التدخل العسكري العربي في سوريا تحقيقه صعب

لا تبدو الدعوة التي وجهها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تدخل عربي عسكري في سوريا سهلة التحقيق لما تحمله من تداعيات محتملة أولها النزاع الاقليمي.


دبي: تبدو دعوة قطر لتدخل عسكري عربي في سوريا صعبة التحقيق عمليًا وسياسيًا، وقد تفتح الباب امام نزاع اقليمي، كما أن سوابق التدخل العربي المشترك غير مشجعة، بحسب محللين.
واكد امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني امام الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك الثلاثاء أنه تم quot;اللجوء الى مختلف السبل (في سوريا) من دون طائل ... من الافضل للدول العربية نفسها أن تتدخل انطلاقًا من واجباتها الانسانية والسياسية والعسكرية وأن تفعل ما هو ضروري لوقف سفك الدماءquot;.

واستذكر الشيخ حمد تجربة قوات الردع العربية التي ارسلت الى لبنان في 1976، الا أن هذه التجربة تحولت الى ازمة بحد ذاتها اذ انسحبت القوات العربية ليبقى الجيش السوري وحده ويخوض نزاعات مع عدة اطراف. ولم تنسحب سوريا من لبنان الا في 2005.
وقال الخبير في شؤون الدفاع والارهاب مصطفى العاني لوكالة فرانس برس: quot;هناك تجربتان في السابق لتدخل عسكري عربي بموجب قرار من الجامعة العربية: قوات الردع في لبنان والقوات العربية التي ارسلت الى الكويت في 1961 لمواجهة مطالبات العراق بالكويت. التجربتان فاشلتان سياسيًا وعسكريًاquot;.

ورأى العاني أنه لن يكون هناك توافق سياسي عربي حول فكرة انشاء قوة عربية لسوريا، كما أن quot;الدول العربية لا تملك القدرات العسكرية كقوة رادعة ولا تملك القيادة الموحدة ولا تملك التنسيق، فبعد حروبهم مع اسرائيل، لم يطور العرب منظومة قادرة على فرض السلام أو حفظهquot;.
كما أن أي تدخل عسكري في سوريا التي يتمتع النظام فيها بدعم من ايران وروسيا، قد يفتح الباب امام نزاع اقليمي محتمل، كما اضاف.

وقال إن quot;التدخل العربي يفتح الباب لتدخل مضاد من قبل ايران وامام حرب اقليميةquot;.
وبحسب المحلل، فإن quot;التدخل العربي غير موجود في موازين القوىquot;.
وبحثت دول عربية عدة في الامم المتحدة الاربعاء شروط تدخل عسكري عربي محتمل في سوريا فيما أيّد الرئيس التونسي منصف المرزوقي في تصريح لوكالة فرانس برس ارسال quot;قوة حفظ سلام عربيةquot; الى هذا البلد.

وفيما يستمر العنف بالتفاقم في سوريا حيث بلغت حصيلة الضحايا اكثر من 30 الف قتيل، تبدو المساعي السياسية والدبلوماسية في حالة جمود مع فشل المجتمع الدولي مرارًا في التوافق على مقاربة مشتركة.
وتعطل روسيا والصين تبني قرارات اقترحتها الدول الغربية في مجلس الامن لممارسة ضغوط على النظام السوري.
وبدوره، رأى المحلل يزيد الصايغ من مركز كارنيغي للشرق الاوسط أنه quot;ليس هناك اجماع عربي دبلوماسي، فكم بالحري أن يكون هناك اجماع على جهد عسكري لا بد أن يكون جهدًا صداميًاquot;، وبالتالي، فإن الاقتراح القطري quot;غير قابل للتنفيذquot;.

كما أن أي جهد عسكري من هذا النوع يتطلب بحسب الصايغ quot;جهدًا من الدول المتاخمة، العراق ولبنان والاردن وتركياquot;، مؤكدًا أنه quot;لا لبنان ولا العراق مستعدان لهكذا تدخل، وحتى الاردن قد لا يكون مستعدًاquot;.
وتعليقًا على الدعوة القطرية، قال الخبير البريطاني نيل بارتريك في تحليل مكتوب إن امير قطر quot;لا يفكر بالتأكيد بارسال قوة شبيهة بالقوة الصغيرة التي ارسلت الى لبنان في تموز/يوليو 1976 (...) إنه يريد تغيير النظام ويرى امكانية مشاركة قوات عربية في تحقيق ذلكquot;.

الا أن الخبير تساءل عما يمكن أن يكون دور الجيش القطري الصغير في هكذا عملية على الرغم من دور لعبته قوات قطرية على الارض خلال النزاع الاخير في ليبيا.
كما رأى أنه quot;يصعب تخيل مشاركة الجيش السعودي في القوة التي يقترحها الشيخ حمدquot;، مشيرًا الى أن التدخلات السعودية السابقة المحدودة تمت في دول تقع quot;في فنائها الخلفيquot; مثل ارسال قوات الى البحرين تحت غطاء خليجي في 2011 والدخول في نزاع محدود مع المتردين الزيديين الشيعة في شمال اليمن عام 2009.

كما أنه quot;ليس من المرجح حصول قطر على مباركة الامم المتحدة لأي قوة تقوم باكثر مما قامت به مهمة المراقبين في سورياquot;، فيما quot;يصعب ايضًا تخيل تهافت دول عربية كثيرة للمشاركة في هذه القوة من دون ضوء اخضر من مجلس الامنquot;، بحسب بارتريك.
وبالنسبة الى بارتريك فإن اقتراح قطر يعكس quot;رغبة في فعل شيء، أو بالتحديد، في قول شيءquot; ازاء الوضع في سوريا.

وعن دوافع قطر، يرى العاني أن الاقتراح يعكس قناعة لدى جميع الاطراف، بما في ذلك النظام السوري، بأن quot;الوضع يجب أن يحسم ميدانيًا، ولا يوجد حل دبلوماسي أو سياسي، بل الحسم سيكون مثلما حسمت الامور في ليبيا وليس كما في اليمنquot;، حيث خرج الرئيس علي عبدالله صالح بموجب اتفاق سياسي.
واذ قال إن quot;الاقتراح القطري هو للخروج من الجمود السياسي والدبلوماسيquot; توقع تشكل قوة عسكرية دولية quot;خارج اطار مجلس الامنquot; تتدخل في سوريا quot;بعد الانتخابات الاميركيةquot;.
وبدوره ايضًا، اعتبر يزيد الصايغ أن التصريح القطري مجرد quot;تعبير عن استياء ووضع الإصبع على التقصير الدولي والتقصير الغربي بالتحديدquot;.