جدل حول زواج يسوع المسيح ودقة الوثيقة التي تقول ذلك

تستمر النقاشات حول قصاصة الورق التي تزعم زواج يسوع المسيح، وحول ما إذا كانت حقيقية أم لا، إذ يؤكد البعض أن النص لا يبدو حقيقيًا مقارنة بنصوص قبطية أخرى.


القاهرة: توالت ردود الفعل المتباينة على الكشف الذي أعلنت من خلاله أول أمس الباحثة الأميركية المتخصصة في شؤون المسيحية، كارين كينغ، عن عثورها على وثيقة هي عبارة عن قصاصة قديمة من ورق البردي تعود الى القرن الرابع وعليها خطوط تزعم أن يسوع المسيح كان متزوجاً، وصرحت في هذا الإطار لصحيفة النيويورك تايمز الأميركية بقولها quot;تلك الكلمات لا تحتمل أي معنى آخرquot;، لاسيما وأن التكهنات المتعلقة بهذا الموضوع ليست جديدة، لكنّ علماء الدين والمؤرخين دائماً ما كانوا يبتعدون عنها.

وقد شاركت كينغ وجهة نظرها بخصوص تلك القصاصة مع علماء آخرين رأوا أنها قد تكون حقيقية، رغم أن أصلها مجهول. ويبدو أنها تابعة لملكية شخص مجهول من هواة جمع المقتنيات، وقد اشتراها في العام 1997 من أستاذ ألماني متوفى الآن.

وقال معقباً للنيويورك تايمز روغر بوغنال، مدير معهد دراسات العالم القديم التابع لجامعة نيويورك، بعدما شاهد القصاصة:quot;من الصعب وضع سيناريو عقلاني يقوم فيه أحد الأشخاص بتقليد شيء كهذاquot;. فيما قال ديارميد ماكولوك أستاذ تاريخ الكنيسة في جامعة أكسفورد:quot;إن ثبتت صحة تلك القصاصة، فسيكون ذلك أمراً مثيراً للاهتمام بصورة خيالية، وستكون تلك هي أول إشارة إلى يسوع وزوجته، لكنها كتبت تقريباً في سياق نقاش مبكر عن وضعية السيدات في الكنيسة. كما أنها لم تعطِ بالتأكيد تفويضاً مطلقاً لأشخاص من أمثال دان براونوالأغبياء الذين يفكرون مثلهquot;. دان براون روائي أميركي ومؤلف كتاب شيفرة دافينشي التي تتناول علاقة المسيح بمريم المجدلية بطريقة تتنافى مع ما هو مذكور في الانجيل.

ورغم اشتمال الأناجيل على إشارات مجازية ليسوع المسيح، تقول إنه عريس، إلا أن تلك الإشارات تعني أنه متزوج من الكنيسة وأنه لا توجد أي إشارات دالة على وجود زوجة حقيقية.

ومع هذا، كان من المعروف أن نقاشاً سبق أن أثير في الكنيسة الأولى بخصوص ما إن كان يسوع قد تزوج أم لا، كجزء من جدال متواصل بخصوص دور المرأة في الطائفة.
وعاود ماكولوك ليقول: quot;هناك أمور حمقاء بشكل أكبر في بعض الأناجيل المعرفية من معلومة أن يسوع ربما كان متزوجاً، كالمعلومة التي تقول إنه لم يصلب على الإطلاق، بل كان يجلس في السماء ويضحك على الرجل الذي كان يتم تعذيبه بدلاً منهquot;.

هذا ولم يقف الجدال المتعلق بتلك القصاصة عند هذا الحد، بل أنها أثارت كذلك اهتمام الخبراء المتخصصين في الآثار غير المشروعة، الذين تساءلوا بدورهم كذلك عن الدافع الخاص بمالك تلك القصاصة مجهول الهوية، منوهين إلى أن قيمة الوثيقة ربما زادت في ظل كل هذا الاهتمام الإعلامي لهذا الكشف الذي لم يثبت حتى الآن.

وأوردت وكالة الأسوشيتد برس في الإطار ذاته عن ستيفن ايميل، أستاذ علم دراسة القبطيات في جامعة مونستر الذي كان عضواً باللجنة الاستشارية الدولية التي راجعت اكتشاف عام 2006 الخاص بإنجيل يهوذا، قوله:quot;أورد النص بالفعل عن يسوع قوله (زوجتي). لكن السؤال المهم الآن هو ما إن كانت الوثيقة حقيقية أم لاquot;. وأضاف:quot;هناك شيء بخصوص تلك القصاصة في مظهرها وكذلك في قواعد اللغة القبطية التي لفتت انتباهي باعتبارها غير مقنعة تماماً نوعاً ماquot;.

فيما قال ألين سوسيو، متخصص في ورق البردي لدى جامعة هامبورغ: quot;يمكنني القول إن تلك القصاصة مزورة. فهذا النص لا يبدو حقيقياً عند مقارنته بعينات أخرى من النصوص المكتوبة باللغة القبطية على الورق البردي التي يعود تاريخها إلى القرن الرابعquot;.

بينما سبق لكينغ أن أعلنت عن ترحيبها بأي مشاركات من جانب زملائها للتأكيد من صحة تلك الوثيقة، وقالت quot;مازال أمامنا بعض العمل الذي يتوجب علينا القيام به، كاختبار الحبر وهلم جرا وهكذا دواليك، لكن الأمر المثير بشأن تلك القصاصة هو أن تلك هي الحالة الأولى التي نجد فيها مسيحيين يزعمون أن يسوع كان متزوجاًquot;.

وأشار وولف بيتر فانك، وهو خبير بارز في اللغة القبطية، إلى أنه لا توجد طريقة لتقييم أهمية القصاصة لأنه لا يوجد لها سياق، مضيفاً quot;فهي تعتبر سياقاً جزئياً وذات حجم صغير، مقاسها 4 سم times; 8 سم، أي في نفس حجم هاتف محمول صغيرquot;.

كما بادر بعض علماء الآثار بطرح تساؤلات بشأن الناحية الأخلاقية والمهنية للعاملين في جامعة هارفارد، منوهين إلى عدم وجود أصل للقصاصة، أو تاريخ مكانها، وأن مالكها الحالي ربما كانت له مصلحة مالية في أن تثار من حولها كل هذه الدعاية.