عناصر من الجيش اللبناني في شمال لبنان

يجد ثوار سوريا في المدن الحدودية اللبنانية ملجأ آمناً لهم، في وقت تعمد قوات الجيش السوري إلى زرع الألغام الأرضية على جانبي الحدود، الأمر الذي يزيد من المخاوف اللبنانية من أن تنساق البلاد في الصراع السوري.


يدعو سياسيو لبنان المعارضون لنظام الأسد إلى نشر قوات حفظ سلام على طول الحدود الشمالية للحد من عمليات توغل القوات السورية ووقف القصف المدفعي الذي يطال الأراضي اللبنانية ويجبر العديد من السكان على إخلاء منازلهم.

وتأتي هذه المطالبات وسط تزايد المخاوف من أن يتم جرّ حدود لبنان الشمالية، حيث يعبّر السكان عن دعمهم الواضح للثوار، في الصراع المجاور المتفاقم. لكن احتمال نشر قوات الامم المتحدة مستبعد وبعيد المنال، نظراً لمعارضة الحكومة اللبنانية والتردد الدولي للمخاطرة بالتورط في الصراع من خلال إرسال قوات أجنبية.

عندما يطالنا القصف سنحتج

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن الحكومة اللبنانية، التي يتألف الجزء الأكبر منها من حلفاء دمشق، تقول انها ستتخذ موقفاً قوياً ضد انتهاكات الحدود السورية لكنها ترفض فكرة السماح بانتشار قوات حفظ السلام للامم المتحدة في شمال لبنان.

quot; لن ننأى بأنفسنا عندما يطال القصف السوري المناطق اللبنانية، بل سوف نحتجquot; قال نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني للصحافيين في وقت سابق من هذا الشهر، مضيفاً: quot;عندما تكون هناك محاولات لزعزعة استقرار لبنان من قبل سوريا، فإننا لن ننأى بأنفسنا، وسنتخذ التدابير اللازمةquot;.

لاجئون سوريون في مدرسة في وادي خالد في شمال لبنان

وخلال الأسبوع الماضي، طلب النواب المعارضون للأسد نشر قوات اليونيفيل على طول الحدود الشمالية وطرد السفير السوري وقدموا شكوى لدى جامعة الدول العربية في سوريا حول انتهاكات الحدود المتكررة.

لكن بالنسبة إلى القوى اللبنانية الموالية للحكومة السورية، فإن مشكلة الأمن تقع على الجانب اللبناني من الحدود، حيث تتم استضافة أعضاء من الجيش السوري الحر من قبل المتعاطفين من السكان الذين يؤمنون للثوار ملاذاً آمناً لتنظيم صفوفهم، التخطيط للعمليات، تهريب الأسلحة وحتى العلاج الطبي للجرحى.

وأشارت الصحيفة إلى أن نشاط الجيش السوري الحر في شمال لبنان هو في الحد الأدنى مقارنة بتركيا التي تعتبر القاعدة الرئيسة للمعارضة الخارجية السورية المسلحة. لكن القصف المدفعي السوري يطال القرى الحدودية التي ينتمي معظم سكانها إلى الطائفة السنية ـ تحديداً في عكار- إلى جانب الغارات عبر الحدود في أماكن أخرى على طول الحدود، في محاولات لاعتراض المسلحين الذين يعبرون الحدود ولمعاقبة مؤيديهم اللبنانيين.

وضع أمني هش

وفي quot;نورة التحتاquot;، وهي قرية صغيرة قاحلة تبعد أقل من ميل واحد من الحدود، بدأ السكان يشعرون بالضيق من الفوضى والوضع الامني الهش.

ويقول أبو حسين وهو مزارع يستضيف عددًا من اللاجئين السوريين والنشطاء في منزله الصغير: quot;نحن قلقون للغاية من أن السوريين سوف يعبرون الحدود ويهاجمون القريةquot;، مشيراً إلى ان بعض المزارعين أقدموا على بيع ماشيتهم وخرجوا من القرية لأنهم يشعرون بالخوف على حياتهم ويخشون الهجوم السوري.

ونقلت الصحيفة عن عضو في quot;لواء شهداء تلكلخquot;أن وظيفته تهريب الأسلحة إلى سوريا، وهي مهمة أصبحت أكثر خطورة منذ بدأت القوات السورية زرع الألغام الأرضية على الجانبين من الحدود للقبض على المتسللين.

واشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت السلطات اللبنانية على علم بهذه التطورات الأخيرة وبوجود الألغام الأرضية على أراضيها، لكن من غير المرجح أن تعالج هذه المسألة بسبب مخاطر الاقتراب من هذا القسم من الحدود.

ويتذكر المقاتل رحلته السابقة برفقة ثمانية رجال آخرين لتهريب السلاح، فعبروا النهر الكبير الذي يفصل بين المنطقتين الحدوديتين، محملين بحقائب مليئة بالبنادق والذخيرة. quot;كنت أعبر النهر ورفيقي عندما سمعنا صوت انفجار وراءنا على الجانب اللبناني. وسرعان ما اكتشفنا أن رفاقنا تعثروا بلغم أرضي وفقد اثنان منهما ساقاًquot;، كما يقول.

ويقول مقاتلو الجيش السوري الحر انهم يبحثون عن أسلحة أكثر تطوراً من أي وقت مضى لمواجهة الجيش السوري الذي لديه ميزة القوة الجوية والمدفعية.

ويقول محمد ليلى، قائد في لواء quot;شهداء تلكلخquot;، quot;اننا نتفاوض على شراء سلاح من نوع ستريلا بـ 9000 دولار أميركيquot;، مشيراً إلى صواريخ SAM-7 المضادة للطائرات المتاحة في السوق السوداء اللبنانية. واضاف انه يحاول أيضاً شراء قاذفة صواريخ متعددة و16 صاروخا 107 ملم. واضاف ليلى: quot;يطلبون منا مبلغ 70000 دولار مقابل الأسلحة، لكننا نقول لهم إن الثمن باهظ أكثر من اللازمquot;.

quot;ربيع إسلاميquot;

وأشارت quot;ساينس مونيتورquot; إلى أن الجيش اللبناني عزز وجوده في منطقة الحدود الشمالية، لكن لا يوجد أمامه الكثير من الخيارات، لأن الرد على إطلاق النار الذي يصدر من مواقع الجيش السوري quot;غير وارد سياسياًquot;، كما أن مطاردة واعتقال نشطاء الجيش السوري الحر في لبنان سيتسبب بمزيد من الغضب لدى اللبنانيين السنة.

ويقول محللون انه quot;إذا تم نشر عناصر من قوات الأمم المتحدة في الحدود الشمالية لدعم الجيش، فسوف يواجهون العقبات نفسها ، كما يمكن أن يجدوا أنفسهم مرة أخرى quot;على خط النار الجهاديquot;.واعتبرت الصحيفة أن quot;التهديد الذي تشكله الفصائل المستوحاة من تنظيم القاعدة في لبنان نحو اليونيفيل قد تبدّد في الآونة الأخيرةquot;، مذكرة بالتفجيرات التي استهدفت اليونيفل منذ عام 2006 من قبل الفصائل الجهادية.

ورجّحت أن quot;الرغبة في مهاجمة اليونيفيل قد خفتت مقابل الدعوة الى الجهاد في سوريا، والذي ينظر إليه العديد من المتشددين السنة في مختلف أنحاء المنطقة على أنه صراع ضد العلويين وحلفائهم الشيعة في إيران ولبنانquot;.

وختمت الصحيفة بالاقتباس عن الشيخ عمر بكري، داعية إسلامي سلفي في طرابلس، قوله لصحيفة quot;اللواءquot; إن ما يحدث في العالم العربي هو quot;ربيع إسلاميquot;، مضيفاً أن quot;المارد السني قد استيقظ ودولة الخلافة سوف ترى النور قريباًquot;.