فيما قالت الرئاسة العراقية اليوم الجمعة إن تنفيذ خطة السلام التي أعلنها طالباني لحل الأزمة بين بغداد وأربيل سيبدأ الأحد المقبل، فقد أعلن بارزاني قبولها بشروط منها عدم تحريك الجيش العراقي إلى المناطق المختلف عليها وموافقة حكومة وأحزاب الإقليم على نتائج اجتماعات اللجنة العسكرية الفنية المشتركة.. فيما استعرت حرب كلامية وتبادل اتهامات بالكذب بين المالكي ورئيس تحرير جريدة المدى البغدادية فخري كريم.
أسامة مهدي: بعد ساعات من اعلان الرئيس العراقي جلال طالباني عن موافقة رئيسي الوزراء نوري المالكي وإقليم كردستان مسعود بارزاني على خطة لإحلال الامن والاستقرار في المناطق المختلف عليها، فقد اعلن هذا الاخير موافقته عليها بشروط، منها عدم تحريك الجيش العراقي الى تلك المناطق وموافقة حكومة واحزاب الاقليم على نتائج اجتماعات اللجنة العسكرية الفنية المشتركة بين بغداد وأربيل.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة اقليم كردستان أميد صباح إن بارزاني وافق على وقف الحملات الإعلامية quot;ونحن اساسًا ضد أي شكل من اشكال المهاتراتquot;.
وأشار الى انه quot;بالنسبة إلى الاوضاع الأمنية في المناطق المتنازع عليها، فإن الأمر حساس، ويحتاج بحث التفاصيل الدقيقة، بحيث أن أي اتفاق لو تم ينبغي أن يضمن عدم تكرار ما حصل في الفترة الأخيرةquot;، في اشارة الى تحريك الجيش العراقي لقوات نحو مناطق مختلف عليها بين بغداد واربيل.
واضاف أنه يمكن للجان العسكرية الفنية من الطرفين أن تجتمعا لبحث التفاصيل، والقرار الأخير في كردستان سيتخذ بعد عرض نتائج هذه اللجان على برلمان وحكومة اقليم كردستان والقوى السياسية الكردستانيةquot;.
وكانت الرئاسة العراقية قالت الليلة الماضية إن الرئيس طالباني بذل بالتعاون مع نائبه خضير الخزاعي جهوداً حثيثة وأجرى اتصالات مع جميع الأطراف اثمرت quot;عن اتفاق حظي بتعضيد رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الإقليم الأستاذ مسعود بارزاني ويقضي بوقف كل الحملات الإعلامية، التي تؤدي إلى تشنج العلاقات وتوتير الأجواء وأن تجتمع اللجان العسكرية - الفنية ذات الاختصاص، بهدف تشكيل مجموعات، تضم مواطنين من سكان المناطق المتنازع عليها وبنسب متساوية بين أبناء القوميات الثلاث وتناط بها مسؤولية حفظ الأمن هناك، ويبدأ اثر ذلك انسحاب القوات التي تحركت في وقت سابق إلى هذه المناطق.
وناشد طالباني quot;جميع القوى السياسية أن تساند هذه المساعي وتدعمها بكل السبل، كما إن وسائل الإعلام مدعوة إلى إبداء أقصى قدر من الحرص وإلى تفادي كل ما يمكن أن يثير الأجواء المنافية لروح الحوار والتعاونquot;.
واضافت الرئاسة في بيان لاحق أنه quot;اكتمالاً للجهود الرامية الى احتواء التوتر وتحقيق التهدئة فإنها تؤكد أنها تواصل مساعيها بوصفها منسقًا بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، وتعمل معهما من اجل حث الخطى الهادفة الى بلوغ تفاهمات وحلولquot;.
وشددت في بيان على دعوتها الى تفادي التصعيد والتمسك بالحوار واعتماد لغة السياسة وادواتها والابتعاد عن كل ما يمكن أن يوحي باحتمالات اللجوء الى العنف أو التلويح به في معالجة المشكلات القائمة.
وناشدت الرئاسة الفرقاء بأن يكون نهار الاحد المقبل بداية الالتزام الكامل بوقف الاتهامات المتبادلة والتصريحات المتشنجة. واكدت أنها لن تألو quot;جهدًا، ولن تبخل بنصح من اجل ادامة الحوار والتوصل الى النتائج المرجوة، وستعمل مع الطرفين لتسهيل مهماتهما وتذليل ما قد يواجهانه من عقباتquot;.
وقد جاء هذا الاتفاق على خطة السلام بعد ثلاثة ايام من وصول الخلافات بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردستانية في اربيل الى اخطر مدياتها اثر تفقد بارزاني لقوات البيشمركة الكردية المحتشدة حول مدينة كركوك المختلف عليها، وتأكيده أن هذه القوات quot;ستتصدى لكل اعتداء للجيش العراقيquot;، على حد قوله.
فقد اعتبر ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي زيارة بارزاني هذه استفزازية وبمثابة إعلان حرب، وقال إنها تشبه زيارات صدام السابقة لجبهات القتال. وقال النائب ياسين مجيد القيادي في ائتلاف دولة القانون خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم إن زيارة بارزاني تذكر العراقيين بزيارات رئيس النظام السابق صدام حسين إلى جبهات القتال، مشيراً إلى أنّ ارتداء بارزاني للملابس العسكرية خلال هذه الزيارة يعتبر بمثابة اعلان حرب على جميع العراقيين.
وتشهد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان في اربيل ازمة حادة بسبب خلافات عدة، آخرها تشكيل بغداد quot;قيادة عمليات دجلةquot; لتتولى مسؤوليات أمنية في مناطق متنازع عليها. وقد انعكس الخلاف توترًا على الارض، حيث قام كل من الطرفين بحشد قوات قرب مناطق متنازع عليها، خصوصًا في محافظة كركوك (255 كم شمال شرق بغداد).
المالكي ورئيس تحرير المدى يتراشقان اتهامات بالكذب
تبادل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس تحرير جريدة quot;المدىquot; البغدادية مستشار الرئيس طالباني سابقًا فخري كريم اتهامات بالكذب.
فبعد مقال افتتاحي لكريم في المدى الأربعاء الماضي، اتهم فيه المالكي بالدكتاتورية والفساد ومواقف ضد سنة البلاد، فقد رد المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء قائلاً في بيان اليوم الجمعة quot;نسب رئيس تحرير صحيفة المدى في مقال له يوم امس إلى دولة رئيس الوزراء اشياء واقوالاً كاذبة وعارية من الصحةquot;.
واضاف quot;اننا في الوقت الذي نكذب فيه هذه الإدعاءات نؤكد أن مثل هذه المحاولات البائسة لا يمكنها حجب الحقيقة والتشويش على مواقف دولة رئيس الوزراء الوطنية، كما ندعو جميع الكتّاب ووسائل الاعلام الى الترفع عن اسلوب الدعاية المبتذل، والارتقاء الى المستوى المهني المسؤولquot;. ونفى أن يكون المالكي قد وصف سكان الموصل بأنهم quot;سنة أعداءquot;، أو ان يكون قد دعا الرئيس العراقي جلال طالباني إلى التحرك لضم نينوى إلى إقليم كردستان.
على الفور رد فخري كريم مؤكدًا أن ما جاء في مقاله، وعرض فيه تسجيلات لاتفاقات سياسية وافق عليها المالكي، quot;مثبت وموثقquot;، ولم تكشف فيه كل الحقائق، واتهم مكتب المالكي بتوريطه في تكذيب اتفاقات سياسية سجلت بحضور القادة السياسيين. وقال إن تكذيب المالكي كان متوقعًا quot;لأنه مستعد لكل شيءquot;.
واضاف كريم في بيان مكتوب وزعته وكالة quot;المدى بريسquot; التي يملكها quot;إن ما نشره مكتب المالكي هو الكذب بعينه، وورطه في هذا التكذيب.. ويبدو أن المالكي تعوّد أن يلوح بملفات إدانة للجميع من دون إظهار ادعاءاتهquot;. وأضاف ان quot;ما ورد في مقالي مثبت وموثق، والمالكي يعلم بأن رئيس الجمهورية لن يدخل على خط هذا الجدل من موقع الحرص والمسؤولية الوطنيةquot;.. وشدد بالقول quot;لكنني قادر على تأكيد الإدعاء الكاذب للمالكي ومكتبهquot;.
واشار الى أن بيان مكتب المالكي quot;لم يكن غريبًاquot;. وقال: quot;كنت اتوقع قبل نشر مقالي أن يدلي المالكي بهذا التكذيب، فهو مستعد لكل شيء ما دام تنصل من التزاماته المكتوبة والموقعة مع شركائه في العملية السياسية التي جاءت به الى ولايته الثانيةquot;. وشدد كريم بالقول إن quot;المالكي يعرف أن ما كتبته هو جزء من الحقيقة، ولم أسلّط الضوء على حقائق أخرىquot;.
وكان كريم نشر افتتاحية في جريدة المدى الاربعاء الماضي تحت عنوان quot;من يردع المالكي ويكبح جماحه ويضبط إيقاعه المختل؟.. الرئيس حامي الدستور.. فماذا ينتظر؟quot; جاء فيها:
quot;ان السياسة المراوغة والنهج الملتبس الذي مارسه المالكي، حتى وقتٍ قريب قد لعب دوراً مختلاً في تخدير يقظة غالبية القوى وحالت دون التصدي بحزم لمظاهر التفرد والغطرسة وتسطيح الحكومة ومؤسسات الدولة لتصبح في نهاية المطاف فريسة سهلة لأطماعه السلطوية ونزوعه نحو الدكتاتورية والاستبداد. ورغم استمرار التجاوز على مبادئ الدستور والخرق الفاضح للصلاحيات الممنوحة لرئيس مجلس الوزراء، فإن الرئيس واصل اعتماد وسيلة النصح والتلويح في كل مرة متجنباً اللجوء الى الاجراءات التي يخوّلها اياه الدستور لحمايته والحيلولة دون خرقه.
وقد تجاهل الرئيس، ربما من منطلق البحث عن اصلاحٍ هادئ يجنب العملية السياسية مطبات الفراغ أو التخاصم الشديد أو أملاً في استنبات شدة ورد ذبلت بحكم التقادم، تجاهل مظاهر خطرة في سلوك المالكي غير الدستوري، وهو يقضم مؤسسات الدولة ويربط اركانها به شخصياً وبمكتبه خلافاً للدستور، ويواصل الاعتداء على الحريات العامة والخاصة بصولات قواته الخاصة الامنية والعسكرية، التي باتت تحت قيادة عناصر مشمولة بقانون المساءلة والعدالة، بل أن كثرة من عناصر امن صدام ومخابراته ممن مارسوا التعذيب والقتل للمناضلين اصبحوا اعضاء في اجهزته الخاصة.
لم يتوقف الامر عند التعذيب والاغتصاب والتزوير والانتهاكات لحقوق الانسان في سجون يشرف عليها زبانيته، بل أنه اقحم الجيش في النزاعات السياسية، ودفع به الى مختلف المواقع من دون ان يأخذ بذلك اذناً من البرلمان وموافقة من الرئيس.
والاستهتار بأحكام الدستور لم يتوقف عند أي حدود، سواء بالتعيينات الخاصة أو قادة الفرق أو الوكلاء أو أي موقع يحتاج موافقة البرلمان. ولا يحتاج الرئيس تعداد كل الخروقات والتجاوزات غير الدستورية لرئيس مجلس الوزراء، فليس من المعقول أن لا يعرف تفاصيلها، وهو الحقوقي اللامع والحامي الاول للدستور، وهي تطال كل مرافق الدولة والحريات، وتشمل ظاهرة الفساد الخطرة التي امست جزءًا من المنظومة المحيطة بالمالكي وحاشيته ومريديه، وكذلك هدر المال العام الذي يتبدد من دون أن يتحقق اي منجزٍ يقي المواطنين شرور الفاقة والتخلف وانعدام ابسط الخدمات، ناهيك عن تدهور الامن والاستقرار.
لكن الملفت أن التجاوز على الدستور بلغ حد تهديد العملية السياسية من اساسها، والتهديد بتفخيخ نسيج المجتمع العراقي واثارة الفتنة بين مكوناته والتلويح بحرب quot;قومية quot; بين الكرد والعرب، مثيراً بذلك قلق سائر المواطنين.
لم يعد لسكوت الرئيس من معنى، بعدما تحول الانفراد الى تهديد مباشر للامن الوطني، وتلويح بالحرب التي يحرم الدستور بشكل قاطع على أي مسؤول زج البلاد فيها من دون تفويض برلماني وموافقة رئاسية، مع أن دفع الجيش الى التدخل في الصراع السياسي بين الفرقاء وحده يستحق الحجر السياسي على أي رئيس للوزراء مهما كان انتماؤه أو نسبه السياسي. فهل يتحرك الرئيس، ويمارس دوره لحماية الدستور؟quot;.
التعليقات