أحمدي نجاد يستخف باحتمال توجيه ضربة إسرائيلية إلى منشآت إيران النووية |
استخف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالأحاديث المتداولة حول ضربة عسكرية اسرائيلية، الى منشآت ايران النووية، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثيرا كالعادة ضجة بإنكاره المحرقة التي تعرض لها اليهود.
لندن: ينظر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تلتئم في مثل هذا الوقت من كل عام، على أنها فرصة لنسيان الأعباء الداخلية والتألق على المسرح الدولي، بصرف النظر عن غرابة الشكل الذي يتألق به الرئيس الإيراني.
وكان أحمدي نجاد أثار الضجة المعهودة منه حتى قبل أن يلقي كلمته أمام زعماء العالم المشاركين في دورة الجمعية العامة بإنكار المحرقة التي تعرض لها اليهود على أيدي النازيين، ووصفه اسرائيل بأنها quot;إزعاج طفيف يظهر في الصورة ثم يختفيquot;. واستخف الرئيس الإيراني بالتكهنات التي تحدثت عن احتمال أن توجه اسرائيل ضربة عسكرية إلى منشآت إيران النووية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر).
وعندما ألقى أحمدي نجاد كلمته بعد أيام قليلة حمل على quot;الصهاينة غير المتحضرينquot; لتهديدهم المستمر باللجوء إلى عمل عسكري ضد إيران. كما توقع الرئيس الإيراني ظهور المهدي المنتظر، آخر أئمة الشيعة الاثني عشر، قائلا إنه سيضع حدا للطغاة ويبدأ حقبة جديدة من العدالة.
ولكن أركان حكومة أحمدي نجاد في الداخل، أظهروا أنهم يأخذون التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد أكثر من رئيسهم. وفي 22 ايلول (سبتمبر)، أعلن قائد عسكري كبير في الحرس الثوري الإيراني أن إيران ستتعامل مع أي هجوم إسرائيلي على أنه مدفوع أميركيا، وسترد بضرب القواعد الأميركية والممرات المائية في الخليج. وأضاف أن quot;حربا عالمية ثالثةquot; ستعقب ذلك.
وحين ألقى الرئيس الأميركي باراك اوباما كلمته في الأمم المتحدة، فانه لم يحد عن موقفه المتمثل في أن الدبلوماسية والعقوبات التي عزلت إيران وخفضت عائداتها النفطية بحدة، يجب أن تُمهل مزيدا من الوقت. ولكنه شدد على أن quot;الولايات المتحدة ستفعل كل ما يلزمquot; لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
ويرى محللون أن أوباما سيجد صعوبة في الامتناع عن الرد بالقوة إذا بدأت إيران تحول مخزونها المتنامي من اليورانيوم المخصب إلى قنبلة. ولكن السياسة الداعية إلى الاستمرار على النهج الحالي الذي يجمع بين الضغط الدبلوماسي وتشديد العقوبات الاقتصادية مع القيام بعمليات سرية لاحتواء نظام يُعتقد انه حتى الآن لم يتخذ قرارا مؤكدا بصنع قنبلة نووية، هي السياسة التي يبدو ان مستشاري اوباما ما زالوا متمسكين بها. ونقلت مجلة الإيكونومست عن سوزان مالوني الخبيرة في الشؤون الإيرانية في معهد بروكنز في واشنطن، أن إيران ستقدم تنازلات في نهاية المطاف مقابل رفع العقوبات. وقالت مالوني quot;ان هذا النظام لا يستطيع أن يبقى من دون مصدر دخل خارجيquot;.
ولكن هناك نظرية أخرى أقل تفاؤلا من رهان مالوني على الضغوط والعقوبات، تذهب إلى أن طهران ستواصل برنامجها لإنتاج قنبلة نووية أو على الأقل امتلاك القدرة على انتاجها بسرعة إذا قررت ذلك. ويلاحظ أصحاب هذه النظرية أن الإيرانيين لم يثقوا ذات يوم بعرض أوباما التصالحي الذي قدمه في بداية رئاسته نظرا للعقوبات القاسية وحملة التخريب والاغتيالات التي رافقت العرض. وعلى الغرار نفسه يشجب الإيرانيون قرار الإدارة الأميركية الأخير برفع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة من قائمة المنظمات الارهابية.
لذا لن يكون من السهل أن يثق الإيرانيون بما سيُقدم لهم من عهود برفع العقوبات مقابل تنازلات نووية. ولعل القادة الإيرانيين يعتقدون الآن أن مثل هذه التنازلات ستدمر مصداقية الجمهورية الاسلامية وتكشفها لعودة الاحتجاجات التي أعقبت فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية في انتخابات 2009 المطعون بنتائجها. لذا من الجائز أن تؤدي سياسة الاحتواء الأميركية، حتى وإن كانت غير معلنة، إلى عملية استنزاف مديدة من النمط الذي قوّض قدرات العراق الاقتصادية وأفقره في التسعينات مع إبقاء الزعيم في السلطة.
وإذ توقع المتشددون في مراكز القوى الإيرانية مثل هذه المتاعب والاحتجاجات، فإنهم عمدوا إلى ضرب ما تبقى من جيوب معارضة بكل شراسة. وفي الإطار يأتي استهداف اكبر هاشمي رفسنجاني، الشخصية صاحبة النفوذ الواسع والرئيس السابق الذي أصبح أحد اقطاب المعارضة بعد انتخابات 2009 المشكوك في نزاهتها. إذ تعرض أبرز اثنين من أطفاله هما ابنته فائزة، ونجله مهدي إلى الاعتقال مؤخرا، بموافقة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وكان من المتوقع أن ينبري رفسنجاني معارضا عندما يحاول خامنئي تقديم أحد اتباعه مرشحا للرئاسة في الانتخابات المقررة في ربيع العام المقبل. ولكن بعد إلقاء ابنته وابنه وراء القبضان، فان الرئيس السابق قد يفضل الحذر على اتخاذ موقف مبدئي، بحسب مجلة الايكونومست.
التعليقات