من مخيم الزعتري في الأردن، القريب من العاصمة عمّان بنحو 50 كلم، يتجمع أكثر من 27 ألفاً من النازحين السوريين، يتشابهون في كل شيء، حتى تظن أن التاريخ وقف هنا وصبغهم صبغة واحدة، شكلاً ولوناً ومضموناً.


مسنة سورية تشتكي من الحر والغبار وصلت للتو من سوريا

يوسف الهزاع: الكثير من القصص رصدتها quot;إيلافquot; من داخل المخيم الذي تكويه الشمس الحارقة أكثر من 14 ساعة يومياً، ولا يكاد يغادره الغبار بفعل الطبيعة أو بفعل الشاحنات والسيارات التي تجول حوله وداخله.

قبل الرحلة إلى عمّان برفقة زميلي سطام الرويلي، قال كثيرون إن دخول المخيم أشبه بعمل دبلوماسي، إذ يجب أن تتدخل كل الجهات من السعودية والأردن لتسهيل الدخول بعد كمية هائلة من الأختام والورق، حتى يختم لك آخر مسؤول من داخل المخيم ومن ثم يرافقك بعضهم في مهمتك الصحافية.

هذه البيروقراطية والتعقيد لا يكفيها يوم واحد هو عمر الرحلة كلها من الرياض إلى عمّان، ومن ثم المخيم، والعودة في اليوم التالي، فكان لا بد من طريقة خاصة لإنجاز المهمة بسرعة، وتوافرت الأسباب لذلك بالحيلة أحيانًا، وباستغلال بعض الثغرات في أحيان أكثر.

منذ استشراف المخيم على بعد كلم متر تقريبًا تبهرك كمية العسكر ورجال الأمن حوله، وكذلك سلسلة الشاحنات التي تأخذ طريقها صوب المخيم، وكل ذلك تستطيع مشاهدته من بعيد بسبب الأرض المستوية والصحراوية للمنطقة كلها بما فيها المخيم، ولولا الشاحنات ومركبات الجيش التي تجول حول المخيم وتثير الغبار حوله وداخله لكان بالإمكان مشاهدته من مسافة أبعد.

صور التقرير كلها خاصة بـquot;إيلافquot;
شاحنة داخل المخيم توزع الثلج وبعض المساعدات
المئات من السوريين يبحثون عن أقاربهم أمام باب المخيم وتبدو الشاحنات تدخل
عائلة سورية خرجت للتو من المعسكر بعد زيارة أقارب لها

وصلنا بسيارة فارهة من آخر ما أنتجه الألمان ضمن مفاخرهم الكثيرة التي تملأ الأرض صناعة وترفاً وفناً، وكانت السيارة إحدى أهم أدوات الخطة المرسومة للدخول للمخيم.

المخيم يقع في منطقة الزعتري وسمّي باسمها وهو قريب من المفرق على الحدود السورية، ويقع بمسافة 50 كلم إلى شمال الشرق من العاصمة الأردنية عمّان، وبحسب الإحصائيات الرسمية، التي نقلها لنا أحد المسؤولين في المخيم، فإن عدد اللاجئين يفوق 27 ألفاً، جلهم من النساء والأطفال، وبحسب السلطات الأردنية فإن المخيم قابل للزيادة إلى نحو مائة ألف.

لكن من يدخل المخيّم لن يستوعب إمكانية وصول اللاجئين إلى هذا العدد، لأن العديد من الأهالي في المخيم يسكنون مع بعضهم البعض بسبب عدم توافر خيمة لهم، إذ قالت إحدى المسنّات إنها أمضت نحو 4 أيام منذ دخولها المخيم، ولم يجدوا لها خيمة شاغرة فاضطرت للسكنى عند قريبتها.

المشافي الميدانية تقوم بعملها، والشاحنات تجلب المعونات من منظمات أهلية وحكومية محلية ودولية، ولكن الملاحظات كثيرة على سير العملية الخيرية داخل المخيم، سواء بطريقة الضخ أو من خلال توزيعها المباشر على النازحين.

في المخيم عديد القصص، حول تجارة التأشيرات والكفالة، وحول القضية المثيرة التي تتعلق بتزويج الفتيات السوريات بثمن بخس، ومعاناة الحوامل والأطفال وأموال التبرعات الوهمية وغيرها، بل سجلت quot;إيلافquot; شهادات من بعضهم، قالوا إنهم ندموا على النزوح، وقال شاب آخر لو بقيت وقاتلت مع الجيش الحر لكان أفضل!. كل ذلك ستنشره quot;إيلافquot; تباعاً على حلقات متصلة منفصلة.