تظاهرة ضد الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين

يتغلغل الإخوان المسلمون في ثنايا الدولة المصرية، فيعيّنون أتباعهم والموالين لهم في مناصب قيادية وتنفيذية، بينما يطالب المعارضون لهم باعتماد معيار الكفاءة في التشكيلات، لأن الإخوان يستنسخون مبارك بما يفعلون.


تتسارع وتيرة ما صار يُعرف بأخوَنَة الدولة في مصر، وهي استبدال أصحاب المناصب القيادية في الدولة بآخرين ينتمون إلى الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة ومن الموالين لهم أو المؤمنين بأفكارهم. وبات هذا التوجه واضحًا بقوة في حزمة القرارات التي اتخذها الرئيس المصري محمد مرسي بشأن الفريق الرئاسي والمحافظين ورئاسة مجلس الشورى التي يتقلدها الإخواني الدكتور أحمد فهمي.

نصفهم منظّم

في نظرة سريعة إلى التعيينات الأخيرة التي شملت عشر محافظات، يتضح أن نصف المعيّنين قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وهم الدكتور محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد في الجماعة المعيّن محافظًا للمنوفية، ويحيى كشك مسؤول المكتب الإداري للجماعة في أسيوط المعيّن محافظًا لأسيوط، ومصطفى كامل عيسى فرغلي القيادي في مكتب الإخوان في المنيا المعيّن محافظًا للمنيا، والمهندس سعد الحسيني عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة وعضو مكتب الإرشاد المعيّن محافظًا لكفر الشيخ، والدكتور أسامة أحمد كمال القيادي في الجماعة المعيّن محافظًا للقاهرة. هذا بالإضافة إلى اثنين آخرين ممن يدورون في فلك الإخوان، من دون الإنتماء إلى الجماعة تنظيميًا.

الصحافة وحقوق الإنسان للإخوان

لم يتوقف الأمر عند المناصب التنفيذية، بل امتدت سيطرة الجماعة على المؤسسات الحقوقية وتلك التي تعبر عن حرية الرأي والتعبير. فقد ضم التشكيل الجديد للمجلس الأعلى للصحافة، الذي يملك ويهيمن على المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة، أربعة قيادات من جماعة الإخوان وحزبها، وهم الدكتور أحمد فهمي القيادي في حزب الحرية والعدالة رئيسًا للمجلس، وفتحي شهاب القيادي في الحزب رئيسًا للجنة الثقافة والإعلام في المجلس، وقطب العربي عضو حملة الإنتخابية للرئيس مرسي، وعادل الأنصاري القيادي في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الحرية.

واستحوذ الإخوان على ستة مقاعد في المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي أنشأه الرئيس السابق حسني مبارك لتجميل صورته في الخارج. وقد قام المجلس بهذا الدور على أكمل وجه، لا سيّما في ظل رئاسة الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة.

يبلغ إجمالي عدد أعضاء هذا المجلس 29 عضواً، كان نصيب الإخوان ستة، بالإضافة إلى أربعة آخرين منتمين إلى الجماعة فكرياً، وهم الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة، والدكتور محمد البلتاجي عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، وعبدالمنعم عبدالمقصود محامي الجماعة، ومحمد طوسون عضو اللجنة القانونية في الحزب، وهدى عبد المنعم النائب السابق في مجلس الشعب المنحل، والفنان وجدي العربى العضو في الحزب، بالإضافة إلى الشيخ صفوت حجازي الداعية الإسلامي الذي يسير على نهج الإخوان ويتشدد في الدفاع عن الجماعة بعد الثورة، والسفير عبد الله الأشعل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الذي أعلن تنازله لصالح خيرت الشاطر، ثم الدكتور محمد مرسي، فضلاً عن المستشار حسام الغرياني المعيّن رئيساً للمجلس، وهو من المحسوبين على الإخوان فكريًا.

شهادة وفاة للحريات

واعتبر إبرام لويس، المتحدث باسم حركة أقباط بلا قيود، أن التشكيل الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان هو quot;بمثابة شهادة وفاة للحريات وحقوق الإنسان التي أصبحت فى خبر كان، بعدما استحوذ الاسلاميون على كل مؤسسات الدولة وصارت لهم الغلبة في كل مواقع صُنع القرار على صعيد السلطات الثلاث مُجتمعة تنفيذية وتشريعية وقضائيةquot;.

وأضاف أن مشروع الأخونة مُستمر وفصوله تتوالى والقادم أسوأ، والعينة بينَّة منذ الآن، واستحواذ الإسلاميين على المجلس القومي لحقوق الإنسان هو خطوة أولى ضمن خطوات الهدف منها هو quot;الطرمخةquot; على تزوير أي انتخابات قادمة لصالح التيار الذي يُشكل الغالبية داخل هذه المؤسسات.

ووصف لويس مُشاركة عناصر محسوبة على الأقباط أو التيار الليبرالي أو اليساري بأنها quot;مُحاولة لتجميل الوجه القبيح الذي آل إليه حال تلك المؤسسات في ظل هيمنة تيار الإسلام السياسي عليهاquot;، معتبراً أن إنضمام أشخاص من أمثال محمد البلتاجي وصفوت حجازي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، المُفترض فيه أن يكون قِبلة لكل المظلومين والمقهورين والمغلوبين على أمرهم، نكسة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتاريخهما معاً خير شاهد على ذلك. فكلاهما تُلاحقه الشُبهات التي ترقى إلى حد الدلائل بالتورط في قتل الثوار في ما عُرف بـمعركة الجمل، وكلاهما ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي الذى يسعى إلى ابتلاع الوطن كله لحساب الجماعة، وإلى مدرسة التزييف والتبرير التي تعمل ليل نهار على تجميل وجه الجماعة التي يحترف رموزها الكذب وتضليل الرأي العام، من أجل غاية واحدة هي أخونة مصر.

أي معايير؟!

وفي سياق متصل، أعتبرت انجي حمدي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، أن الإخوان يسيرون على نهج نظام مبارك المنهار، إذ يتم استخدام الاسلوب نفسه في اختيار المسؤولين، من شخصيات مرضي عنها يتم توزيعها في مؤسسات الدولة والمجالس المختلفة من أجل احتكارها، مؤكدةً أن هذا الأمر مرفوض تماماً.

وتساءلت حمدي: quot;لماذا يتم الآن تشكيل المجلس الأعلى للصحافة أو مجلس حقوق الانسان من قبل مجلس الشورى الذي لم يتحدد وضعه في الدستور الجديد وما هي سلطاته ومهامه؟ وكيف تقوم بالاختيار جهة لم تحدد سلطاتها ولا صلاحياتها، ومطعون في شرعيتها؟ وما المعايير التي تم الاختيار بناء عليها تشكيل المجلس القومي لحقوق الانسان؟ وما هي مؤهلاتهم في العمل الحقوقي؟ ما علاقة صفوت حجازي بحقوق الانسان؟quot;، معتبرة أن مجرد اختياره مهزلة وإهانة حقيقية في حق الانسان.

استنساخ مبارك

واستمرت حمدي في طرح تساؤلاتها على العلن: quot;ما هو تاريخ الفنان وجدي العربي النضالي أو التطوعي ليتم اختياره في مجلس حقوق الانسان ممثلاً عن الفنانين؟ أين نشطاء حقوق الانسان الذين ناضلوا كثيراً ضد نظام مبارك؟ لمَ استبعاد أصحاب التاريخ الطويل في النضال من أجل حقوق الإنسان، أمثال نجاد البرعي وراجية عمران وحسام بهجت وأحمد راغب؟ وكيف يتم استبعاد جورج اسحاق والدكتور عمرو الشوبكي والدكتور عمرو حمزاوي من التشكيل الجديد؟ وأين التمثيل الحقيقي للمرأة؟quot;.

وأشارت حمدي إلى أن معايير الكفاءة والمهنية والخبرة غائبية عن هذه التعيينات، داعية إلى إعادة النظر فيها لأنها تسيء إلى مصر الثورة. وأضافت أن شباب الثورة والنشطاء لن يسمحوا باستنساخ فكر مبارك. وتختم قائلةً: quot;دفعنا ثمن حريتنا من دماء شهدائنا وأصدقائنا ولن نسمح بادارة الدولة بالفكر القديم نفسه quot;.