اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السياسيين باستغلال الاضرار، التي سببتها الامطار، للدعاية الانتخابية، فيما اضطرت السلطات الى اعلان عطلة رسمية في بغداد اليوم مع تواصل امطار غزيرة وعواصف تضرب العاصمةومدن الجنوب منذ يومين، حيث قتل حوالي 15 شخصًا وانهارت منازل ومدارس ما دفع مواطنين الى التظاهر ضد سوء الخدمات، فيما خصصت الحكومة مبلغ مليون دولار لكل محافظة متضررة وسط تظاهرات غضب ونداءات بفتح ابواب المساجد والحسينيات لايواء الأسر النازحة جراء فيضانات الامطار.

السياسيون يستغلون آثار الامطار للدعاية الانتخابية
وفي كلمته الاسبوعية الاربعاء الى المواطنين التي تابعتها quot;إيلافquot;، فقد اتهم رئيس الوزراء نوري المالكي السياسيين المتخاصمين باستغلال الاضرار التي خلفتها الامطار لإلقاء المسؤوليات على الآخرين من خلال غلق بعض المجاري ومحطات تصريف المياه وسحب الآليات العاملة في هذا المجال، واستغلال ذلك في الدعاية الانتخابية. وهدد quot;بفضح من يتحدثون عن تقصير الاجهزة الحكوميةquot; من السياسيين الذين يتحدثون في هذا الامر، ودعاهم الى ترك ما أسماه بالمناكفات وايجاد الحلول لهذه المشاكل.
وقال إن الامطار سقطت بشكل غير مسبوق هذه الايام بعد أن اصاب الناس اليأس من امكانية عودتها لكنها جاءت شديدة في وقت اهملت فيه البنى التحتية ومنها مجاري تصريف المياه بفعل سياسات النظام السابق الذي انفق اموال البلاد على الحروب واهمل الخدمات . واوضح أن هذه الامطار الغزيرة لم تحدث في العراق وحده وانما في دول عدة مستقرة في المنطقة مثل السعودية والامارات وغرقت فيها مناطق ودخلت المياه الى المنازل والاسواق، فكيف العراق الذي اهملت فيه محطات ومجاري تصريف مياه الامطار بفعل الاهمال والتفجيرات والقاء المواطنين للاوساخ فيها.
واشار الى أن هذا لا يعفي المسؤولين من مسؤولية الخسائر التي سببتها الامطار لأنهم اهملوا صيانة المجاري مع أن الحكومة لم ترفض صرف أي مبالغ طلبت منها، واكد أن البلديات لديها اموال متراكمة منذ العام الماضي لكنها لم تنفقها على اعادة بناء البنى التحتية. واوضح أنه وجه بتشكيل لجان عاجلة لتحديد الاضرار التي سببتها مياه الامطار للمواطنين لتعويضهم بشكل سريع وحتى تخصيص منازل للذين تهدمت دورهم. وشدد على ضرورة اجراء تحقيق مع المسؤولين عن اسباب عدم معالجتهم للخلل وعن الاموال التي صرفت من قبلهم على المشاريع الخدمية.
واكد المالكي أن حكومته عازمة على تلبية احتياجات البلديات وشراء المضخات والآليات واصلاح المجاري، ودعا المواطنين الى التعاون مع الاجهزة المختصة وعدم القاء الاحجار وبقايا الأثاث في المجاري، الامر الذي يؤدي الى انسدادها.

أموال لتعويض الاضرار وتعطيل المؤسسات العامة في بغداد
وقد اعلن مجلس الوزراء العراقي تخصيص مليار دينار (حوالي مليون دولار) لكل محافظة متضررة بالامطار والفيضانات الحالية توضع في صندوق طوارئ خاص بالامطار والفيضانات والسيول ويجدد مرة، كما منحصلاحيات للمحافظين وأمانة بغداد ووزارة البلديات لتأجير الآليات الخدمية، كما قال بيان رسمي عقب اجتماع المجلس تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه. ومنح القرار صلاحية التعاقد المباشر لثلاث شركات على الأقل من خلال لجان فنية متخصصة للأعمال الضرورية والطارئة استثناء من تعليمات تنفيذ العقود، ويشمل ذلك امانة بغداد والمحافظات ووزارة البلديات، وبما لا يزيد على خمسة مليارات دينار (حوالي خمسة ملايين دولار) للتجهيز أو التنفيذ.
كما قررت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي تعطيل الدوام الرسمي في جميع مؤسسات الدولة في بغداد اليوم الأربعاء بسبب غزارة الأمطار وما سببته من فيضانات محلية .. واستثنت الامانة من قرارها المؤسسات الخدمية والامنية لوزارات الصحة والكهرباء والبلديات والداخلية والدفاع. ويترافق تعطل الحياة في العاصمة في وقت عطلت فيه المدارس والادارات في المحافظات الجنوبية منذ الاثنين الماضي وحتى نهاية الاسبوع الحالي، وتم وضع خطة طوارئ لمواجهة الأضرار الناجمة عن هطول هذه الأمطار.
ومنذ الاثنين الماضي يتواصل انهمار مطر غزير على مناطق البلاد الوسطى والجنوبية التيلم تشهد له مثيلاً في شدته منذ 22 عاماً، بينما يتوقع تحسن الطقس غداً الخميس تدريجيًا مع انخفاض في درجات الحرارة .

15 قتيلاً وانهيار منازل ومدارس
وخلال مؤتمر صحافي في بغداد، طالب النائب المستقل صباح الساعدي رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بعقد جلسة برلمانية لوضع حلول لمعالجة المشاكل في قطاع الخدمات التي ظهرت عيوبها بشكل كبير نتيجة الامطار الحالية، وإقالة المسؤولين عن ملف الامطار، واستضافة ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة لمعرفة الفساد في قطاع البلديات. واشار الى أن العراق يمر حاليًا بمرحلة عصيبة نتيجة تردي الخدمات وخصوصًا بعد الأمطار الغزيرة الأخيرة، وأدت إلى مصرع 15 مواطنًا من الشيوخ والنساء والأطفال فقدوا حياتهم ضحايا للفساد المالي والإداري .
وفي محافظة البصرة الجنوبية انهار 12 منزلاً في ناحية خور الزبير واربعة أخرى في قائمّقامية قضاء الزبير. وفي محافظة النجف تهدم عدد من دور المواطنين في المدينة القديمة وناحية العباسية خلف مكتب المرجع الشيعي آية الله الشيخ بشير النجفي، وسط دعوات لايجاد اماكن خاصة لايواء المنكوبين واغاثتهم بأسرع وقت ممكن .
اما في محافظة ذي قار فقد انهارت اربعة منازل في ذي قار وسط مخاوف من انهيار 221 مدرسة طينية محاصرة بمياه الامطار حاليًا. واعلنت المحافظة مصرع ستة اشخاص بينهم ثلاثة اطفال في مناطق متفرقة من المحافظة جراء الامطار الغزيرة. واشارت الى أن اسباب الوفاة تعددت ما بين الغرق والصعق بالكهرباء، كما قال محافظ ذي قار يحيى محمد باقر الناصري في تصريح نقلته وكالة quot;المدى برسquot;، فيما كانت المحافظة قد شهدت الاسبوع الماضي انهيار تسعة منازل في قضاء الجبايش .

ومن جهته، اشار معاون مدير تربية المحافظة الى أن جميع المدارس الطينية والايلة للسقوط تواجه مخاطر الانهيار نتيجة الامطار الغزيرة التي تشهدها المحافظة حاليًا، وهذا ما يفاقم الخطر على ارواح الطلبة والتلاميذ ويزيد من معاناتهم.

تظاهرات ونزوح عائلات ونداءات لفتح المساجد والحسينيات لإيوائها
وقد شهدت مناطق في بغداد ومدن جنوبية تظاهرات احتجاج خرجت تحت المطر استنكاراً لسوء الخدمات وعدم قدرة الجهات الخدمية المختصة بالتخفيف من آثار الاضرار التي سببها هطول الامطار.
كما ادت الامطار الى نزوح المئات من العوائل من مناطقها السكنية، وسط نداءات بضرورة فتح الجوامع والحسينيات لأبوابها امام العوائل المتضررة لإيوائها.
وتأتي هذه الامطار بعد ايام قليلة من امطار شديدة مماثلة ضربت بغداد ومناطق أخرى من العراق في الثامن من الشهر الحالي، وسط انتقادات للسلطات بعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لدرء خطر الفيضانات التي سببتها الامطار، والتي أدت الى مصرع إمرأة وابنتيها لدى انهيار منزلهن، حيث ارتفع مستوى المياه في الشوارع العامة وشوهدت مستنقعات وبرك مياه كبيرة وعديدة في معظم مناطق العاصمة ما أدى إلى إعاقة حركة سير المركبات وتذمر المواطنين واعلان عطلة رسمية. وأظهرت موجات الأمطار التي يتواصل هطولها منذ اسبوعين مع فترات توقف حجم العيوب في شبكات المجاري وصعوبة تصريف مياه الأمطار التي شكلت فيضانات كبيرة لم تنفع معها الحلول الترقيعية التي لجأت إليها الدوائر المعنية.
يذكر أن بغداد والمحافظات العراقية تعاني منذ سنوات من مشاكل كبيرة في مجال الخدمات، وفي مقدمتها انقطاع الماء والكهرباء لاكثر من 10 ساعات يوميًا وتهاوي مجاري الصرف الصحي وسوء شبكات الطرق.