يحاصر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الحياة السياسية الجزائرية بموالين له، على الطريق إلى الترشح لولاية رابعة، بعد تعديل دستوري لإنشاء منصب نائب رئيس، فيسعى للحد من الدور السياسي للمخابرات، ويزرع أنصاره في مفاصل الدولة.

تتسارع الاحداث السياسية في الجزائر، خصوصًا أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية قريبة، يبدو الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عازمًا على استكمال عهده فيها، ولو كان غير موجود شخصيًا.
ويقول محللون سياسيون جزائريون إن بوتفليقة يسعى جاهدًا لتطويق كل منافسيه، ولتعيين موالين له في مفاصل الدولة الجزائرية، وكذلك لتمرير إصلاحات دستورية، قبل العام القادم، ليحد من سلطة الاستخبارات الجزائرية ومن دورها في الحياة السياسة. وهذا ما أكده عمار سعيداني، رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، في مقابلة صحفية. أضاف: quot;الرئيس بوتفليقة عازم فعليًا على إنشاء مجتمع مدني، من خلال تقييد النفوذ السياسي لجهاز المخابرات، الذي سيستمر في القيام بالمهمات الموكولة إليها، من دون أن تتدخل في السياسة، وفي الأحزاب السياسية والإعلام والقضاء.quot;
ولاية رابعة
وتأتي هذه الاصلاحات التي يريد بوتفليقة تمريرها لتضع الحدود الواضحة لسلطات الأجهزة الأمنية والجيش، ولتعكس الصراع على السلطة بين فصيل بوتفليقة في جبهة التحرير الوطني وبين رئيس المخابرات محمد مدين، ولتبين إن كان بوتفليقة سيتنحى، كما هو متوقع، أم سيبادر إلى الترشح لولاية رابعة.
وفي الحالتين، يريد بوتفليقة، بحسب سعيداني، أن تتمكن الإصلاحات والانتخابات القادمة من إسكات الأصوات التي تشوه سمعة الجزائر، quot;فلن يكون بوسعهم القول إن الجنرالات يحكمون الجزائرquot;.
ويضيف سعيداني: quot;بوتفليقة مرشحنا، ولا مرشح لانتخابات الرئاسة غير بوتفليقةquot;، ترفدها تقارير صحفية مختلفة تنقل عن بوتفليقة تخليه عن سيناريو التمديد له لعامين، واستعداده للترشح لولاية رابعة، بعدما تأكد أن التمديد مسألة صعبة قانونيًا، وغير مبررة سياسيًا.

تغييرات إدارية
ومع قراره الحد من السلطات السياسية للمخابرات، أجرى بوتفليقة تغييرات في مناصب المحافظين، شملت19 ولاية، كان أبرزها إقصاء محافظ العاصمة، وتعيين 10 محافظين جدد، ونقل 9 آخرين، من أجل تنصيب أكبر عدد من الموالين له، بحسب اتهامات من أركان المعارضة الجزائرية.
وهذه الاتهامات كانت توالت، بعدما تواترت أنباء المراجعة الدستورية التي يريد منها بوتفليقة إنشاء منصب نائب الرئيس، الذي سيكون أحد المقربين إليه، يعاونه في الحكم في خلال ولايته الرابعة التي يحضر لها، خصوصًا أنه قد لا يستطيع القيام بكل مهامه الرئاسية، بسبب وضعه الصحي. وتقول مصادر المعارضة إن نائب الرئيس الذي سيختاره بوتفليقة هو من سيقوم بالحملة الانتخابية مكان الرئيس المريض، الذي سيقتصر دوره الرمزي على الحضور في بعض المواعيد الرسمية.
ويراقب العالم التغييرات الجزائرية، في ظل الأهمية التي يكتسيها هذا البلد، خصوصًا بالنسبة إلى أوروبا، إذ تستقي منه الطاقة، وهو شريكها الأول في مواجهة الجماعات المسلحة المنطقة، كما كان في جانب فرنسا حين تدخلها في مالي.