سادت مشاعر الذهول والصدمة في مصر والعالم بعد انتشار مقطع فيديو يظهر سحل مواطن ونزع ثيابه من طرف الشرطة المصرية بالقرب من قصر الاتحادية الذي يشهد عنفًا غير مسبوق. وتعالت الدعوات المطالبة بإقالة وزير الداخلية على خلفية التجاوزات.
القاهرة: اتهم قيادي في جبهة الإنقاذ المعارضة في مصر وزارة الداخلية بالضغط على المواطن quot;المسحولquot; بهدف تبرئة عناصر الشرطة الذين شاركوا في quot;تعريته وسحلهquot;.
وقال محمد سامي، رئيس حزب quot;الكرامةquot; والقيادي في جبهة الإنقاذ لمراسلة وكالة الأناضول، إن أقوال المواطن المسحول أمام النيابة العامة، والتي يتهم فيها المتظاهرين، وليس قوات الأمن، بضربه وسحله، quot;لن تغير موقف جبهة الإنقاذ بإدانة الداخلية على استخدام العنف معهquot;.
وأضاف سامي، عقب انتهاء الاجتماع المغلق بين قادة الجبهة عصر اليوم، quot;لن نغير موقفنا، ونطالب بمحاكمة وزير الداخلية وعزله من منصبه بعد الواقعة، وجميعنا شاهدنا كيف قام الأمن بضربه وتعريته ثم سحلهquot;. وبشأن إمكانية تصعيد الجبهة الحادثة لمنظمات حقوقية دولية، كشف سامي عن أن الجبهة quot;تجري الآن دراسة مسألة تقديم شكوى إلى منظمات حقوقية دولية، لكنها لاتزال تبحث الأطر القانونية والسياسية اللازمة لجعل الأمر مقبول شعبيًا، حتى لا يعتبره البعض استقواء بالخارجquot;. ولفت إلى أن الجبهة لديها خبراء يحسمون الطريقة التي سيتم بها التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية.
وعن مليونية quot;الكرامةquot; للتضامن مع المواطن quot;المسحولquot;، والتي دعت إليها الجبهة،قال سامي إنه quot;لم يتم الاستقرار بعد على موعد المليونية، حيث تركت تحديد موعدها لشباب القوى الثوريةquot;. من جانبه وصف عبد الغفار شكر، رئيس حزب quot;التحالف الشعبيquot;، ما تعرّض له المواطن بأنه quot;جريمة ضد الإنسانية تمسّ كرامة المصريين جميعًاquot;، مشيراً إلى أن رئاسة الجمهورية نفسها أصدرت بياناً quot;اعترفت فيه - ضمنيًا - بما حدث للمواطن المصري، وهو ما يعني تعرّض المواطن المسحول لضغوط شديدة للإدلاء بتلك الأقوالquot;.
وأوضح أن جبهة الإنقاذ دعت إلى الحشد لمليونية من أجل كرامة هذا المواطن quot;المسحولquot;، والدفاع عن جميع الحالات التي تم احتجازها أو التعرّض لكرامتها، من دون أن يحدد موعد هذه المليونية. وكان مصدر قضائي مصري قد قال للأناضول، في وقت سابق اليوم، إن المواطن الذي أظهر شريط فيديو تعرّضه للسحل والتعرية أمام قصر الإتحادية الرئاسي أمس الجمعة على يد عناصر ترتدي زي الشرطة quot;برأ قوات الأمن من الاعتداء عليهquot;. كما نفى وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم في مؤتمر صحافي اليوم أن تكون قوات الأمن جردت المواطن من ملابسه، قائلاً إن المحتجين هم من قاموا بذلك خلال الاشتباك معه.
وكانت جبهة الانقاذ الموطني (ائتلاف المعارضة الرئيسي في مصر) أعلنت بعد الظهر السبت تأييدها الكامل لـquot;مطالب الشعب المصري باسقاط نظام الاستبداد وهيمنة الاخوان المسلمين على الحكمquot;، ودعت الى محاكمة الرئيس المصري محمد مرسي على quot;جرائم القتل والتعذيبquot;.
وغداة بث مشاهد صادمة لرجل قامت الشرطة بسحله وضربه بعد تجريده من ملابسه تماما قرب قصر الرئاسة، قالت الجبهة في بيان انها quot;تنحاز انحيازا كاملا لمطالب الشعب المصري وقواه الحية التي تنادي باسقاط نظام الاستبداد وهيمنة الإخوان المسلمين على الحكم، وتؤيد كل أشكال التعبير السلمي لتحقيق هذه المطالبquot;.
وطالبت بquot;تحقيق قضائي محايد في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز بدون وجه حق، وتقديم كافة المسؤولين عنها للمحاكمة العادلة بدءا من رئيس الجمهورية ووزير داخليته وكافة شركائه في الجريمةquot;.
ودعت الجبهة quot;المصريين الى الاحتشاد السلمي في كل ميادين مصر دفاعا عن كرامة الانسان المصريquot;. واكدت انها quot;لن تخوض في ملف الحوار في ظل الدم وقبل ايقاف نزيفه والمحاسبة عليه والاستجابة لمطالبهاquot;.
وطالبت ايضا بquot;انهاء معاناة المواطن المصري بسبب الفقر وارتفاع الأسعار نتيجة السياسات التي لا تلبي طموح المصريين الى عدالة اجتماعية حقيقيةquot;.
إلى ذلك، أبدت وزارة الداخلية المصرية quot;أسفاquot; لقيام عدد من أفراد الشرطة بـquot;التعديquot; على أحد المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية الرئاسي مساء الجمعة، وذكرت أن الوزير، محمد إبراهيم، أمر بفتح تحقيق في الواقعة quot;المؤسفةquot;، والتي اعتبرتها quot;تصرفاً فردياًquot; من قبل بعض عناصر الأمن المركزي.
ودعت المعارضة السبت الى استقالة وزير الداخلية بعد مشاهد على شريط فيديو يظهر فيها رجل عار يتعرض quot;للضرب والسحلquot; بوحشية خلال قمع تظاهرة مساء الجمعة امام القصر الرئاسي في القاهرة.
وقال خالد داود المتحدث الاعلامي باسم جبهة الانقاذ الوطني، ابرز تحالف للمعارضة، ان quot;الصور البشعة والمخزية لضباط وجنود الأمن المركزي وهم يقومون بسحل وضرب مواطن عار تماما من ملابسه بطريقة وحشية في محيط قصر الإتحادية، تتطلب إقالة وزير الداخلية نفسهquot; محمد ابراهيم. واضاف ان هذه القضية quot;لا يمكن أن يقابلها اعتذار تقليدي من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخليةquot;.
وقد تناقل العديد من محطات التلفزيون والمواقع الإخبارية هذه المشاهد التي اثارت ردود فعل غاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويبدو في شريط الفيديو عناصر من قوات مكافحة الشغب يضربون بالهراوات الرجل العاري في الخمسين من عمره ويجرونه ثم ينقلونه الى عربة مدرعة كانت متوقفة امام القصر.
وستعقد جبهة الانقاذ الوطني اجتماعا بعد الظهر لمناقشة استراتيجيتها اثر المواجهات العنيفة بين متظاهرين مناهضين للرئيس محمد مرسي وقوات مكافحة الشغب امام القصر الرئاسي والتي اسفرت عن قتيل وعشرات الجرحى الجمعة.
وكانت السلطة والطبقة السياسية تعهدتا الخميس تشجيع الحوار للخروج من الازمة السياسية الخطيرة والتحذير من العنف.
وانتقدت رئاسة الجمهورية quot;اعمال تخريبquot; وقعت خلال تظاهرات الجمعة وتحدثت في بيان عن quot;انتهاكات محتملة للحريات المدنيةquot;.
وفي اواخر 2011، اثارت صورة متظاهرة محجبة كان الجيش يسحلها في الشارع القريب من ميدان التحرير في القاهرة وقد ظهر صدرها وبطنها، استياء في البلاد والعالم.
وأدان مركز الحريات والحصانات لحقوق الانسان في المنيا سحل وتعرية مواطن مصري امام قصر الاتحادية .
وقال المركز فى بيان له اليوم quot; ان ما حدث لمواطن مصري اعزل وتعريته وهتك آدميته أمام قصر الرئاسة بالاتحادية من بعض المرضى الساديين والفاشست من قوات شرطة الداخلية، يتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الانسانquot; .
وطالب البيان بالمحاكمة العاجلة لكل من له صلة بالواقعة سواء بإصدار أوامر او تعليمات للشرطة باستخدام العنف والقوة المفرطة مع المواطنين ما تسبب بتعرية وهتك آدمية مواطن مصري امام العالم اجمع ما يخالف كافة المواثيق الدولية والقوانين المصرية، والشريعة الاسلامية الغراء.
الرئاسة المصرية تعبّر عن quot;ألمهاquot;
قالت رئاسة الجمهورية المصرية في بيان اصدرته بعد ظهر السبت انه quot;المها ذلك المقطع الصادمquot; الذي يصور تجريد رجل من ملابسه وضربه من قبل قوات الشرطة امام قصر الرئاسة.
واكد البيان انه quot;في إطار متابعة رئاسة الجمهورية لمجريات الأحداث المؤسفة التي وقعت أمام قصر الاتحادية، فقد آلم مؤسسة الرئاسة ذلك المقطع الصادم الذي يصور تعامل بعض أفراد الشرطة مع أحد المتظاهرين بشكل لا يتفق مع الكرامة الإنسانية أو حقوق الإنسانquot;.
واضاف البيان ان quot;مؤسسة الرئاسة تؤكد حرصها وكل اجهزة الدولة على تفعيل ما ورد في الدستور المصري من ضمانات للمواطن تحظر تعذيبه او ترهيبه او اكراهه او ايذاءه بدنيا او معنويا.
وتابع البيان ان quot;مؤسسة الرئاسة تشيد بتأكيد وزارة الداخلية في ما يتعلق بمقطع الفيديو الذي بثته وسائل الإعلام أن ما حدث هو تصرف فردي ولا يعبر بأي حال عن عقيدة جموع رجال الشرطة وأنه سيكون محل تحقيقquot;.
وشدد البيان على انه quot; في سياق ما سبق فانه ليس مقبولا من احد ان يزايد على اخطاء فردية مشجوبة من الجميع، ليبرر جريمة الإعتداء على منشآت الدولة وتبني أسلوب العنف والتخريب بدلا من سلمية التعبير عن الرأيquot;.
موكب رئيس الوزراء يتعرض لرمي الحجارة
ذكر تلفزيون محلي ان متظاهرين رشقوا موكب رئيس الوزراء المصري هشام قنديل في ميدان التحرير في القاهرة بالحجارة والقنابل الحارقة وذلك غداة اعمال عنف بين متظاهرين والشرطة في العاصمة المصرية.
وبحسب قناة quot;دريم لايفquot; التلفزيونية، فقد غادر قنديل الميدان، بينما اعلن مكتبه في بيان مقتضب ان رئيس الوزراء كان عرضة لمثيري شغب اثناء زيارة ميدان التحرير.
وقال رئيس الوزراء على صفحته في الفيسبوك quot;فضلت ان اتجنب مواجهة بين هؤلاء الاشخاص وعناصر الامنquot;.
ويقيم عشرات المعارضين لحكم الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي الى الاخوان المسلمين منذ اشهر في خيم في ميدان التحرير في وسط المدينة.
واحتشد الاف الاشخاص الجمعة في ميدان التحرير في اطار دعوة الى التظاهر وجهتها المعارضة للرئيس مرسي. وكانت الشوارع المحيطة بميدان التحرير مسرحا في الايام الاخيرة لصدامات متفرقة بين عناصر الشرطة ومجموعات من الشبان اسفرت عن اربعة قتلى.
الهدوء يعود امام القصر الرئاسي في القاهرة
انتشرت اعداد كبيرة من رجال شرطة مكافحة الشغب صباح السبت في محيط القصر الرئاسي في القاهرة بعد ليلة من اعمال العنف بين الشرطة ومتظاهرين انتهت بسقوط قتيل وعشرات الجرحى.
وافاد مراسل لوكالة فرانس برس في المكان انه لم يظهر اي متظاهر في محيط القصر الرئاسي، واعيد فتح الشوارع في القطاع امام حركة السير.
لكن الشوارع الملاصقة كانت مليئة بالحجارة التي استخدمها المتظاهرون في مواجهاتهم مع قوات الامن والتي امتدت لوقت متأخر ليلا.
والمتظاهرون الذين لبوا نداء المعارضة الجمعة للتظاهر ضد الرئيس الاسلامي محمد مرسي، رشقوا الحجارة والقنابل الحارقة على القصر. واطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع واطلقت النار في الهواء في محاولة لتفريقهم.
وصباح السبت، كانت لا تزال رائحة الغاز المسيل للدموع تنتشر في الهواء في محيط القصر الذي غطت كتابات وشعارات مناهضة للرئيس جدرانه الخارجية ومنها quot;ليسقط النظامquot; وquot;حريةquot;.
ولم ينتشر الحرس الجمهوري امام القصر خلافا للمرات السابقة التي شهدت اعمال عنف في كانون الاول/ديسمبر.
وفي ميدان التحرير في القاهرة، كان الوضع هادئا غداة صدامات بين شرطيين ومتظاهرين خلال هذا اليوم من الاحتجاجات عبر انحاء البلاد.
وتجددت الصدامات الجمعة على الرغم من التزام مجمل القوى السياسية بنبذ العنف بعد مواجهات اودت بحياة 56 شخصا في غضون اسبوع في البلد المقسم بين مؤيد ومعارض للرئيس محمد مرسي.
الحكومة المصرية تعد قانونا يجرم ارتداء الأقنعة خلال المظاهرات
هذا وتتجه الحكومة المصرية إلى تجريم إخفاء الوجه وإشعال الاطارات التي انتشرت خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة وشهدت أعمال شغب وعنف. وقال المستشار محمود أبو شوشة المتحدث الرسمي لوزارة العدل إن قانون التظاهر، الذي تعده وزارة العدل- حاليًا- يجرّم قناع مجموعة quot;البلاك بلوكquot; ووسائلهم الاحتجاجية، التي انتشرت في المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في مصر منذ أكثر من أسبوع.
وفي تصريحات خاصة لمراسل وكالة الأناضول للأنباء، أوضح أبو شوشة أن المادة الـ16 من القانون نصت على عدم ارتداء الأقنعة أو الأغطية التي تخفي الوجه، كما نصت المادة الـ14 منه على تجريم إشعال الإطارات أو الأخشاب أو أي مواد تسبب الاشتعال.
وانتشرت مجموعات quot;البلاك بلوكquot;، التي ترتدي أقنعة سوداء، وتقوم بإشعال الاطارات خلال المظاهرات منذ إحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير/كانون الثاني، وتحملها بعض القوى السياسية، خاصة المؤيدة للرئيس محمد مرسي المسؤولية عن الأعمال التخريبية التي صاحبت الاحتجاجات. وأعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن بعض أعمال العنف التي وقعت، ومن بينها حرق مقار جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الحاكم، وبعض المنشآت الخاصة، في إطار ما تقول إنه ردًا على سياسات النظام الحاكم.
وحول اللبس الذي يمكن أن تحدثه هذه المواد، في ظل إخفاء البعض لوجهه لأسباب أخرى مثل الوقاية من قنابل الغاز أو ارتداء النقاب بالنسبة إلى السيدات، قال أبو شوشة :quot;استخدام الشرطة لقنابل الغاز يعني أن هناك فعلًا غير قانوني يرتكب، وعليه فإن إخفاء الوجه في هذه الحالة غير قانونيquot;. وأضاف: quot;التمييز بين من يخفي وجهه حتى يهرب من المحاسبة، ومن يخفيه لأسباب أخرى، ليس صعبًاquot;.
لم يكشف أبو شوشة متى سيتم عرض القانون على البرلمان، وخاصة أن وسائل الإعلام المصرية كشفت في مطلع الشهر الجاري عن قانون للتظاهر اعتبرته يحمل مواد مثيرة للجدل، وخاصة بإعطاء الشرطة الحق في منع الاجتماعات. وكان الخبير الأمني اللواء السابق في الشرطة المصرية مجدي البسيوني طالب في تصريحات سابقة لمراسل الأناضول، بإصدار تشريع يحظر ارتداء قناع البلاك بلوك، وإعطاء الحق لرجل الأمن في القبض على أي شخص يرتديه، حتى ولو لم يرتكب أي جريمة، تمامًا كما يفعل مع أي شخص لا يحمل بطاقة هوية.
وقال البسيوني: quot;معظم الظن أن سلاح هؤلاء الشباب يكمن في كونهم مجهولين، فهم في الغالب لا يحملون بطاقات هوية بحيث يسهل التعرف إليهم إذا وقعوا في قبضة الأمن، ومن ناحية أخرى فهم يتخفون خلف القناع، وبالتالي يصعب تصويرهم خلال الأحداثquot;.
وكانت فكرة quot;البلاك بلوكquot;، التي تؤمن بالعنف، ظهرت في ألمانيا عام 1980 ردًا على قمع الشرطة لمتظاهرين يساريين، وظهروا بعد ذلك في مظاهرات شهدتها أميركا عام 1991 اعتراضًا على حرب الخليج الثانية، وفي لندن عام 2011 اعتراضًا على خطة التقشف التي أقرّتها الحكومة.
التعليقات