مأساة اللاجئين السوريين على الحدود .. عرض مستمر

فرضت حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تدابير صارمة على الحدود التركية السورية بعد ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين هناك، بهدف ضبط الأوضاع وعدم التعرض لحالة انفلات أمني.


القاهرة: بدأت السلطات التركية تطلب من آلاف اللاجئين السوريين المرابطين في مدينة أنطاكيا الحدودية مع سوريا إما دخول المخيمات أو الانتقال إلى مناطق داخل تركيا، بحيث يكونوا بعيدين عن تلك المنطقة الحدودية التي تعج بالصراعات الطائفية.

وبدأت تركيا بتنفذ تلك الحملة المفاجئة اعتباراً من يوم أمس، ما تسبب في خلق حالة من الذعر في أوساط ما يقرب من 40 ألف سوري يعيشون في مقرات بالإيجار جنوب تركيا، حيث أعلم أفراد شرطة وعناصر أمن الحكومة، الأسر المرتبكة بضرورة تحزيم ممتلكاتهم والانتقال إلى تلك الأماكن التي حُدِّدَت لهم.

وقال مسؤولون أتراك إن اللاجئين السوريين، الذين يقيمون بشكل قانوني في مدن مثل أنطاكيا، لن يعودوا للعنف والفوضى في بلادهم، مع أن بعض الناشطين السوريين يرون ذلك.

وذكرت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن التدابير الصارمة تشكل تحولاً كبيراً من جانب حكومة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يدعم التمرد المسلح ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ويشكو من تخلي الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة عن تركيا في خطوط الصراع الأمامية على حدودها.

وأشار مسؤولون أتراك إلى أن التدابير الجديدة تعتبر جزءا من الجهود التي يتم بذلها لإعادة السيطرة على حدود البلاد، مع تهدئة العداءات في منطقة تركية لا يدعم كثير من سكانها الثوار السوريين ويقفون بدلاً من ذلك مع نظام الرئيس بشار الأسد.

ونوهت الصحيفة إلى أن أنطاكيا شهدت تظاهرات خلال الأسابيع الأخيرة تدعم الأسد وتعترض على الثوار، الذين يعتبرهم البعض هناك بمثابة الإرهابيين. ومن الجدير ذكره أنه حتى عام 1938، كانت محافظة هاتاي المحيطة جزءا من سوريا. فيما طالب بعض ساسة المعارضة الحكومة التركية بطرد جميع اللاجئين السوريين من هناك.

وفسرت الصحيفة السبب وراء تصاعد التوترات بأن الأسد وأفراد طبقة النخبة في الحكومة السورية ينتمون للطائفة العلوية، ذات الأقلية، التي تتبع المذهب الشيعي، الذي يعتنقه كثيرون في محافظة هاتاي. ومضت تنقل في هذا الجانب عن مسؤول بارز بالحكومة التركية رفض الكشف عن هويته، قوله: quot;نحن لا نجبر أحدا على الخروج من هنا. لكن يتعين علينا مراعاة الأمور المتعلقة بالتوترات المحليةquot;.

وتابع هذا المسؤول حديثه بالقول:quot;نحن لا نتحدث عن عدد قليل من السوريين، بل نتحدث عن عشرات الآلاف منهمquot;. وقالت وكالة إغاثة اللاجئين الأممية إن ما يقرب من 80 ألف سوري يقيمون في مخيمات على طول الحدود التركية، منهم كثير من العائلات القروية وفقراء الحضر، وكذلك 40 ألف نازحا سوريا آخر يعيشون في مدن تركية.

وقال مسؤولون أتراك يوم أمس إن السوريين الذين يمتلكون جوازات سفر ودخلوا البلاد بصورة شرعية لهم مطلق الحرية في البقاء داخل تركيا، وإن كان سيتعين عليهم الانتقال شمالاً، بعيداً عن الحدود، وأن يتقدموا بطلب للحصول على تأشيرة إلى واحدة من أربعة مدن تقع على بعدي مئات الأميال. وأوضحت الصحيفة أن تلك الإستراتيجية، التي لاقت استحساناً وتم استخدامها في أزمات أخرى للاجئين، قد تم وضعها لتفريق السوريين وإبعادهم قدر المستطاع عن خصوم من الممكن أن يحتكوا بهم.

وترغب الحكومة التركية من وراء ذلك أن يقوم أي مواطن سوري دخل البلاد بدون الوثائق المطلوبة بالذهاب إلى مخيمات اللاجئين، حيث سيحصل على كافة الخدمات اللازمة للأطفال.

ومع هذا، أعرب عدد كبير من المواطنين السوريين أنهم فهموا ضمنياً من وراء ذلك التغير في النهج التركي أن هناك خياراً ثالثاً، ينطوي على إمكانية مغادرتهم تركيا، ومن ثم العودة من جديد إلى سوريا، أو طلب الحصول على لجوء في دولة أخرى.

وقال مقاتل شاب يدعى زياد علوي quot;أفضل أن نموت تحت وطأة قصف المدفعية في دمشق عن أن نواجه هكذا معاملة هناquot;. فيما قال سيلكوك أونال، متحدث باسم وزارة الخارجية التركية، إنهم كأي دولة في العالم، يحق لهم فرض السيطرة على حدودهم وعلى مسألة الهجرة، وأن يعلموا هوية الأشخاص الموجودين بداخل البلاد.