بعد ترشيح أوباما لجون برينان لمنصب مدير وكالات الإستخبارات المركزية، هل السي آي إيه ستظل مُشارِكة في العمليات شبه العسكرية السرية الأميركية، وبالأخص الهجمات التي يتم تنفيذها بواسطة الطائرات الآلية، أم أنها ستقوم بإعادة تطوير قدراتها الاستخباراتية التقليدية؟


جاء ترشيح الرئيس باراك أوباما يوم أمس لجون برينان ليشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية ليضع واحداً من أقرب وأقوى مساعديه على رأس وكالة شهدت حالة من التحول نتيجة سلسلة من الحروب السرية استمرت طوال أكثر من 10 أعوام.

وبعمله عن قرب مع الرئيس، سبق لبرينان أن أشرف من قبل على تصعيد الهجمات التي نفذتها الطائرات الآلية في باكستان عام 2010، كما كان المُخطِّط الرئيس وراء عمليات مكافحة الإرهاب التي نفذتها الإدارة الأميركية سراً في اليمن.

السؤال المركزي

وقد بات برينان ناطقاً بارزاً باسم الإدارة، بظهوره على شاشات التلفزيون عقب إحباط مؤامرات إرهابية، وبإدلائه خطابات بشأن الوضع القانوني والأخلاقي لعمليات القتل.

والتساؤل الذي رأت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أنه يواجه برينان، إن وافق عليه مجلس الشيوخ هو: هل وكالة السي آي إيه ستظل مُشارِكة بالعمليات شبه العسكرية السرية الأميركية، وبالأخص الهجمات التي يتم تنفيذها بواسطة الطائرات الآلية، أم أنها ستقوم بإعادة تطوير قدراتها الاستخباراتية التقليدية، التي يقول عنها قدامى الاستخبارات المخضرمون إنها ضمرت خلال سنوات المطاردات الإرهابية؟

ومضت الصحيفة تقول إن برينان سبق له أن سقط من حسابات أوباما قبل أربعة أعوام في ما يتعلق بترشيحه لشغل منصب مدير وكالة السي آي إيه بسبب المزاعم التي أثيرت وقتها من جانب بعض من العاملين بمجال حقوق الإنسان بخصوص أنه سبق أن وافق ndash; أو على الأقل فشل في وقف ndash; استخدامها لأساليب التحقيق الوحشية.

وهي الاتهامات التي نفاها برينان، وتم تكريمه في النهاية بمنحه منصب مستشار الرئيس لشؤون مكافحة الإرهاب، وعلى عكس ما كان متوقعاً، بدأ يحظى برينان بقدر كبير من الصلاحيات، وكأنه قد تولى منصب مدير الوكالة من وقتها. وقد تساءل يوم أمس بعض من قدامى السي آي إيه المخضرمين وبعض الخبراء الخارجيين عما إن كان برينان، 57 عاماً، والمنغمس في عمليات مكافحة الإرهاب على مدار سنوات، هو الرجل المناسب لإعادة الوكالة إلى مهمتها الأساسية المتعلقة بسرقة الأسرار من الحكومات الأجنبية وإعداد تقارير تحليلية على المدى البعيد.

ومضت الصحيفة تنقل عن مارك لوينثال وهو أحد كبار المسؤولين السابقين بالسي آي إيه قوله quot;سيتعين عليه ألا يفكر فحسب في الطريقة التي سيطارد بها آخر الإرهابيين، وإنما سيكون لزاماً عليه التفكير في المكانة التي ستتبوأها الوكالة في نهاية خدمتهquot;.

مهمة الوكالة من الناحية الإستراتيجية

فيما أشار مسؤولون آخرون سابقون وحاليون إلى أن برينان نفسه سبق له أن عبر عن قلقه من أن تكون عمليات مكافحة الإرهاب قد استهلكت السي آي إيه وأنه قد يرحب باحتمال اتخاذ منظور أوسع.

وقال مايكل ليتر الذي عمل رئيساً لمركز مكافحة الإرهاب الوطني إبان فترة حكم الرئيسين جورج بوش وأوباما: quot;تعين على جون في كثير من الأحيان أن يشارك في كثير من النقاشات التكتيكية، وهذه فرصة رائعة بالنسبة له كي يتراجع وأن ينظر إلى مهمة الوكالة من الناحية الإستراتيجيةquot;.

وبوضعه برينان على رأس وكالة السي آي إيه، فإن أوباما سيستعين برجل يثق فيه بصورة مطلقة. ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن برينان قضى معظم حياته العملية في السي آي إيه كمحلل، لكنه عمل خلال تسعينات القرن الماضي كمدير للوكالة في السعودية.

وفي الفترة بين 1999 ومطلع عام 2001، عمل برينان كرئيس لهيئة الأركان لجورج تينيت، مدير الاستخبارات المركزية، كما كان يوصف المنصب وقتها. وفي نهاية خدمته بالسي آي إيه، عامي 2004 و2005، أنشأ برينان ما يعرف الآن بمركز مكافحة الإرهاب.

ثم نوهت النيويورك تايمز بأن ترشيح برينان سرعان ما حظي بإشادة كبيرة من الأعضاء البارزين في الكونغرس. لكن السناتور جون ماكين، الذي تعرض للتعذيب كسجين حرب في فيتنام الشمالية وأخذ موقفاً صارماً ضد الاستجوابات القسرية، قد أبدى تحفظات.

وقال في بيان له بهذا الخصوص: quot;لدي الكثير من التساؤلات والمخاوف بخصوص ترشيح برينان. ومبعث قلقي على وجه الخصوص هو المتعلق بالدور الذي لعبه برينان فيما يطلق عليها برامج الاستجواب المتطورة أثناء فترة عمله بالسي آي إيه إبان فترة حكم الإدارة الأخيرة، فضلاً عن دفاعه العلني عن تلك البرامجquot;.