يسعى رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري والقيادي في ائتلاف دولة القانون إلى لعب دور الإطفائي في الحرائق المشتعلة بين المركز وإقليم كردستان العراق بعدما بلغت حدة الصراع بين بغداد وأربيل حدّ التهديد بالمواجهة العسكرية بين الجيش العراقي وقوات حرس إقليم كردستان العراق (البيشمرغا) بعد ضخّ قوات من الأخيرة خارج حدود الإقليم الإدارية.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: أبلغ القيادي في دولة القانون النائب علي الشلاه quot;إيلافquot; في اتصال هاتفي اليوم أن الجعفري لم يكن ميّالاً إلى التصعيد بين الطرفين، ويسعى إلى التهدئة. مرجّحًا صحة الأنباء التي تحدثت صباح اليوم عن سفره القريب إلى أربيل قادمًا من طهران، التي يزورها، وحضر جانبًا من جلسات مؤتمر المعارضة السورية فيها.

وأضاف الشلاه أن الجعفري كان قد اقترح على رئيس الوزراء نوري المالكي عدم التصعيد مع أربيل تجنبًا للتفريط بالتحالف الاستراتيجي الكردي الشيعي، الذي بات عرضة للتمزق، على خلفية سعي قوات دجلة إلى دخول إقليم كردستان.

ورأى أن الاعتراض على قوات دجلة لا مبرر له، خاصة ما يتردد اليوم في الإعلام عن أن قائد هذه القوات كان ضابطًا كبيرًا إبان حكم صدام حسين، وهو من قاد القوات العراقية التي دخلت إلى أربيل بعد استنجاد رئيس الإقليم مسعود بارزاني في بغداد ضد قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني عام 1996.

وتساءل عن سبب الاعتراض على ضابط محترف وإهمال من طلب دخول هذه القوات إلى أربيل في تلك الفترة. الأكثر غرابة أن يأتي هذا الاعتراض من قبل قادة في القائمة العراقية، حسب تعبيره.

وفي وقت توترت فيه الأجواء بين رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس الحكومة نوري المالكي بسبب طلب طالباني بحلّ قيادة عمليات دجلة، يقوم الأخير بزيارة تضامنية إلى أربيل والالتقاء برئيس الإقليم مسعود بارزاني بعد فترة قطيعة دامت أشهرا بينهما، كان من أبرز أسبابها وقوف طالباني ضد مشروع سحب الثقة من رئيس الوزراء، الذي طالب به بارزاني وزعيم القائمة العراقية أياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قبل أشهر.

وكانت مصادر مقربة من رئيس الحكومة نوري المالكي قالت إن طالباني اتصل مساء أمس بالمالكي، وطلب منه تأجيل موضوع نشر عمليات دجلة في كركوك. وكشفت المصادر عن أن quot;المالكي رد بالرفض القاطع، وقال لطالباني لن أكون مستاهلاً لحسابات سياسية.. لا بد من نشر الجيش العراقي في كركوك، لأنها تابعة للحكومة المركزية، وليس لإقليم كردستان، ثم إن الدستور يسمح بذلك، ولا أعتقد أن اعتراضات مسعود بارزاني دستورية أو توافق القانونquot;.

يتخوف قادة إقليم كردستان العراق من أن تكون قيادة عمليات دجلة تمهيدًا لاقتحام الإقليم عسكريًا ووسيلة للضغط السياسي على الإقليم الذي تصاعد فيه وفي بغداد الخلاف السياسي والشخصي بين رئيس الوزراء ورئيس الإقليم حسب مراقبين عراقيين.

ويرى المراقبون أن مهمة الجعفري ستكون صعبة، بعدما كسب رئيس الإقليم إلى جانبه حليفه quot;اللدودquot; جلال طالباني، الذي كان يقف بجانب رئيس الوزراء العراقي لإغضاب بارزاني حيناً وتفعيلاً لمنصبه كرئيس للجمهورية حينا آخر. وجلّ ما يمكن أن يعمله الجعفري هو إيقاف التصعيد الإعلامي والعمل على استعادة التحالف مع رئيس الجمهورية جلال طالباني، الذي أغضبته تصريحات القيادي في ائتلاف دولة القانون سامي العسكري في الأسبوع الماضي، اتهم فيها الزعامات الكردية بـquot;اللعبquot; على موضوع الخلافات السنية الشيعية، معتبرًا أن الحديث عن ائتلاف شيعي كردي quot;أكذوبةquot;، وأكد أن الكرد لم يقطعوا علاقاتهم بإسرائيل.

ورد طالباني في بيان صدر لاحقًا quot;بأن التصريحات التي أطلقها النائب عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري حول أكذوبة التحالف الشيعي الكردي، ليست مجافية للحقيقة والواقع فحسب، بل تمثل عن قصد أو من دونه، مسعى إلى فك عرى هذا الترابط الذي يلعب دورًا أساسيًا في العملية السياسيةquot;.

لكن وفقًا لأزمات سابقة يرى المراقبون أن المالكي نجح في تجييش الشارع العراقي السني خاصة والشيعي بجانبه، ويرون أنه سيتمسك بقصبة قوات دجلة حفاظا على الجماهيرية التي حققها في الشارع العراقي، وربما تدخل في اشتباك عسكري مع قوات البيشمركة الكردية، مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات التي ستجري في نيسان/إبريل عام 2013.

وكان مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي حذر، صباح اليوم الاثنين، قوات البيشمركة من تغيير مواقعها أو الاقتراب من القوات المسلحة، بعدما أعلنت قوات البيشمركة مساء أمس السبت، عن نشر قواتها في محيط قضاء الطوز في محافظة صلاح الدين، وكان شهد مواجهات بين قوات دجلة وحماية قيادي كردي، يدعى كوران جوهر، قريب من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس الجمهورية جلال طالباني، حيث لم يمتثل إلى أوامر السيطرة يوم الجمعة 16 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وأسفرت عن مقتل وإصابة 11 شخصاً، غالبيتهم عناصر من قوات عمليات دجلة، قرب إحدى السيطرات في قضاء الطوز (90 كم شرق تكريت).

وقد أكد رئيس إقليم كردستان العراق، في (17 تشرين الثاني/نوفمبر 201)، أن الإقليم في كامل الاستعداد لمواجهة أي quot;حدث غير محبذquot; للدفاع عن أرضه ومواطنيه، داعيًا قوات البيشمركة إلى ضبط النفس إزاء التصرفات الاستفزازية والتصدي لأي quot;تطاول وتجاوز عدائيquot;، فيما طالب وزارة البيشمركة بأن تتخذ التدابير اللازمة كافة.

يذكر أن وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق أعلنت، في (13 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)، عن تشكيل قيادتين للعمليات وذلك لحاجتها إلى إدارة أفضل لقوات البيشمركة، فيما نفت إجراءها ذلك لمواجهة عمليات دجلة.

وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت في 3 تموز/يوليو 2012 عن تشكيل quot;قيادة عمليات دجلةquot; برئاسة قائد عمليات ديالى الفريق عبد الأمير الزيدي، للإشراف على الملف الأمني في محافظتي ديالى وكركوك، فيما أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس كركوك رفضها القرار quot;لأن المحافظة آمنة، ومن المناطق المتنازع عليهاquot;، مؤكدة أنه سيفشل من دون تنسيق مسبق بين حكومات بغداد وأربيل وكركوك.