بسبب موجة العنف الأخيرة ضد المصالح والسفارات الأميركية في العالم العربي، تتخوف واشنطن من أن تكون منطقة الشرق الأوسط باتت أكثر خطورة لا سيما في أعقاب الثورات التي شهدتها دول بارزة في هذه المنطقة من العالم.


متظاهرون في اليمن امام السفارة الاميركية احتجاجاً على فيلم براءة المسلمين

جاءت الهجمات العنيفة التي تم شنها مؤخراً على مقار البعثات الدبلوماسية للولايات المتحدة في مصر وليبيا لتثير تساؤلاً غاية في الأهمية، في وجهة نظر الأميركيين على أقل تقدير، وهو: هل جعل الربيع العربي منطقة الشرق الأوسط منطقة أكثر خطورة؟

ونتجت الأزمة وتصاعدت تدريجياً بهذا الشكل المخيف بعد ظهور أنباء عن إنتاج فيلم يتناول محتوى مسيئا للنبي محمد (ص) داخل الولايات المتحدة، حيث أخذت الأمور تشتعل شيئاً فشيئاً بكل من مصر وليبيا ومن ثم باقي دول المنطقة العربية والإسلامية.

وتوجت ذروة تلك الأحداث بمقتل السفير كريس ستيفينز وثلاثة أميركيين آخرين في القنصلية الأميركية بمدينة بنغازي الليبية، ووفقاً لمجلة التايم الأميركية فان هذه المأساة كانت نتيجة جهد جماعي ترتبط به عواقب وتداعيات محفوفة بالمخاطر.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة جاهدةً من أجل احتواء تداعيات تلك الواقعة، وتحديد ما حدث بالضبط، تبين وفقاً للصحيفة أن ذلك الهجوم ربما ينذر بنوع جديد من أزمات الشرق الأوسط. وقد استبدل الربيع العربي النظام القاسي للحكام المستبدين المكروهين بازدهار الكيانات الديمقراطية المبتدئة.

غير أن تلك الحكومات الجديدة، في ظل وجود مسؤولين ضعاف وولاءات دائمة التحول وقوات أمن واهية، قد حولت المنطقة إلى مكان أكثر اضطراباً وميلاً لعدم الاستقرار، ومكان أكثر عرضة من ذي قبل للمحرضين الأوغاد الذين يثيرون الاضطرابات العنيفة دائماً باسم الدين.

وتابعت التايم بقولها إن هؤلاء الأشخاص من دعاة الكراهية القادمين من صناعة الغضب العالمية يعملون بشكل محموم للقيام بجرائم، باسم الدين في كثير من الأحيان، وإثارة خليط قابل للاشتعال من الجهل والشك يتواجد بالقدر نفسه تقريباً في أميركا كما هو الحال في العالم العربي.

ومن بين هؤلاء ذلك الشخص الذي وقف وراء فيلم quot;براءة المسلمينquot; الذي تسبب بإشعال كل هذا الغضب في القاهرة وبنغازي، ويدعى سام باسيل، لكن لا توجد حتى الآن معلومات كثيرة عنه. وما إن كان له وجود أم لا، في وقت يقول فيه البعض إن ذلك الاسم مستعار.

ثم مضت المجلة تشير إلى وضعية النبي محمد المقدسة في الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي يتم تقديمها، وعدم قيام المخرجين بتجسيده في مختلف الأعمال، والتركيز بدلاً من ذلك على أتباعه. وأضافت أن ذلك الفيلم الجديد مثار الجدل قد تسبب بإثارة قدر كبير من الحساسيات لدى المسلمين، مشيرةً في السياق ذاته إلى رداءة السيناريو والإنتاج، رغم ما تردد عن أن تكلفة الفيلم بلغت ما يقرب من 5 ملايين دولار.

وأعقبت المجلة بقولها إن الفيلم جرى تصويره في هوليوود مطلع العام الجاري، لكنه لم يحدث زوبعة حينها، ثم قام باسيل بعد ذلك بنشر تريلر مدته 14 دقيقة للفيلم على موقع اليوتيوب، وظهرت سلسلة مقاطع مصورة على الموقع خلال تموز/ يوليو الماضي، ومن بين الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تلك الأزمة ذلك القبطي الأميركي من أصل مصري، موريس صادق، الذي يقيم في العاصمة واشنطن، والمعروف عنه تصريحاته المهيجة ومدوناته على شبكة الإنترنت المعادية للإسلام.

مصر اغلقت محيط السفارة الاميركية خشية اقتحامها على يد المتظاهرين

وكذلك القس تيري جونز، صاحب واقعة إحراق المصحف الشهيرة، الذي تحمس هو الآخر للفيلم بشكل كبير، وبدأ بالفعل في الترويج له على الإنترنت، وما زاد من حدة الأوضاع إقدامه على نشر فيلم خاص به على اليوتيوب يحمل عنوان quot; محاكمة الرسولquot;.

وبعدها بدأ تطور الأوضاع في مصر بعدما بدأ يتناول الفيلم الشيخ ومقدم البرامج التلفزيونية بقناة الناس، خالد عبد الله، وعرضه في حلقة الثامن من الشهر الجاري بعض اللقطات المسيئة للنبي الكريم، ما مهد لاشتعال ثورة الغضب لدى السلفيين والحركة الإسلامية الأصولية التي تشكل ثاني أكبر فصيل في البرلمان المصري. وبعدها بدأ تطور الأحداث حتى ارتقت إلى حد القيام بتظاهرات في محيط السفارة الأميركية في القاهرة.

وهو الأمر نفسه الذي أحدثه محتوى الفيلم في مدينة ليست ببعيدة عن حدود مصر الغربية، وتحديداً في مدينة بنغازي الليبية، يوم الذكرى السنوية لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، حيث تجمع متظاهرون، معظمهم من السلفيين، أمام القنصلية الأميركية. ورغم أن السفير ستيفينز لم يكن هدفاً محتملاً، إلا أنه لقي مصرعه، وسط تقارير تتحدث عن أن الجهة المسؤولة هي القاعدة وأخرى تتحدث عن فلول القذافي.

ثم ختمت التايم بحديثها عن ردة فعل الجانبين الليبي والمصري على الأحداث التي طالت سفارتي الولايات المتحدة في بنغازي والقاهرة، وإشادة واشنطن بطريقة تعامل السلطات الليبية مع الهجمات، وانتقادها لسلبية ولا مبالاة الجانب المصري في الأمر نفسه.