اتهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد خصومه بالتآمر لتزوير الانتخابات الرئاسية المقبلة، وصعد في وجه المرشد الأعلى علي خامنئي، في هجوم يهدد باندلاع صراع مكشوف داخل النظام الإيراني.


قال محللون إن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي بقي من ولايته الثانية أقل من اربعة اشهر، يبدو مصممًا على مغادرة المسرح السياسي الايراني تمامًا كما هيمن عليه منذ العام 2005، أي بالهجوم على الخصوم وتقريب المحسوبين عليه.

وفي خطاب ناري بمناسبة ذكرى الثورة الاسلامية، اتهم الرئيس الايراني حشدًا من مسؤولي النظام بالفساد ثم وجّه سهامه إلى آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى نفسه، حين تحداه بإعلانه استعداده للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الاميركيين، على الرغم من استبعاده قبل ايام إجراء محادثات ثنائية مع الولايات المتحدة لحل النزاع مع الغرب بشأن برنامج ايران النووي.

ووجه نجاد كلامه إلى واشنطن، قائلًا: quot;إذا أبعدتم المسدس عن وجه الشعب الايراني، فأنا نفسي سأدخل في محادثات معكمquot;.

تزوير متبادل

كان تجاهل المرشد الأعلى في قضية أساسية من قضايا السياسة الخارجية كافيًا لإشعال صراع داخلي، لكن هذه لم تكن إلا البداية. فقد انتقل أحمدي نجاد بعد ذلك إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، محذرًا من اتهمهم بالتخطيط لتزوير الانتخابات من مغبة الاستمرار في مخططاتهم.
وقال الرئيس الايراني: quot;من حق الشعب أن يختار الحكام، ويجب ألا يظن أحد أن صوت الشعب مجرد قصاصة ورق! فنحن بحاجة إلى هذا الرأي الجماعي، ويجب ألا يعتقد أحد انه صاحب القرار، وليس الشعبquot;.

تتعارض هذه الأقوال صراحة مع موقف خامنئي، الذي حاول وأد أي حديث داخل النظام عن نزاهة الانتخابات الايرانية، قائلًا إن مثل هذا الكلام يخدم العدو.
وألمح أحمدي نجاد إلى بعض قال إنه يستطيع هندسة الانتخابات، في اشارة إلى علي سعيدي ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري الايراني، الذي أعلن أن من واجب الحرس الثوري تأمين هندسة معقولة للانتخابات. لكن المفارقة في اتهام نجاد آخرين بمحاولة تزوير الانتخابات لم تكن غائبة عن خصومه أو الرأي العام الايراني. فنجاد نفسه لم يضمن فوزه بولاية ثانية قبل أربع سنوات إلا بلجوء النظام إلى التزوير على نطاق واسع، ثم إلى شن حملة شعواء على الاحتجاجات التي عمت ايران ضد نتيجة الانتخابات.

خامنئي ينتظر

ففي تلك الحملة، قُتل المئات وسجن الآلاف بحسب صحيفة تايمز، التي لاحظت أن أحمدي نجاد لم يعترف بجميل المرشد الأعلى، الذي دعمه في العام 2009، يوم لم يصوت له الناخبون، بل اعتد بنفسه وتغطرس خلال ولايته الثانية، ليشهد العامان الأخيران صراعًا مريرًا على السلطة بين نجاد وخامنئي، أحدث شرخًا داخل النظام، اتسم بضراوة العداوات.

وحذر نجاد من أنه سيرد على أي محاولة لعزله بالكشف عن فضائح فساد على أعلى المستويات في الحكم. وقاد سكوت خامنئي إزاء هذا التهديد مراقبين إلى التكهن بما يعرفه الرئيس الايراني عن المرشد الأعلى.
وقال مراقبون آخرون إن خامنئي قرر الانتظار إلى أن تنتهي ولاية الرئيس في حزيران (يونيو) للتعامل معه بعيدًا عن الأضواء. ونقلت صحيفة تايمز عن مسؤول ايراني قوله إن على نجاد حين تنتهي ولايته quot;أن يأخذ ماله ويرحل بعيدًا جدًاquot;.