تونسيات يحملن لافتات خلال تظاهرة احتجاجية ضد ما يقلن إنه حملة من جانب الحكومة يقودها الإسلاميون من شأنها أن تحط من مكانة المرأة في تونس

قاربت الثورة التونسية العامين ولم تفلح في نظر الكثيرين حتى الآن سوى في تغيير النظام الحاكم وإزاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن كرسي الحكم، لكن وضع الدولة الإقتصادي والسياسي بقيّ مترديًا كما هو. وبعد إرساء قواعد الدولة الجديدة في ظل الإسلاميين بعد وصولهم الى دفة الحكم من خلال صندوق الإقتراع، توقع الكثير تحسن الأوضاع الإقتصادية والسياسية، ولكن التقدم الذي حدث والإنجازات التي تمت حتى اللحظة لم ترتقِ لسقف التوقعات، وهو ما أشعل موجة من الإحتجاجات ضد الحكومة الجديدة.


ما لبثت الإحتجاجات أن عادت في تونس على إثر استمرار تردي الأوضاع الأمنية والإقتصادية في ظل غياب الديمقراطية والعدالة الإجتماعية، الأمر الذي قامت الثورة من أجله.

وخيب ذلك آمال الكثير من الشباب التونسي المحبط منذ عهد نظام زين العابدين بن علي، والذي تنفس الصعداء بوصول الإسلاميين إلى الحكم متوقعًا تحسن الوضع الإقتصادي والأمني والسياسي في وجود ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية. وحذّر من تفجر الأوضاع مرة أخرى في تونس وقيام ثورة أخرى بسبب تردي الأوضاع الأمنية والإقتصادية.

هيمنة نظام الحزب الواحد

وفي هذا الإطار، يرى أستاذ القانون الدولي جلال الرداوي بأن تردي الأوضاع يؤشر على استنساخ النظام السابق الذي هيمن فيه النظام الواحد، فمسار الإنتقال الديمقراطي الذي انتهى بفوز الإسلاميين لم يخرج من المسار نفسه ولم يطوّر من ذاته.

ويضيف: quot;أفرزت الإنتخابات عن فوز حزب واحد تولى السلطة وبقية الأحزاب مشاركتها ضعيفة وتبقى القوة في يد الحزب المسيطر وهو الحزب الحاكم، ما دلّ على استنساخ النظام القديم ولكن بمفهوم ووجوه مختلفة جديدة مع عدم تغيير الأدوات، ما يعني المزيد من الإنغلاق على المجتمع الدولي، ما سيؤدي إلى صعوبة انتاج ثقافة الديمقراطية التي ينشدها الجميع.

وقال: quot;هذا يؤكد أننا في مأزق تاريخي، فحتى الآن لم نستطع انتاج ثقافة العمل الجماعي والتعددية ومشاركة تقبل الآخر ولم نستطع التحرر من الثقافة الأحادية وأدواتها وعدم تقبل الرأي، وبالتالي النتيجة هي فشل البنية الديمقراطية التي ستنعكس على الإنتاج والمشاركة داخل المجتمعquot;.

الثورة لم تحقق أهدافها

ويرى الرداوي بأن quot;الثورة حتى الآن لم تحقق أي شيء مما كان يصبو له الشعب التونسي سوى الإطاحة برأس السلطة ونظامه، ولكن ما طرحته النخب والدولة لم يستوف بعد والمهام المستعجلة لم تتحقق، فحزب النهضة وضع أولوياته لمعالجة الصعوبات وما قدمه لا يرتقي الى مطالب الشعب التونسي فكتابة الدستور لم يتم الإنتهاء منها و مشاركة المرأة لم تحدد لها مرجعية في الدستور. كما أن هنالك الاهتمام بالقضايا الثانوية على حساب القضايا الأكثر أهمية وخاصة مسألة الحريات العامة والفردية، بالإضافة إلى المطالبة بعدم وجود مرجعية دينية للدستور، نحن لا نريد مرجعية دينية، ونطالب بمجتمع مدنيquot;.

ويستعرض الرداوي دور الحكومة في المرحلة الحالية التي اختارت وجود انفتاح محلي وإقليمي من دون التركيز على الإنفتاح الدولي المتمثل بالدول الأوروبية والغربية. ويتابع أن الحكومة عندما أمسكت بزمام الأمور حاولت من منطلق اخلاقي جعل أولى مسؤولياتها تعويض الناس من دون مراعاة للحالة التي يمر بها البلد والبطالة المتفشية، وذلك يعود من وجهة نظره إلى قلة الخبرة والحداثة في إدارة شؤون البلاد، مؤكدًا أن الإسلاميين هم حديثو العهد في السلطة، ولكنهم يجب أن يعوا بأن هنالك فرقاً بين أن تكون معارضًا وأن تكون في السلطة.

النهضة يدحض quot;الإدعاءاتquot;

وعلى الطرف الآخر، يؤكد عضو المكتب الإعلامي والإتصال لحزب النهضة التونسي فيصل ناصر في اتصال مع quot;إيلافquot; بأن الحكم في تونس اليوم لا يعود لحزب النهضة وحده بل هو تحالف حزبي من ثلاثة أطراف، وهي تجربة رائدة لم تحدث في العالم العربي من قبل ليست كالتجربة التركية، مؤكدًا أن تجربة التحالف الحزبي، تجربة جديدة ورائدة مع أحزاب ذات توجهات يسارية وعلمانية، وهو المكسب الحقيقي للثورة التونسية التي استطاعت خلق هذا التجانس.

وحول ما يقال عن تردي الأوضاع في البلاد يصف ناصر ذلك بـquot;الشائعات المغرضة التي تريد أن تنال من الثورة وتصوير حكم الإسلاميين بالفاشل والكارثي، ويقول إن مطلق تلك الشائعات المعارضة وفلول النظام السابق، بمشاركة الإعلام المغرض الذي يصور الوضع على أنه على حافة الإنهيارquot;.

ويؤكد ناصر أن quot;هنالك نجاحًا وتقدمًا في كل المجالات الأمنية والإجتماعية في تونس وأنّ الوضع الإقتصادي تحسن بنسبة تصل الى5.5٪ خلال سبعة أشهر من تسلم الحكم في ظروف داخلية صعبة، بالإضافة إلى عودة السياحة في ظل وجود استقرار اجتماعي وانخفاض لمعدلات الجريمة وارتفاع سقف حرية الإعلام، مستدلاً على ذلك بوجود برامج تنتقد الحكومة وتسخر من أدائها أحيانًاquot;.

للمرأة حرية اللباس والمعتقد

وكانت العاصمة التونسية قد نظمت مسيرة شعبية حاشدة شارك فيها الآلاف والعديد من المنظمات الحقوقية للمطالبة بضرورة المساواة بين المرأة والرجل، والحفاظ على مكاسبها بعد الثورة، ومطالبين بضرورة سحب مشروع القانون في الدستور الجديد الذي يقوم على مبدأ الفصل بين الرجل والمرأة، واعتبارها مكملة للرجل وليست مساوية له.

ويعتبر فيصل ناصر بأنه ليس صحيحًا أن مكاسب المرأة تراجعت بعد الثورة. قائلاً: quot;ندعم حرية المرأة ومشاركتها وتمتلك حرية اللباس والمعتقدquot;. مضيفًا: quot;كما أن المجلس التأسيسي يضم أكثر من 70 إمرأة وهو ما لم يحدث حتى في أوروباquot;، مدافعًا عن القانون الجديد الذي على اعتبار أنه قانون لحماية الأسرة وعلى اعتبار أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكاملية في الأسرة التي يقودها الرجل.

وردًا على سؤال حول الأحداث التي جرت في سيدي بوزيد وما يتبعها بعض الأحيان من مظاهرات في الشارع التونسي، يؤكد ناصر بأنها أحداث مفتعلة من بقايا نظام بن علي للإنقضاض على الثورة، قائلاً: quot;هم يمتلكون المال والعديد من العلاقات لتعطيل الثورة، ونحن نقوم بتطهير أجهزة الدولة منهم، فالثورة لا تتعارض مع الديمقراطية ولكن يجب محاسبة المقصريينquot;.