افتتح أمير الكويت القمة العربية الأفريقية اليوم بتقديم قروض ميسرة لأفريقيا بقيمة مليار دولار، وشدد على ضرورة الحل السياسي في سوريا، والتكاتف العربي والأفريقي لتجاوز كل معوقات النمو.


الكويت: بدأت قطوف القمة العربية الافريقية الثالثة تظهر على أرض الواقع منذ الدقائق الأولى لافتتاحها رسميًا صباح اليوم، حين أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح عن تقديم الكويت قروضًا ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب تخصيص جائزة سنوية بمبلغ مليون دولار باسم الدكتور عبد الرحمن السميط تختص بالأبحاث التنموية في أفريقيا.

وقال أمير الكويت بعد ترحيبه بالحضور إن أعمال القمة العربية الأفريقية الثالثة تنعقد في ظل استمرار ظروف سياسية دقيقة واقتصادية غير مستقرة، quot;تستوجب مواصلة العمل وتكثيف الجهود لمواجهتها، وتجنيب دولنا واقتصادياتنا تبعاتهاquot;.

وأضاف: quot;انعقاد قمتنا اليوم في موعدها المحدد وحرصكم على حضورها في هذا المستوى المرموق يؤكد عزمنا على الارتقاء بتعاوننا المشترك للتصدي للتحديات التي نواجهها جميعًا وتجاوز العقبات التي تحول دون وصولنا إلى ما نتطلع إليه من آمال مشروع في التنمية والبناء.quot;

تعاون اقتصادي

أشار أمير الكويت إلى أن اختيار شعار شركاء في التنمية والاستثمار لهذه القمة quot;يعكس إدراكنا لأهمية التعاون الاقتصادي الذي يشكل قاعدة للمصالح المشتركة، ننطلق من خلالها لتحقيق الشراكة الاستراتيجية التي ننشدها، كما أن هذا الشعار يؤكد أيضًا حرصنا على أن يحتل الجانب الاقتصادي والتنموي الجزء الأكبر من جدول أعمالنا، بما يعكس تفهمًا عميقًا لمتطلبات المرحلة المقبلة واستشعارًا بآلية العمل المناسبة لهquot;.

ونبه إلى ضرورة التعاون، فقال: quot;إننا مطالبون بأن نرسم جميعًا خطوط عملنا المستقبلي القائم على مفهوم الشراكة الحقيقية، فلم يعد مقبولًا ولا يجسد الشراكة المنشودة أن تقدم دولنا الدعم من جانب واحد ولا يكون هناك تفاعل وعطاء من الجانب الآخر، فلا بد من التكامل لنجسد الشراكة الحقةquot;.

وأكد أن التنمية المستدامة quot;هي استغلال ما حبانا الله به من نعم وثروات استغلالًا مثاليًا لا تبذير فيه نتكاتف من خلاله لاستثمار مواردنا في مشاريع تعزز التكامل بيننا، فقد حبانا الله سبحانه وتعالى بأراض صالحة للزراعة وأيد عاملة ماهرة وموارد أولية وأموال يمكن استثمارها تحقيقًا للأمن الغذائي، الذي أصبح ضرورة ملحة في ظل أوضاع عالمية غير مستقرة واقتصاد مضطرب، ما زال يعاني تداعيات أزمة اقتصادية عالمية عصفت بكل اقتصادات العالمquot;.

قاعدة صلبة

وقال أمير الكويت إن فعاليات أعمال هذه القمة انطلقت قبل شهر بأنشطة متنوعة ثقافية واقتصادية امتزجت فيها صنوف الإبداع وتناغمت فيها الأفكار والخبرات، لتعكس تقاربًا ثقافيًا وفكريًا يشكل قاعدة صلبة وأرضا خصبة لانطلاق تعاوننا المشترك إلى الآفاق التي نتطلع إليها.

أضاف: quot;شغل الاقتصاد جانبًا كبيرًا من تلك الفعاليات عبر تنظيم المنتدى الاقتصادي العربي الأفريقي شارك فيه نخبة من المختصين في القطاعين العام والخاص، تفاعلت افكارهم في رؤى ومقترحات لتحقيق التنمية المستدامة وتنشيط الاستثمار بين دولنا وتلمس المعوقات التي تقف حائلًا في طريقنا ووضع الحلول المناسبة لها. ونتاج ذلك العطاء الذهني من المختصين يمكن الاستفادة من نتائجه في رسم الاستراتيجية الاقتصادية المنشودة لنتجاوز ما فاتنا من سنوات طويلة ونلحق بركب التكامل ونحقق الهدف الذي نتطلع إليه وصولا إلى الشراكة الاستراتيجية التي سنحققها بالعمل لا التكاسل والتكامل لا الانقسام والوئام لا الخصامquot;.

الكويت في أفريقيا

وأشار الأمير إلى أن الكويت أدركت الأهمية الإستراتيجية للمجموعة العربية والأفريقية، فسعت منذ زمن بعيد إلى تعزيز الشراكة بينهما، فنشرت بعثاتها الدبلوماسية في أرجاء القارة الأفريقية ونشط الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في مشاريع تعزز التنمية في دول القارة الأفريقية.

وهنا أعلن أنه وجه المسؤولين في الصندوق بتقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة، quot;ناهيك عن الاستثمارات لعدد من الشركات الكويتية في مختلف القطاعات والتي يمثل القطاع الخاص الذي نتطلع إلى دوره الريادي للمساعدة على تحقيق الشراكة الإستراتيجيةquot;.

وتحدث عن العمل الخيري الذي قامت وتقوم به المؤسسات الخيرية الكويتية التي امتد نشاطها ليشمل العديد من دول أفريقيا، معلنًا عزم الكويت تخصيص جائزة مالية سنوية بمبلغ مليون دولار بإسم المرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط على أن تختص في الأبحاث التنموية في افريقيا وتشرف عليها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

وقال إن الكويت شرعت في الاستثمار في القارة الأفريقية منذ سنوات عدة، quot;وها هي اليوم تضيف إلى ذلك عزمها على العمل وبالتعاون والتنسيق مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى باستثمار وضمان استثمار مبلغ مليار دولار خلال السنوات القادمة في الدول الأفريقية، مع التركيز على مجالات البنية التحتية لما في ذلك من قيمة مضافة لاقتصاديات تلك الدولquot;.

كما أعلن دعم الكويت لاستضافة دولة الإمارات معرض إكسبو الدولي 2020، نظرًا لما تتمتع به الإمارات من قدرات كبيرة وخبرة عريقة في مجال الإقتصاد .

سوريا في القمة

وفي موضوع أحداث سوريا، قال أمير الكويت: quot;إن أمرًا ملحًا ومؤلمًا لا بد لنا من التطرق إليه في هذا المحفل وهو الأوضاع المأسوية في سوريا حيثما زالت آلة الفتك تودي بحياة أبناء الشعب السوري، وتزداد أعداد القتلى يوميًا وتتضاعف مظاهر الدمار لكافة أوجه الحياة هناك، فالاحصائيات المروعة والتقارير المخيفة التي نتلقاها من الوكالات المتخصصة تؤكد أن تلك الكارثة قد حصدت ما يزيد عن مائة ألف قتيل من الأشقاء في سوريا وملايين اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج، ما يشكل عبئًا كبيرًا على الدول التي يفد إليها اللاجئون والوكالات التي تعنى بشؤون النازحين، وكل ذلك يضعنا أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية.quot;

وأضاف: quot;لقد استجابت بلادي الكويت لنداء الأمين العام للأمم المتحدة لعقد المؤتمر الثاني للمانحين في بداية العام المقبل، بعد النجاح الباهر الذي حققه الاجتماع الأول للمانحين والذي استضافته دولة الكويت في شهر كانون الثاني (يناير) 2013 واستطاع الحصول على تعهدات بمبلغ مليار وستمائة ألف دولار.quot;

للحل السلمي

وشدد الأمير على الحل السلمي للقضية السورية، فقال إن مجلس الأمن وهي الجهة المناط فيها حفظ الأمن والسلم الدوليين مطالب بأن يتحد في ظل هذه الظروف وأن يضطلع بمسؤولياته وأن يتفق على خطة لوقف الإقتتال لحقن دماء الأشقاء والحفاظ على ما تبقى من وطنهم، quot;لاسيما أن الحديث عن إنعقاد مؤتمر جنيف-2 يسود كافة المحافل الدولية، والذي يعد فرصة تاريخية، ندعو من هذا المنبر كافة الأطراف المشاركة فيه إلى العمل الصادق والمخلص للوصول إلى حل سياسي، واضعين نصب أعينهم الكارثة الإنسانية للشعب السوري ودمار بلادهم ناهيك عن التداعيات الخطيرة لتلك الأحداث على الأمن والسلم في المنطقة والعالم كافةquot;.

أما في القضية الفلسطينية فقال: quot;ندرك أن تحقيق التنمية في دولنا يتطلب وضع برامج وأهداف محددة وأن الوصول إلى التكامل بين دولنا لن يتحقق من دون الاستقرار في منطقتنا لنتفرغ لإعداد خطط التكامل ومتابعة تنفيذها دون عوائق، والاستقرار الذي ننشده في المنطقة لن يتحقق في ظل استمرار تعنت وصلف إسرائيل وعدم تنفيذها قرارات الشرعية الدولية وإصرارها على التوسع في بناء المستوطناتquot;.

وأضاف: quot;إننا نطالب المجتمع الدولي ولا سيما مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية بالضغط على إسرائيل لحملها على تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، وفق القرارات الدولية، ومبادرة السلام العربيةquot;.

جنوب جنوب

وتوالت كلمات الوفود في افتتاح القمة، فتحدث ممثلا الصين وبريطانيا عن أهميتها في تحقيق الشراكة والتنمية. فقال رئيس وفد جمهورية الصين الشعبية، وزير الشؤون المدنية، إن القمة تعكس الرغبة المشتركة للدول النامية بما فيها العربية والافريقية في تحقيق التنمية، مؤكدا أهمية هذه القمة لناحية تعزيز مفهومي التنمية والسلام، باعتبار أن لا تنمية من دون سلام والعكس صحيح.

وأشاد بعلاقات الصداقة الطيبة الصينية العربية والصينية الافريقية التي تضرب جذورها عميقًا في جميع المجالات، كشركاء وأصدقاء، وتمثل ذلك في اقامة منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الافريقي، ما يشكل قوة دفع للعلاقات قدمًا وصولًا إلى نموذج لتعاون دول جنوب جنوب.

من جهته، أعرب ممثل رئيس وزراء بريطانيا في القمة العربية الافريقية ألن دنكن عن ثقته بأن تتوج القمة بشراكة جديدة بين المنطقتين العربية والافريقية وبريطانيا.

التزام أفريقي

أما رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي انكوزانا دلاميني زوما، فأكدت التزام أفريقيا ببذل كل ما في وسعها لتطبيق قرارات القمة العربية الافريقية الثالثة، ودعم التعاون مع الشركاء العرب من اجل تحقيق طموحات شعوب المنطقتين، بالتعاون مع جامعة الدول العربية. واعربت زوما عن تقديرها للمبادرات التي اطلقها أمير الكويت في القمة من أجل دعم العلاقات طويلة الأمد بين افريقيا والعالم العربي. وقالت إن افريقيا تحتفل هذا العام بمرور 50 عامًا على انشاء منظمة الوحدة الافريقية، التي تحولت اليوم إلى اتحاد يلعب دورًا رياديًا في سبيل تحقيق اهداف الوحدة العربية والافريقية.

وقالت إن الشعوب الافريقية تعتبر الثروة الحقيقية التي تنعم بها أفريقيا، quot;ولذا فإننا نحرص على الاستثمار في مجال الصحة والتعليم وتدريب الشباب والشابات في مجال العلوم والتكنولوجيا والبحوث والابتكارquot;، مشيرة إلى دعم الاتحاد لقطاع الزراعة والصناعة الغذائية لضمان توفير الغذاء للشعوب وتحقيق أمنها الغذائي.

سينتهي لا محالة

واعرب نبيل العربي، امين عام جامعة الدول العربية، عن تقديره البالغ لمبادرة الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح بشأن تقديم قروض ميسرة بقيمة مليار دولار لافريقيا، مؤكدًا أن هذه المبادرة تجسد شعار القمة العربية الافريقية الثالثة quot;شركاء في التنمية والاستثمارquot;. وقال إن تحديات اليوم تتطلب من الدول العربية والافريقية مشاركة اكبر بين الدول العربية والافريقية، داعيًا إلى رسم السياسات المشتركة انطلاقًا من هذا المفهوم.

واشار إلى أن الدول العربية والافريقية تواجه عقبات عدة امام اقامة شراكة استراتيجية، بدءًا من الارهاب الدولي والتجارة الدولية وتدفق رؤوس الاموال والتلكؤ في حل القضايا الدولية، الامر الذي يحول دون اقامة تكتل اقتصادي يساعد المنطقتين في حل القضايا الملحة.

وفي الشأن السوري ذكر العربي أن الجهود التي لا تزال متواصلة لعقد مؤتمر جنيف-2 في اقرب وقت ممكن، لوقف شلال الدم والدمار في سوريا، وعودة هذا البلد المهم إلى دوره المعروف اقليميًا ودوليًا.

وندد الامين العام لجامعة الدول العربية بمحاولات اسرائيل للالتفاف على قرارات الدولية لتنفيذ ممارستها غير الشرعية في الاراضي الفلسطينية المحتلة مشددا على ضرورة انهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض. واعرب عن ثقته بان الاحتلال الاسرائيلي سينتهي لا محالة، لانه عكس حقائق التاريخ، وسوف تقام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

لبنة جديدة

قال عبداللطيف الزياني، امين عام مجلس التعاون الخليجي، إن بناء علاقة شراكة استراتيجية في التنمية والاستثمار بين الدول العربية والافريقية سيعود بلا شك بالنفع على هذه الدول وشعوبها، لافتًا إلى أن القمة ستضيف لبنة جديدة إلى العلاقات الراسخة بين الدول الافريقية والعربية.

وقال: quot;إننا بحاجة إلى مزيد من التنسيق والتعاون والتكامل والعمل معًا لكل ما يحقق امال وتطلعات شعوبنا ويحفظ مصالح دولنا، خصوصًا أن المنطقتين تمتلكان من الطاقات والامكانيات الطبيعية والمالية والبشرية ما يؤهلهما لان تكونا في طليعة الدول في مختلف المجالات التنمويةquot;.

واشار إلى دعم مجلس التعاون الخليجي لهذا اللقاء الاخوي الخير، ولكل الجهود المخلصة التي تسعى إلى توثيق وتعزيز التعاون والعلاقات المشتركة بين الدول العربية والأفريقية.

معوقات

أما المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الايرانية ووزير المالية والاقتصاد ورئيس حركة عدم الانحياز علي طيب نيا فقال في كلمته إن التحديات والتهديدات الراهنة والمقبلة والأزمات العالمية تعرقل سعي الدول إلى تحقيق التنمية الإقتصادية وتحسين الاوضاع الاجتماعية وتعزيز السلام والأمن وحقوق الانسان وسيادة القانون.

وأضاف نيا: quot;في مثل هذه الظروف، لا بد للمجتمع الدولي أن يتحرك وفقًا لميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وأن يقوم بشكل جماعي بالتحضير اللازم لمعالجتهاquot;.