بات عدد من المرضى النفسيين هدفاً لنيران القناصة بعد أن وجدوا أنفسهم في قلب المعارك الدائرة في مدينة حلب في أعقاب هروبهم، وأصبحوا بلا مأوى.


بيروت: في شوارع مدينة حلب في شمال سوريا، يهيم عدد من المرضى النفسيين الذين فروا من مصح للامراض العقلية منذ اسبوع، معرضين انفسهم في كل لحظة لرصاص القناصين ونيران المعارك التي تشهدها المدينة منذ حوالي ستة اشهر.
وقتل اثنان منهم فجر الاربعاء الماضي بعد اقترابهما من احدى الجبهات العديدة في المدينة التي يتقاسم السيطرة عليها الجيش النظامي ومجموعات مقاتلة معارضة، علمًا أن معظم خطوط القتال تقتصر على ثغرات مستحدثة في جدران المباني تخرج منها الرشاشات والبنادق المجهزة بمناظير، بحسب ما يقول المرصد السوري لحقوق الانسان.
وروى طبيب يعمل في مشفى ابن خلدون للأمراض العقلية في شرق مدينة حلب لمراسل وكالة فرانس برس أن الاشتباكات التي وقعت اخيرًا في المنطقة القريبة من مطار حلب الدولي الواقع شرق المدينة، وفي مدينة السفيرة (جنوب شرق)، quot;أجبرت ادارة المشفى على توجيه نداء لكل من له قريب في المشفى لاستلامه بسبب تعذر وصول الأطباء والمكلفين بعناية المرضى الى المشفىquot;.
وسلم بعض المرضى الى عائلاتهم، quot;في حين بقي عدد آخر من نزلاء المشفى الذين نقلتهم الادارة الى مقر جمعية خيرية في مساكن هنانوquot; في شرق حلب.
واشار الطبيب الى أن quot;عدم جهوزية المقر لاستقبال مرضى مختلين عقليًا وما يتطلبه ذلك من برنامج وغرف وصالات خاصة، إضافة الى قلة عدد العاملين على رعايتهم وحراستهم، أمور أدت الى تكرار حالات هروبهم من المقرquot;.
وبالقرب من المستشفى وقعت ايضًا معارك حول مطار النيرب العسكري. واصيب المستشفى في 23 كانون الاول/ديسمبر بأضرار بالغة.
وفي شريط فيديو بثه ناشطون على موقع quot;يوتيوبquot; على شبكة الانترنت في 25 كانون الاول/ديسمبر، يبدو رواق في المستشفى وقد دمرت واجهاته الزجاجية وبدت آثار زجاج وحجارة على الارض في الرواق وفي مكاتب وغرف فارغة، كما تظهر ثقوب كبيرة وصغيرة ناتجة عن القذائف في جدران المصح، ودمار هائل عند المدخل.
وتعاني المستشفيات في حلب من ظروف صعبة للغاية. ومنذ بداية المعارك في المدينة في نهاية تموز/يوليو، يعاني دار العجزة في حلب القديمة الذي يستضيف المسنين وعدداً من المرضى النفسيين ايضًا من نقص في المواد الغذائية والادوية والعلاجات.
وافاد أحد المسؤولين في المستشفى فرانس برس في كانون الاول/ديسمبر أن ثمانية من نزلاء هذه الدار توفوا خلال الاشهر الماضية، وأن بقاء الآخرين على قيد الحياة quot;هو بمثابة معجزةquot;، مشيرًا الى أن بعض العاملين في الدار يخافون المجيء الى عملهم، وأن هناك فريقًا صغيرًا متفانيًا يواصل الاهتمام بهؤلاء المرضى والعجزة.
ومن اجل الوصول الى مشفى ابن خلدون، لا بد من سلوك طريق مطار حلب الدولي الخطرة جدًا بسبب المعارك، ما دفع العاملين فيه الى التوقف عن الذهاب الى عملهم حتى قبل تعرض المشفى للقصف.
وفي شريط فيديو ثانٍ على يوتيوب، يظهر اربعة رجال يتحدث احدهم باسم هيئة الامر بالمعروف في مدينة حلب وريفها ليقول quot;قمنا بزيارة الى مشفى ابن خلدون بعد قصف هذا المشفى من قبل النظام...quot;، مضيفًا quot;القصف ادى الى اضطراب الحياة في هذا المشفى، فهرب الكثير من المرضى وهرب الكادر الطبيquot;.
وقال إن الهيئة quot;جمعت الهاربين من المرضىquot;، وعملت على quot;ايجاد مكان آمن لهم يحتوي على كل متطلبات المشافيquot;، موضحًا أنه يتحدث quot;من هذا المكان الآمن الذي وضع فيه المرضى المصابون عقليًا ونفسيًاquot;.
في الوقت نفسه، كان شابان يعدان سندويشات في خلفية الصورة.
وفي شريط يعود تاريخه الى الاول من كانون الثاني/يناير، يظهر احد الرجال الاربعة مع مجموعة من المرضى وراء بوابة حديدية ويقول الرجل إنه تم تأمين طعام وشراب لهؤلاء، قبل أن يقفل عليهم الباب بقفل حديدي.
ويشكره احد المرضى بصوت متلعثم قبل أن يجهش بالبكاء.
بينما يقول مريض آخر يذكر أنه مصاب بمرض اعصاب quot;نحن معاقون نقصف بالطيران، الا يوجد ضمير أو وجدان؟quot;. ويضيف quot;كنا مقطوعين من الاكل والكهرباء... ومن الرحمةquot;.
واكد عبد الحميد (46 عامًا) وهو عامل تمديدات صحية من سكان مساكن هنانو أن بعض مرضى مشفى ابن خلدون للأمراض العقلية الذين هربوا من مقر الجمعية الخيرية الذي تم نقلهم إليه بشكل موقت، quot;مشردون في شوارع مساكن هنانوquot;.
واضاف أن العديد من الأهالي يلاحقون هؤلاء وquot;يعيدونهم الى المقر خوفًا عليهم من الضياع أو الموت نتيجة سلوكهم طرقاً خطرة ضمن محاور الاشتباكاتquot;.