ارتفعت في السنوات الثلاث الأخيرة معدلات سقوط الأطفال من شرفات ونوافذ منازلهم في دولة الإمارات، وهو ما يثير مخاوف الأهالي والسلطات، ويرى مختصون أن الحل يكمن في بنايات من الجيل الجديد.


أبوظبي: تزايدت معدلات سقوط الأطفال من النوافذ والشرفات في دولة الإمارات خلال الاعوام الثلاثة الأخيرة بشكل كبير، وكان أحدث تلك الحوادث المروعة أمس الجمعة في أبوظبي، الأمر الذي أصبح يشكل هاجسا وتخوفا كبيرا لكل الأسر التي لديها أطفال وتقطن في بنايات سكنية تحتوي على نوافذ واسعة وشرفات يسهل الوصول إليها من قبل الأطفال.

ويرى متخصصون في القطاع العقاري أن الحل الجذري لتلك المشكلة التي تحولت إلى ظاهرة تكاد تتكرر بشكل متواصل في إمارتي أبوظبي والشارقة تحديدا، يكمن في بنايات الجيل الجديد، وهي البنايات الزجاجية المغلقة التي لا يوجد فيها أي نوافذ قابلة للفتح أو شرفات على الإطلاق. موضحين أن تلك المنازل الحديثة تكون مصممة بشكل آمن جدا وتوفر أفضل معايير الأمن والسلامة للسكان، ويمكنها حماية الأطفال من أي أخطار، كما أنها منازل صديقة للبيئة ومضادة للرطوبة.

حوادث 2013

توفي طفل فلسطيني يبلغ من العمر 5 سنوات أمس الجمعة بعد سقوطه من إحدى النوافذ المفتوحة في شقة سكنية تعود لذويه في الطابق الثالث في بناية في منطقة الخالدية في مدينة أبوظبي. وذكرت وزارة الداخلية أن الطفل المدعو quot;ع. رquot; أثناء وجوده في منزل ذويه في إحدى الشقق السكنية سقط على الأرض بعد أن اجتاز نافذة ضيقة كانت لحظتها غير مؤمنة من ارتفاع الطابق الثالث، وكانت حالته خطرة نتيجة ارتطامه بالأرض. هذا وقد توفي الطفل بعد وصوله إلى المستشفى.

وأشارت التحقيقات الأولية إلى وقوعه من إحدى النوافذ غير المؤمنة في شقته السكنية على الرغم من حرص ذويه على إغلاق وتأمين جميع النوافذ الأخرى في تلك الغرفة عدا النافذة التي سقط منها إلى الأرض .

دور أولياء الأمور

وأعربت وزارة الداخلية عن أسفها لوقوع مثل هذا الحادث على الرغم من حرص الأب على إقفال النوافذ كافة في الغرفة التي كان يوجد فيها أبناؤه ما عدا نافذة واحدة كانت خلف سرير من طابقين، لافتة إلى أن سهو الأب عن النافذة وعدم تأمينها أدّيا إلى سقوط الطفل.

وشددت الداخلية على أهمية دور أولياء الأمور في التأكد من اشتراطات السلامة في منازلهم وأماكن لعب أبنائهم للوقاية من مثل هذه الحوادث الأليمة. وحثت الأسر من مختلف الجنسيات والتي تقطن في جميع البنايات والفلل السكنية إلى ضرورة اتخاذ احتياطات السلامة الكفيلة بالحد من حوادث الأطفال المنزلية، كونها من المسببات الرئيسة لإصابات الأطفال وحالات الوفاة، خصوصا السقوط من الشرفات والنوافذ والذي يودي بحياتهم في غالب الأحيان وهم بعمر الزهور.

وأكدت الوزارة أهمية المراقبة اللصيقة والمستمرة للأطفال في جميع الأوقات مع عدم الاعتماد كليا على الخدم في رعاية الأطفال. وضرورة إحكام إغلاق النوافذ وعدم السماح للأطفال بالجلوس عليها وعدم وضع الأثاث المنزلي بالقرب منها. وإغلاق جميع النوافذ عندما لا تكون قيد الاستعمال، إذ إن معظم النوافذ انزلاقية سهلة الفتح حتى بالنسبة إلى الأطفال وتركيب حواجز النوافذ لحماية الأطفال من السقوط عبر النوافذ المفتوحة، وهي سهلة التركيب وبالإمكان استخدام البراغي لتثبيتها على إطار النافذة والاستعانة بمحابس النوافذ لتأمين سلامة الأطفال بالقرب من النوافذ ويمكن تركيبها على إطار النافذة وهي تمنع فتح النافذة لأكثر من 4 بوصات quot;10 سنتيمتراتquot;.

حوادث 2012

في شهر نوفمبر العام الماضي 2012 ، لقي طفل يبلغ من العمر خمس سنوات مصرعه، إثر سقوطه من شرفة شقة ذويه في الطابق الثاني من بناية على شارع المرور في أبوظبي. وحسب تقرير الشرطة، فإنه تبين أن الطفل quot;ح.أquot; خرج من غرفته إلى شرفة الشقة من دون أن يشعر أهله به، وتسلق عمودا خرسانيا موجودا في الشرفة، وصعد منه حاجز الألومنيوم quot;بارتفاع مترquot; فاختل توازنه وسقط على الأرض من الدور الثاني ليلقى حتفه فورا متأثرا بجراحه.

ولفت التقرير إلى أن حواجز النوافذ في بعض المباني غير كافية لحماية الأطفال من السقوط، فهي مصممة للحماية من الحشرات، ومصممة خصيصا للمباني المكونة من طابقين بحيث تندفع مفتوحة عند الحرائق، والطفل الذي يتكئ على مثل هذا الحاجز معرض للسقوط عبر النافذة.

وفي شهر فبراير 2012 توفيت طفلة في الثالثة من عمرها (تدعى الطفلة مريم وهي وحيدة والديها ومن الجنسية المصرية)، إثر سقوطها من شرفة مجلس منزل ذويها في الطابق الخامس في مدينة أبوظبي. وكانت الطفلة ذاتها نجت في شهر ديسمبر من عام 2011 من حادث سقوط مشابه من نافذة مطبخ مسكن ذويها، إذ حالت العناية الإلهية ثم يقظة عناصر الشرطة دون سقوطها بينما والداها في العمل. وكانت خالتها نائمة داخل إحدى غرف المنزل. وذلك بعد أن شاهدها عناصر دورية تابعة لمديرية شرطة العاصمة تدلي إحدى رجليها إلى خارج نافذة مطبخ منزل ذويها بطريقة تعرضها للسقوط، فقاموا بكسر باب الشقة وتمكنوا من إنقاذها وفوجئوا بأنها بمفردها داخل المنزل.

كما شهدت إمارة الشارقة العديد من حالات سقوط أطفال من شرفات أو نوافذ مساكنهم، وقد أدت إلى الوفاة وإصابات بليغة أو متوسطة.

هذا وتنص اشتراطات ولوائح تصميم النوافذ والشرفات في إمارة الشارقة على ألا يقل ارتفاع جلسة النافذة عن متر واحد إلا في حالة وجود شرفات أمام النافذة من الخارج، أو إذا تم توفير واقيات السقوط quot;درابزينquot; بارتفاع لا يقل عن متر واحد، كما يجب توفير أعلى مستويات الأمان بالنسبة إلى طريقة فتح النوافذ وإقفالها، وذلك حفاظا على الأطفال من السقوط.

حوادث 2011

في عام 2011 لقي 12 طفلا تقل أعمارهم عن خمس سنوات مصرعهم نتيجة سقوطهم من نوافد وشرفات بنايات سكنية في مناطق مختلفة من الدولة.

ففي ديسمبر 2011 توفي طفل يبلغ من العمر أربع سنوات بعد أن سقط من الطابق الرابع من إحدى البنايات في شارع جمال عبدالناصر في الشارقة. وتوفي طفل يبلغ أربع سنوات بعد سقوطه من الطابق السادس عشر ليستقر في شرفه quot;بلكونةquot; في الطابق العاشر من برج سكني في منطقة الخان.

وفي نوفمبر توفي كذلك طفل سوري يبلغ أربع سنوات بعد سقوطه من الطابق الرابع عشر من إحدى بنايات منطقة النهدة في الشارقة بالقرب من مركز صحارى للتسوق، وانشطر الطفل الى نصفين فور ارتطامه بالأرض. وتوفي طفل إثيوبي يبلغ أربع سنوات بعد سقوطه من الطابق الخامس من بناية في منطقة القاسمية في الشارقة.

وفي سبتمبر شهدت منطقة quot;جميرا ليك تاورquot; في دبي حادثا أسفر عن وفاة طفل في الخامسة من عمره ووالدته، وهما من جنسية آسيوية إثر سقوط الطفل من الطابق الثامن نتج منه إصابة الأم بحالة هستيرية فألقت بنفسها خلفه. وتوفي طفل إثر سقوطه من شرفة شقة في الطابق الـ21 من إحدى بنايات منطقة المجاز في الشارقة بعدما اختل توازنه أثناء التقاطه بعض الصور الفوتوغرافية في الوقت الذي كان والداه يمارسان رياضة المشي على كورنيش البحيرة بالقرب من البناية.

وفي أغسطس لقي طفل مصري يبلغ خمس سنوات، مصرعه، إثر سقوطه من أعلى إحدى البنايات السكنية في منطقة النعيمية في عجمان، بعد أن تركته أمه وخرجت لصلاة التراويح في مسجد قريب.

المزيد من الضحايا

وفي يوليو، توفي طفل باكستاني يبلغ عاماً ونصف العام، إثر سقوطه من شرفة شقة أسرته في الطابق الرابع في منطقة المدينة العالمية، نتيجة غفلة والديه عنه.

وشهد شهر أبريل 3 حوادث للأطفال حيث لقي طفل أفغاني يبلغ ثلاث سنوات مصرعه إثر سقوطه من شرفة شقة أسرته التي تقع في الطابق الرابع في منطقة الكرامة في عجمان. وكان الطفل يقف مع شقيقه الأكبر في الشرفة واستخدم وسادتين للوقوف عليهما حتى يستطيع النظر من الشــرفة ففقد توازنه وسقط.

كما سقط طفل يبلغ عامين وشقيقته البالغة أربعة أعوام من شرفة شقتهما في الطابق الثالث، ما أدى إلى وفاة الطفل الأول متأثرا بإصابته بتهتك في الرئتين ونزيف داخلي في الصدر وكسور في الجمجمة، فيما أصيبت شقيقته بكسور في الحوض.

وفي الشهر ذاته، سقط طفل من شرفة بالطابق العاشر في بناية في عجمان أثناء وجوده في منزل صديقه وتوفي على الفور بعد تعرض جمجمته لكسور شديدة.

في مارس توفيت طفلة إماراتية تبلغ من العمر ثلاث سنوات بعد سقوطها من مبنى مواقف تابع لأحد المراكز التجارية في منطقة المصفح في أبوظبي.

هذا وبلغ عدد حالات سقوط الأطفال عام 2011 في الشارقة وحدها الى 8 حالات، نتجت منها خمس وفيات quot;ثلاثة سوريين ومصري، ومواطنquot;.

وقد عانت أسر في إمارة عجمان من فقدان أطفال وصبية، نتيجة سقوطهم من أدوار عليا في حوادث تكررت بشكل لافت خلال عام 2011 نجم عنها وفيات وإصابات مختلفة. بينها سقوط طفل يمني يبلغ عامين ثم سقوط شقيقته البالغة أربعة أعوام بعدما ألقت بنفسها وراءه مباشرة حزنا عليه، ما أدى إلى وفاته وإصابة شقيقته بإصابات خطرة. كما توفي صبي quot;مصريquot; يبلغ 14 عاما نتيجة سقوطه من نافذة منزل ذويه في الطابق العاشر. وتوفي طفل أفغاني يبلغ ثلاثة أعوام في حادث مشابه.

حوادث 2010

وصل عدد حالات سقوط الأطفال من نوافذ وشرفات ذويهم في إمارة الشارقة عام 2010 إلى خمس حالات، نتجت منها ثلاث وفيات من quot;باكستان والنيجر والهندquot;.

وذكرت شرطة الشارقة أن القضايا التي رصدتها تؤكد أن أهم أسباب هذا النوع من الحوادث، هو الإهمال وترك الطفل وحده في المنزل، ووضع قطع الأثاث بطريقة غير مناسبة ما يساعده على تسلقها نحو النوافذ، إضافة إلى عدم وجود أقفال للنوافذ والشرفات ما يسهل عليه دفعها والخروج منها. وأوضحت أن حوادث سقوط الأطفال من المرتفعات سواء من الطوابق العليا للمباني أو من نوافذ وشرفات المنازل تعد من الحوادث التي تؤدي إما إلى التعرض لإصابات خطرة كالشلل أو الكسور أو الموت.

عقوبات

تجدر الإشارة إلى أن المادة 394 من قانون العقوبات الاتحادي تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة تراوح بين شهر وسنتين كل من عرض للخطر، سواء بنفسه أو بوساطة غيره حدثا لم يتم 15 سنة أو شخصا عاجزا عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية. ووفقا للمادة تشدد العقوبة لتصبح الحبس من شهر لثلاث سنوات، إذا وقعت الجريمة عن طريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خال من الناس أو وقعت من قبل أحد من أصول المجني عليه أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته. وتكون محكمة الموضوع هي المختصة بتحديد مسؤولية الآباء عن الأذى الذي يلحق بأطفالهم وما إذا كان هناك إهمال من طرفهم.