عندما أعلنت الولايات المتحدة قرارها بحجب مساعدات بقيمة 560 مليون دولار عن مصر، ووقف تسليم معدات عسكرية، كان واضحًا أن ادارة الرئيس باراك اوباما تريد إيصال رسالة إلى القيادة المصرية. ولكن المشكلة لا يوجد من يعرف على وجه التحديد ما هي هذه الرسالة.

في الوقت الذي قررت ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما وقف مساعدات كانت مقررة لمصر، اكدت استمرار كميات كبيرة من المساعدات العسكرية والمالية في التدفق على مصر.
وعلى سبيل المثال، قالت الادارة الأميركية إنها ستواصل دعم مصر بالتمويل وغيره من اشكال المعونة لمواجهة الارهاب، وخصوصًا في شبه جزيرة سيناء، فضلًا عن استمرار المساعدات في مجالي الصحة والتعليم. كما حرص المسؤولون الاميركيون على القول إن صنبور المساعدات سيُعاد فتحه بالكامل فور تشكيل حكومة مدنية جديدة عن طريق الانتخابات.
العصا من وسطها
وكانت تصريحات الادارة العلنية حتى أشد تصالحية. وشدد مسؤولو البيت الأبيض ووزارة الخارجية على أنهم يعتبرون مصر قوة اقليمية كبيرة وحليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، وأن العلاقة التاريخية بين البلدين ستبقى متينة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف إن انهاء هذه الصداقة ليس في مصلحة الشعب المصري، فيما أعلن مسؤول آخر أن الولايات المتحدة تريد النجاح لمصر.
ولاحظ معلقون أن ادارة اوباما تحاول أن تمارس لعبة توازن صعبة، بخفض حجم المساعدات، حاجبة ما يكفي لاقناع القيادة المصرية بأنها جادة، ولكن ليس حجبها بالقدر الذي يدفع مصر إلى اعادة النظر في معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل مثلًا.
واثارت هذه المحاولة لمسك العصا من وسطها استياءً وبلبلة في الكونغرس، حيث اتهم اعضاء البيت الأبيض بالتمادي في اجراءاته، فيما اتهمه اعضاء آخرون بعدم المضي بعيدًا بما فيه الكفاية للضغط على القيادة المصرية.
رسائل ملتبسة
وقال عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي باتريك ليهي: quot;على ادارة اوباما أن تطلب موافقة الكونغرس بشأن اجراءاتها حيال مصر، فالادارة تريد هذا وذاك، بتعليق بعض المساعدات والاستمرار في تقديم اخرى، وهي بعملها هذا توجه رسالة ملتَبَسةquot;. وانتقد اعضاء آخرون في الكونغرس من حزب اوباما نفسه الادارة لذهابها بعيدًا في ضغوطها على مصر. وقال زعيم الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب اليوت انغيل: quot;خلال هذه الفترة الدقيقة علينا أن نعيد بناء الشراكات التي تعزز علاقاتنا الثنائية مع مصر وليس تقويضهاquot;.
وكانت قوى كبيرة في الشرق الأوسط، مثل السعودية والامارات، امضت شهورًا في محاولة اقناع البيت الأبيض ليس بالابقاء على المساعدات الاميركية لمصر من دون تخفيض فحسب، بل وتوسيعها ايضًا.
وقال دبلوماسي تحدث لمجلة فورين بولسي، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن حكومته حائرة وغاضبة على قرار الولايات المتحدة تعليق المساعدات.
يذكر أن الولايات المتحدة قررت تعديل مساعداتها لمصر، في ضوء التطورات التي حدثت منذ عزل الرئيس محمد مرسي، وحجب مساعدات بقيمة 560 مليون دولار، ووقف تسليم معدات عسكرية بينها مروحيات من طراز اباتشي وصواريخ مضادة للسفن ودبابات.
وكانت قيادة القوات المسلحة المصرية أعدت خريطة طريق تتضمن اجراء انتخابات جديدة، واتخاذ خطوات أخرى لاستئناف المسيرة الديمقراطية.
ونالت خريطة الطريق تأييد القوى السياسية المصرية عمومًا باستثناء جماعة الاخوان المسلمين. لكنّ المسؤولين الاميركيين يرون أن القيادة المصرية تتلكأ في تنفيذ هذه التعهدات.
ونقلت مجلة فورين بولسي عن مسؤولين طلبوا عدم ذكر اسمائهم قولهم: quot;إن المصريين يقولون الأشياء الصحيحة من نواحي متعددة، والمهم عندنا أن نرى تنفيذ هذه الأشياءquot;.