الايرانيون لا يخشون ضربة عسكرية اسرائيلية

تحتل مشاكل الحياة اليومية، القسم الأكبر من اهتمام الايرانيين وتبعد اهتمامهم عن ضربة عسكرية اسرائيلية محتملة على منشآت إيران النووية.


لندن: تزهو مدينة أصفهان الايرانية بآلاف المعالم الأثرية التي أدرجت اليونسكو العديد منها على قائمة التراث العالمي. كما تضم المدينة الواقعة وسط ايران إحدى المنشآت النووية. ورغم تزايد التكهنات بشأن ضربة عسكرية محتملة توجهها اسرائيل إلى مواقع مثل منشأة أصفهان لتخصيب اليورانيوم على أطراف المدينة أو منشأة ايران الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في نطنز، على بعد نحو 160 كلم إلى الشمال الشرقي، فإن سكان أصفهان أنفسهم لا يكترثون بالخطر.

وقال سعيد الذي يملك بقالية في المدينة إنه يواجه مصاعب كثيرة كل يوم مثل ارتفاع إيجار الدكان وإيجار البيت، بحيث لا يبقى لديه وقت للتفكير في هجوم إسرائيلي ناهيكم عن الاستعداد له.

وقرب ساحة نقش جهان، التي تحيطها مساجد رائعة وأحد القصور التاريخية، قالت روجين وهي ربة بيت في الثلاثين من العمر إنها تعيش quot;قريبًا جدًاquot; من منشأة أصفهان النووية، ولكنها ليست قلقة من خطر هجوم محتمل. وأوضحت روجين لصحيفة فايننشيال تايمز quot;أن الغذاء أصبح مثل الذهب، فأنا الآن لا أستطيع شراء اللحوم إلا لإبنتي وهذا ما يقلقني وليس توجيه ضربةquot;.

ويعتقد سكان أصفهان أن معدلات التضخم والبطالة أعلى بكثير مما توحي به الأرقام الرسمية التي تحدد التضخم بنسبة 23.5 في المئة، والبطالة بين الشباب بنسبة 28.6 في المئة.

وقالت راضية وهي ربة بيت في السابعة والعشرين من العمر quot;إن نسبة التضخم 100 في المئة أو ربما 200 في المئةquot;. واضافت أن quot;التلفزيون الرسمي يقول إن اسعار اللحوم انخفضت فلنذهب ونشترِ اللحم من التلفزيونquot;.

وتقول راضية وآخرون من سكان أصفهان إن المسؤول عن مشاكلهم الاقتصادية هو السياسات الشعبوية للرئيس محمود احمدي نجاد والعقوبات الدولية ضد ايران بسبب برنامجها النووي.

وكانت قيمة الريال الايراني هبطت بنسبة تزيد على 50 في المئة هذا العام بسبب تشديد العقوبات المصرفية الاميركية وحظر الاتحاد الاوروبي على استيراد النفط الايراني. وأدت هذه الاجراءات إلى زيادة حادة في اسعار البضائع المستوردة والمواد الأولية للصناعات المحلية.

وقالت سحر (22 عامًا) التي تدرس علم النفس وتعمل ساعات محدودة في متجر للعب الأطفال في منطقة راقية إن يوم الخميس، اول ايام العطلة الاسبوعية في ايران، كان يومًا مزدحمًا جدًا، والآن quot;بالكاد ترى احداً يدخل هذا المتجر يوم الخميسquot;. واضافت quot;أن العائلات الميسورة وحدها التي تبتاع الآن لعبًا مستوردة لأطفالهاquot;.

وتفاقمت النظرة المتشائمة إلى آفاق الاقتصاد الايراني بجفاف نهر زيادنة في أصفهان نتيجة تضافر الجفاف مع قرار طهران تحويل ماء النهر إلى مزارع ومعامل في المنطقة.

وأصبح الممر المائي، الذي كان في السابق يرسم منظراً خلابًا، ساقية بائسة تخترق المدينة. وبحسب عمدة المدينة مرتضى سقائيان نجاد فإن ما آل اليه حال النهر أثر في معنويات السكان، وقد يكون هذا أحد الأسباب وراء تعليقاتهم الغاضبة على الوضع الاقتصادي.

وقال سقائيان نجاد إنه ليس قلقًا من احتمال ضربة عسكرية توجهها اسرائيل إلى منشأة أصفهان النووية رغم أنه لفت إلى أن حماية مدينة فيها 4000 موقع أثري هي مسؤولية اليونسكو.

وقد يكون عدم قلق السكان في أصفهان من احتمال تعرض مدينتهم إلى ضربة عسكرية اسرائيلية ناجمًا عن خطابية الحكومة التي تحسن ترويجها بأن الدولة العبرية لن تجرؤ على شن مهاجمة الجمهورية الاسلامية بقدر ما هو ناجم عن انشغالهم بهمومهم الاقتصادية.

ولكن بالنسبة للمعلم المتقاعد نادر (55 عامًا)، فإن مدينته الحبيبة تبدو مهددة من كل الجهات. وقال نادر لصحيفة فايننشيال تايمز إنه لم يعد يمر على نهر زياندة ويفضل نسيانه. quot;وإذا بقي الوضع على هذه الحال فإن الناس ستأكل بعضها بعضًا دونما حاجة إلى اسرائيل لتدمير هذه المدينة وهذا البلدquot;.