اربيل: منذ غياب الرئيس العراقي جلال طالباني عن الساحة السياسية بسبب الانتكاسة الصحية التي ألمت به، جراء تعرضه لجلطة دماغية خطيرة كادت تودي بحياته، ومع تردد الحديث المستمر هذه الأيام عن خليفته المنتظر، وفي العنوان الأبرز لهذا الحدث مدى استعداد خليفة طالباني للتعاطي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، فإن الأخير وقيادة حزبه قلقين جدا من الحدث الأهم كردستانيا، وهو احتمال غياب طالباني عن المشهد السياسي واحتمال تفكك حزبه، على الرغم من تأكيد قيادييه على تماسكه، ومدى تأثير ذلك على مصير التحالف بين الحزبين الذي مكن لهما إلى الآن إدارة السلطة في إقليم كردستان مناصفة تارة، ومتحالفين تارة أخرى؛ ففي الحسابات الانتخابية لا يستطيع أي من الحزبين أن يجمع الأصوات الكافية لتشكيل الحكومة والتمتع بالأغلبية البرلمانية، وهذه مخاوف يبررها قيادي كردي عندما أكد لـصحيفة laquo;الشرق الأوسطraquo; أن مخاوف حزب بارزاني مبررة ومعقولة جدا، لأن هذا الحزب يعرف تماما أن الخريطة السياسية في الإقليم لم تعد كما كانت في السابق، وأن خارطة جديدة ستتشكل في المستقبل القريب، وتحديدا بعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلةraquo;.

ويرى القيادي الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريح لـlaquo;الشرق الأوسطraquo; أن هذه المخاوف مبررة من قبل حزب بارزاني، فهناك تحسن مستمر بالعلاقة بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير التي يقودها نوشيروان مصطفى، وقد كان نائبا لطالباني بزعامة الاتحاد، وما زال يستأثر بشعبية طاغية داخل صفوف الاتحاد الوطني لما له من مواقف مشرفة داخل الحزب، وعليه، فإن حزب بارزاني في وقت يخاف فيه من تفكك قيادة الاتحاد الوطني بتأثير الصراعات والتكتلات التي يعاني منها، يخشى أن تتجه الأكثرية نحو حركة التغيير، وهذا بحد ذاته قد يقلب موازين القوى بشكل كبير، وستظهر خارطة سياسية جديدة بالإقليم.
ويستطرد المصدر القيادي: laquo;من خلال الانتخابات التي جرت منذ عام 1992 لم يحصل أي من الحزبين على الأكثرية المريحة التي تتيح لهما الانفراد بتشكيل الحكومة الإقليمية، وفي السنوات الأخيرة عجزا عن تحقيق نتائج تمكنهما من تشكيل الحكومة أو التمتع بالأغلبية، ومع ظهور حركة التغيير المعارضة وتنامي دور الأحزاب الإسلامية في كردستان، بالكاد تمكنا معا من جمع 59 مقعدا بالانتخابات البرلمانية عام 2009، مما أتاح لهما تشكيل الحكومة والاستمرار بإدارة السلطة، ولكن قد لا تكون الحسابات الانتخابية المقبلة على هذا المنوال، خاصة مع تنامي دور الأحزاب الإسلامية في مناطق نفوذ حزب بارزاني، واحتمال دخول حركة التغيير والاتحاد الوطني بتحالف انتخابي أو استراتيجي يكون بديلا عن تحالف الحزبين الحاليينraquo;.
ويرى القيادي الكردي أن laquo;محاولات بارزاني بالتقرب من عقيلة الرئيس على اعتبارها مرشحة لدور كبير داخل الاتحاد الوطني مستقبلا، وكذلك التصريحات التي تصدر عن حزبه بضرورة التمسك بالتحالف الاستراتيجي، كلها إشارات تؤكد وجود مخاوف حقيقية من حزب بارزاني من مستقبل العلاقة مع الاتحاد الوطني، فعلى العكس من توقعات البعض ممن يرون بأن حزب بارزاني سيكون مستفيدا من غياب طالباني، بحيث سيسهل عليه تفكيك الاتحاد الوطني، تمهيدا لابتلاعه أو صهر أنصاره ومؤيديه داخل حزبه، يسعى هذا الحزب اليوم إلى إبقاء الاتحاد الوطني متماسكا وملتزما بالتحالف الاستراتيجي، وأن يكسب القيادة المقبلة إلى جانبه، لأنه يعلم جيدا مدى صعوبة حصوله على نتائج انتخابية تساعده على الاستمرار بحكم الإقليم، سواء عبر الحكومة أو رئاسة الإقليم، في ظل خسارة الاتحاد الوطني، ولكن مع كل هذه المحاولات فإن المستقبل سيكشف ما إذا كان هذا الحزب سينجح في تحقيق مسعاه، أم أن الخارطة السياسية ستتغير كما هو متوقع، وهذا هو الخيار الأقرب إلى الواقعraquo;.