يترقب الشارع المصري اليوم الإثنين فعاليات ذكرى تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك، فمن المتوقع حصول أعمال عنف في إطار المواجهات المستمرة في البلاد منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي.
القاهرة: دعت القوى السياسية والثورية في مصر إلى التظاهر والخروج في مسيرات تنتهي في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية، ولوّحت بالدخول في العصيان المدني؛ للرد على ما أسمته تجاهل النظام لمطالبها، التي فشلت المليونيات والتظاهرات في تحقيقها.
بلاك بلوك تهدد باقتحام القصر
وهددت مجموعات quot;بلاك بلوكquot; عبر صفحتها على فايسبوك باقتحام قصر الاتحادية في ذكرى تنحّي مبارك، بينما ردت القوى الإسلامية على تلك الدعوات من خلال تشكيل لجان شعبية أمام مؤسسات الدولة، وتنظيم مليونية إسلامية يوم الجمعة المقبل في ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة.
ودعا تحالف سياسي، مكوّن من 13 حركة وحزباً سياسياً، جماهير الشعب المصري إلى المشاركة في مسيرتين سلميتين اليوم الاثنين 11/فبراير تحت شعارات quot;إسقاط النظام والقصاص للشهداء والعدالة الاجتماعيةquot;. تنطلق المسيرة الأولى من أمام مسجد الفتح في ميدان رمسيس، والمسيرة الثانية من أمام مسجد السيدة زينب، على أن تبدأ المسيرتان في التحرك تمام الساعة الخامسة مساءنحو ميدان التحرير.
مرسي كذاب
وقال التحالف بزعامة حزب الدستور، بقيادة الدكتور محمد البرادعي، والتيار الشعبي بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، في بيان له تلقت إيلاف نسخة منه، إن المرحلة الانتقالية شهدت العديد من الانتهاكات بحق المصريين على أيدي العسكر، مشيراً إلى أن quot;الانتخابات الرئاسية جاءت بأول رئيس مدني منتخب، من جماعة الإخوان المسلمينquot;.
وأوضح التحالف أن الرئيس محمد مرسي quot;ضرب الرقم القياسي في الكذب ونقض وعوده للشعب، التي انتخب من أجلها، وفي مواجهة مرشح نظام الرئيس المخلوعquot;.
وأضاف: quot;ومن جديد سالت الدماء، وسقط الشهداء، وأبدع النظام الجديد، نظام الإخوان المسلمين، في فنون التعذيب والاختطاف والقمع، وبالتوازي مع هذا القمع السياسي، الذي لم يتوقف يومًا، زاد القمع الاقتصادي والاجتماعي، فأغلقت المصانع، وطرد العمال، وارتفعت الأسعار، ولم تتمكن الحكومات المتتالية من أن تحقق ولو مطلبًا واحدًا من مطالب العدالة الاجتماعية، مثل تحديد حد أدنى وأقصى للأجورquot;.
مباركي عسكري إخواني والقمع نفسه
رأت الأحزاب أن القمع لم يتغيّر منذ حكم مبارك، وقالت: quot;حكم مباركي، ثم حكم عسكري، ثم حكم إخواني، والقمع هو نفسه.. والفقر هو عينه.. ومحاولات إجهاض الثورة هي نفسهاquot;.
وتابعت: quot;في كل المراحل لم يتخلَّ أي حكم منهما عن دعم من سُموا بفلول مبارك.. من أصحاب المال والسلطة والعلاقات.. لم يستغنِ عنهم حكم المجلس العسكري، لأنه جزء منهم.. ولم يتخلَّ عنهم الإخوان المسلمون، لأن مصالحهم مشتركة.. فلم يكن الخلاف أبدًا خلافًا بين قوى دينية وأخرى علمانية فقط.. وهو ما عبّر عنه حسن مالك بوضوح، حين قال: quot;رأس المال لا يعرف الأيديولوجياquot;، وهو المبدأ الذي يتجسد الآن بأوضح أشكاله في عمليات المصالحة، التي تتم على قدم وساق مع رموز النظام، الذي يفترض أن الثورة خلعته، حتى إنه لم يبقَ إلا أن يخرج مبارك من سجنهquot;.
تجاهل المطالب الشعبية
من جانبه، دعا مصطفى الجندي، عضو جبهة الإنقاذ والقيادي في حزب الدستور، الشعب المصري إلى الخروج في ذكرى التنحّي في كل ميادين مصر، والقيام بعصيان مدني في ذكرى رحيل المخلوع، وذلك للرد على تجاهل مؤسسة الرئاسة لمطالب الثوار والمعارضة عبر المليونيات والمظاهرات التي خرجت للتنديد بسياسة الإخوان والرئيس، وبالتجاهل المقصود لاستكمال مطالب الثورة.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أنه يجب على جميع العاملين في الدولة والقطاع الخاص التوقف عن العمل في هذا اليوم، من أجل توصيل رسالة للنظام الحالي، مقصدها أن الشعب لن يصمت عن تجاهله لمطالبه، ومستمر في ثورته؛ إلى حين تحقيق كل مطالبه، التي لم يتحقق منها شيء على يد الإخوان منذ توليهم الحكم، فعادت شعارات ثورة يناير لترفع مرة أخرى quot;عيش.. حرية..عدالة اجتماعيةquot;.
وتوقع استجابة عظيمة من الشعب لتلك الدعوات، سواء إلى العصيان المدني أو التظاهر في ميادين مصر كافة، مشيراً إلى أن الرئيس مرسي لن يستجيب لصوت المواطن طالما أنه يستمع لصوت واحد متمثلًا في جماعته فقط والتيارات الإسلامية، متجاهلًا 90 % من الشعب الحقيقي، الذي قام بثورة عظيمة، ليس من أجل إيصال جماعة الإخوان إلى الحكم.
ورفض الجندي دعوات التخريب واقتحام قصر الاتحادية، معتبرًا أن أهم ما ميّز ثورة يناير كانت السلمية، الأمر الآخر هو أن أي عنف سيصبّ في مصلحة التيار الإسلامي، الذي سيستغله ضد الثوار والمعارضة عبر شنّ حملات تشويه ضدهم.
تعديل الدستور وإقالة الحكومة
بينما طالب طارق الخولي، وكيل مؤسسي حزب 6 إبريل، جميع المواطنين بالنزول في ذكرى التنحّي؛ لتكون ذكرى أخرى لتنحّي الرئيس مرسي أو إجباره على الاستجابة لمطالب الثوار، والتي من أهمها إقالة الحكومة والنائب العام، وتعديل الدستور، ومحكمة عادلة لقتلة المتظاهرين أخيرًا، وتعديل قانون الانتخابات، وتقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين، بحيث يتم عزلها عن مراكز صنع القرارات.
وأضاف لـquot;إيلافquot; إن الثوار وفصائل المعارضة سوف يبحثون عن وسائل أخرى للتصعيد، من بينها الدعوة إلى عصيان مدني، ثم الإضراب والاعتصام المفتوح في كل ميادين مصر.
ولفت إلى أن المعارضة والقوى الثورية تمتلكان الكثير من وسائل الضغط السلمية حتى يستجيب الرئيس للمطالب كافة، مستبعدًا في الوقت نفسه نجاح فكرة الدعوة إلى عصيان مدني يوم 11 فبراير/شباط ذكرى تنحّي الرئيس المخلوع مبارك، ولكنه ينتظر في الوقت نفسه مشاركة كبيرة من جموع الشعب المصري.
وقف دعوات التخريب
على الجانب الآخر، كان للتيار الإسلامي موقف رافض لدعوات الخروج واقتحام القصر الجمهوري. فدعا الشيخ محمد المنشد، القيادي السلفي، المعارضة إلى ضرورة وقف دعوات التخريب، مشددًا على أهمية أن تواجهها السلطة بكل حزم وبالقانون من دون اللجوء إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين، طالما أن مطالبهم سلمية.
وقال لـquot;إيلافquot; إن الرئيس محمد مرسي جاء بشرعية الصندوق، والشعب قادر على حماية الشرعية، وما تفعله المعارضة لا يمت إلى الديمقراطية في شيء، بل هو تخريب منظم، بهدف إسقاط الدولة، وليس الرئيس. وتوقع فشل الدعوة إلى العصيان المدني، منبهاً إلى أن الشعب لم يستجب لها من قبل إبان المجلس العسكري، إلى جانب أن الداعين إلى هذا العصيان ليست لديهم شعبية وتواجد في الشارع.
لجان شعبية
ولفت إلى أن حماية الرئيس هي مسؤولية الأجهزة الأمنية والحرس الجمهوري، ولكن التيار الإسلامي يحذر من التجاوزات في المظاهرات، وكشف أن القوى الإسلامية سوف تنظم لجانًا شعبية لحماية المؤسسات، ولضمان عمل المصالح الحكومية في هذا اليوم، وخاصة المصالح الحكومية المهمة، بداية من مجمع التحرير ومجلس الشورى والسفارات والوزارات الخدمية.
الشعب سيواجه المخرّبين
فيما أكد فهمي مصطفى، عضو مجلس الشعب السابق عن الحرية والعدالة، لـquot;إيلافquot;، أن الشعب عليه الحمل الأكبر لمواجهة دعوات العصيان المدني وأية أعمال تخريب أخرى، وحماية شرعية الرئيس من أجل الكشف عن المخرّبين المندسين وسط المتظاهرين الحقيقيين.
وشدد على ضرورة أن تتعامل الشرطة معهم بالحزم، مشيرًا إلى أن نزول الإسلاميين لمنع هؤلاء من تنفيذ مخططهم قد يتسبب في مواجهات دموية تثير الرأي العام، وتزيد من حالة الاحتقان في الشارع.
ونفى توجيه حزب الحرية والعدالة دعوات إلى نزول الإخوان في ذكرى التنحّي، مشيرًا إلى أن الحزب مازال يدرس المشاركة في مليونية الإسلاميين أمام جامعة القاهرة في ميدان النهضة.
وأشار إلى أن باب الحوار الوطني ما زال مفتوحًا أمام المعارضة من أجل التوصل إلى حلول وسطية غير مشروطة لحلّ الأزمة السياسية، قبل أن تدخل البلاد في أزمة اقتصادية حادة قد تعصف بمصر كلها.
التعليقات