الاشتباكات في مدينة رأس العين، على الحدود السورية التركية، كر وفر، بين بعض الأكراد وكتائب الجيش الحر، على الرغم من تأكيد الجانبين أن الأكراد مكون أساس من مكونات الثورة، وأن لا مصلحة للجيش الحر في قتالهم.


تهدأ اشتباكات رأس العين، أو سري كانييه، في شمال محافظة الحسكة على الحدود السورية التركية، لتعود من جديد على نحو أشد بين عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وبعض كتائب الجيش الحر. وتحدث ناشطون هذا الأسبوع أن المعارك كانت الأشرس منذ اندلاع المواجهات بين الطرفين، تكبدا فيها خسائر كبيرة لم يعلنا عنها بشكل رسمي. وقررت أطراف المعارضة تشكيل لجان للتدخل بين الطرفين، كما وزعت بيانات تحض فيها على وقف هذه الحرب.

تركيا تشهر بالاتحاد

كرر مسؤول اعلام حزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا لـquot;ايلافquot; ما قاله رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات: quot;داريا تموت من الحصار والقصف شغال، و بعض الثوار يريدون تحرير رأس العين بـ 17كتيبة!quot;.

أضاف: quot;حين تعلن تركيا أنها لن تقبل على حدودها بإدارة كردية على غرار كردستان العراق، فهذا يعني أننا لن نسلم منها ولا من حلفائها من الاسلاميين والقوميينquot;.

وأشار إلى أن البداية كانت مع حملة تشهير طالت الحزب، تمهيدًا للدخول العسكري، quot;وهم تصوروا أن الشباب الكردي لا يملك القوة للدفاع عن ارضه، لكننا حاولنا كجانب كردي بكل ما أوتينا من قوة تجنب الاصطدامquot;.

واستطرد المسؤول الكردي قائلًا: quot;لكن بعد ايام، ونتيجة الضغط التركي، بدأ التحريض وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير اقدامهم على استهداف عابد خليل، وهو رئيس المجلس الشعبي في المدينة، ولهذا كان الرد قويًاquot;.

وتابع: quot;وقعنا مع هذه الكتائب هدنة لوقف القتال عدة مرات، ولكن لا عهد لهم، فما أن تصلهم تعزيزات حتى يهاجمونا، وهذه المرة استخدموا الاسلحة الثقيلة، وحتى الدباباتquot;.

نقاتل حتى النهاية

رأى المسؤول الكردي أن الشارع الكردي على قلب رجل واحد، وقد هددت الاحزاب المختلفة مع حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب بأنها ستتدخل في القتال، وكذلك هدد شباب الاحزاب الأخرى والتنسيقيات، لافتًا إلى أن الهجوم على قوات حزب الاتحاد بينما كانت وحدات الحماية الشعبية الكردية تحاصر أحد المراكز الكبيرة للجيش السوري النظامي.

وقال: quot;نحن من حرر المنطقة، ونحن من يحميهم، وسنقاوم حتى سقوط النظام، لأننا جزء لا يتجزأ من الثورة الهادفة إلى اسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاتهquot;.

أضاف: quot;اقترحنا تشكيل مجلس محلي من جميع مكونات المدينة، لكنهم يقفون بالمرصاد لكل تحرك يهدف لخدمة المنطقة، والأسوأ هو أنهم يعدوننا من غير المسلمين، إذ يصيحون بنا في ساعات القتال أسلم تسلمquot;، مؤكدًا أن هؤلاء يخدمون تركيا والنظام السوري معًا، quot;وهي حرب مفروضة علينا ولهذا سنقاوم بإباء وشرف، حتى النهايةquot;.

لا نريد قتال الأكراد

قال اللواء المنشق عن الجيش السوري محمد حسين الحاج علي لـ quot;ايلافquot; إن الجميع يتحمل مسؤولية ما يحصل في رأس العين، quot;والمشكلة الرئيسية هي في وقوف بعض الأكراد مع النظام واستخدامهم كورقة ضغط في المنطقةquot;.

أضاف: quot;الجيش الحر ليست له مصلحة في قتال الأكراد، على العكس فهم مكون رئيسي ومهم من مكونات الثورة، وهم شركاؤنا في المظالم، لكن هذا اسلوب النظام من اجل البقاء، يعمل على التناقضات ويوظفها لصالحهquot;.

وعبّر محمد حسين الحاج علي عن أسفه من عدم وعي حزب الاتحاد الديمقراطي، قائلًا: quot;لقد استخدمهم النظام ورقة ضد الاكراد ثم رماهم، والآن يستخدمهم ضد الثورةquot;.

لا يعتقد الحاج علي أن الامور ستتطور باتجاه الاسوأ، بفضل العقال من الاكراد والقيادات الشعبية، وهو يعترف بوقوع الجيش الحر في بعض الاخطاء، quot;لكن هناك اخطاء مبررة، فالضرورات تبيح المحظوراتquot;.

اسلام سياسي بلا عقال

رأى المعارض السوري الكردي البارز صلاح بدرالدين أن سري كانييه أو رأس العين تشكل نموذجًا مصغرًا لسوريا المتعددة القوميات والأديان والأثنيات، وهي تقترب شيئًا فشيئًا من حدود الكارثة.

وقال لـquot;ايلاف: quot;من سوء طالع هذه المدينة المنكوبة أن تكون الضحية الأولى لحالة الفوضى السائدة بين صفوف قوى الثورة، وانعدام الضبط والربط بين كتائب وألوية ومجاميع المقاتلين ضد النظام، فالجيش الحر وبكل أسف يفتقر إلى قيادة عسكرية مركزية موحدة، وهو لا يسيطر على الغالبية الساحقة من المسلحين، ولا يمتلك قرار الحرب والسلم في معظم مناطق المواجهات، لذلك تحصل الخروقات الأمنية المضادة والأخطاء والتجاوزات من دون رادع أو مساءلة أو عقاب، وتصب في خانة النظام ليستثمرها بدوره ضد الثورة وتفتيت الجبهة الداخلية واثارة النعرات العنصرية والمناطقيةquot;.

كما وجه بدر الدين أصابع الاتهام إلى جماعات الاسلام السياسي المتفلتة من عقالها، والوافدة من مناطق أخرى من دون استئذان الجيش الحر، وإلى فعاليات المدينة السياسية والاجتماعية والروحية وتنسيقيات الشباب التي كانت مواظبة طوال أكثر من عام على تسيير المظاهرات الاحتجاجية السلمية المشتركة تحت شعار اسقاط النظام ونصرة الثورة، لافتًا إلى تورط حزب العمال الكردستاني واستغلال الموقف لتصفية حسابات حزبية مع خصومه، واثارة الفتن العنصرية، وركوب موجة النظام في توجيه الاتهامات إلى الثورة والجيش الحر والقوى الكردية الأخرى، وخصوصًا تنسيقيات الشباب المنخرطة في الثورة منذ اندلاعهاquot;.

الحل بخروج المسلحين

تناول بدر الدين الحلول لقضية رأس العين، في ظل تشكيل المعارضة للجان بغية التدخل بين الطرفين المتنازعين، محملًا المجلس الوطني السوري الجزء الأكبر من المسؤولية بوقوفه تحت مظلة جماعات الاسلام السياسي والاخوان المسلمين، واستبعاده الوطنيين والمناضلين الأكراد من صفوفه، quot;ففقد بذلك ثقة الشارع الكردي، بل منح الضوء الأخضر بسبب مواقفه الهزيلة والشوفينية تجاه القضية الكردية لرهط من العنصريين والانتهازيين والشبيحة وشجعهم بصورة غير مباشرة على التطاول ضد الأكراد واستباحة مناطقهم والاستخفاف بهم ومحاربة حراكهم ومناضليهم واستهدافهمquot;.

ونفى بدرالدين أن تكون لجان المجلس السوري قادرة على تغيير الموقف أو احلال السلام، ورأى أن الحل يكون بخروج جميع المسلحين من المدينة، وانتخاب لجان أمنية وادارية واجتماعية وسياسية من كافة المكونات، للسهر على استقرار المدينة وعودة النازحين والتعويض عن الخسائر من صندوق خاص يؤسس لهذه الغايةquot;.

التنسيق مفقود

أما الناشط السياسي والمعارض السوري الدكتور أبوالضاد سالم السالم فكان له رأي آخر، وقال لـ quot;ايلافquot; إن النظام السوري عسكر الثورة بالقتل الممنهج، ونجح في تخويف مكونات الشعب السوري من البعبع الإسلامي، فوقف أغلبهم على الحياد، ما أثر على مسار الثورة.

وحذر السالم من مخاطر حرب المدن من دون التحضير الجيد للمعركة، التي تضمن النصر، وتوفر على أبناء المدينة ما أمكن من حقن للدماء والدمار، معبرًا عن أسفه لعدم التنسيق بين مختلف الفصائل المقاتلة على الأرض، quot;فأصبح تحرير مدينة من أيادي النظام هو عنوان تدميرها وحصارها بحجة وجود العناصر المسلحةquot;. لكنه ثمّن الدور الذي يقوم به المقاتلون، فلولاهم لما استمرت الثورة.

ورأى السالم أن دخول بعض الفصائل المقاتلة مدينة رأس العين لاحتلال المركز الحدودي منطقي، quot;لأننا في معركة تتطلب السيطرة على كل المناطق الحساسة من مطارات وثكنات عسكرية ومراكز حدودية، لكن كان يجب تجنب دخول مدينة رأس العين، تجنبًا لتعرضها للقصفquot;.
ورفض السالم أن يقوم الأخوة الأكراد بقتال الجيش الحر بحجة الدفاع عن المدينة، مطالباً كل الأطراف توجيه السلاح ضد النظام والتوحد لأن حجم المؤامرة ضد سوريا ككيان يزداد يوماً بعد يوم.