدت صديقا، كان رجلا مثقفا وصاحب نكتة وقلب كبيرquot;.

ويضيف quot;لقد عاد الى وطن ينقصه الخدمات ويفتقد لاحترام مواطنيه (...) كان وطنياquot;.