متوسط العمر للزواج آخذ في الارتفاع في إيران، حيث تخشى السلطات من أن ينزلق الشباب إلى هاوية أخلاقية إذا لم ينضبط في إطار العلاقة الزوجية.
زواج جماعي في إيران |
لميس فرحات: يتحدث الوزراء الإيرانيون منذ سنوات عن quot;أزمة الزواجquot; في البلاد. فمتوسط العمر عند الناس ارتفع منذ الثورة الإسلامية عام 1979، مما تسبب في قلق بين المسؤولين، وكذلك شيوخ الأسرة، الذي يخشون من أن الإيرانيين قد يبتعدون عن quot;المسار التقي التقليديquot;.
وقال أحد الوزراء في الحكومة إن البلاد بحاجة إلى تقنين مواقع التوفيق والتعارف لدفع الإيرانيين للحصول على شريك يرتبطون به في سنّ صغير، إذ قال محمد عباسي، وزير الشباب والرياضة في البلاد، إنه يأمل في التوصل إلى قواعد لما يسمّى quot;مواقع البحث عن الشريكquot; تكون مناسبة للجمهورية الإسلامية. quot;لمعالجة هذه المشكلة، علينا أن نجد حلولاً جديدةquot;، قال عباسي.
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن متوسط أعمار الرجال الإيرانيين للزواج قد ارتفع من 20 حتى 28 في العقود الثلاثة الماضية. أما المرأة الإيرانية الآن فتتزوج في سنّ الثلاثين بدلاً من الرابعة والعشرين، وهذا العمر يعتبر على مقربة بصورة خطرة جداً من العنوسة في هذا المجتمع.
في هذا السايق، نقلت صحيفة الـ quot;لوس انجلوس تايمزquot; عن الخبراء قولهم إن الحكومة الإيرانية منزعجة لأنها تعتبر أن تأخر الزواج يرتبط بانهيار وتفلّت الأعراف الاجتماعية. كما تنظر السلطات إلى الشباب على أنهم quot;يسببون الصداعquot;، لأنه كلما تأخروا في الزواج من المرجّح أن ينغمسوا في ممارسة الرذائل والجنس قبل الزواج.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة تعمل على تقنين المواقع الاكترونية المتخصصة للتعارف والبحث عن الشريك كطريقة لتعزيز الزواج، على الرغم من أن الكثير من العلماء الدينيين في البلاد يشككون في نجاح هذه الخطوة في الحدّ من الزيجات المتأخرة.
على الرغم من أن العديد من الإيرانيين يحصلون على موافقة عائلاتهم قبل الزواج، واستمرار نهج الزيجات المدبرة، خاصة في المدن الصغيرة، إلا أن الإيرانيين في المدن يتعرفون إلى شركائهم كالغربيين - في حرم الجامعات، في الحفلات الخاصة أو في الأماكن العامة ndash; ثم يحصلون على موافقة أسرتهم.
ويتم حظر بعض المواقع غير الشرعية لغير المتزوجين من قبل الحكومة الإيرانية، لكن بعض الإيرانيين يتحايلون على هذا الحظر باستخدام التكنولوجيا القادرة على خرق القيود الحكومية. وتعتقد الحكومة أن هذه المواقع تساعد الإيرانيين على العثور على شركاء لممارسة الجنس عن طريق quot;زواج المتعةquot; بدلاً من الزواج التقليدي الطويل الأمد وإنشاء أسرة.
من جهة أخرى، تشعر الحكومة الإيرانية بالقلق من ارتفاع معدلات الطلاق فوق المعدل الوطني الذي بلغ 16.3% في العام الماضي، وارتفع أكثر من 4 نقاط مئوية هذا العام.
وتعتبر نائبة رئيس مركز الدراسات الديمغرافية شهلا كازميبور هذا الرقم بمثابة quot;تطور خطر في طهران، إذ إن واحدة من كل ثلاثة زيجات تنتهي بالطلاقquot;.
يربط الخبراء تأخر سنّ الزواج بتغييرات عدة: إنجاب المرأة عدد أقل من الأطفال خلال أزمة السكان منذ عقود، انخفاض معدلات الخصوبة بشكل يعتبر الأكثر دراماتيكية على الاطلاق. وأصبحت النساء أكثر عرضة لممارسة المهن والمصالح الأخرى، كما إنهن يلتحقن بالجامعات الإيرانية بمعدلات أعلى من الرجال.
quot;توقعات النساء اختلفت كثيراً، لقد تغيرت فكرتهن عن الزواج بشكل رهيبquot;، تقول جانيت أفاري، أستاذة الدراسات الدينية في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا.
في المقابل، يمتنع الرجال عن الزواج في سن مبكر بسبب البطالة والضغط الاقتصادي، وهي مشكلة تفاقمت بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران على خلفية برنامجها النووي.
ما يزيد الطين بلة، هو أن الزوج مطلوب منه أن يدفع تكاليف حفل الزفاف والمهر، إضافة إلى quot;المؤخّرquot; الذي تطالب به الزوجة عند الطلاق. وبالنسبة إلى الكثير من الايرانيين، فإن الزواج لا يستحق كل هذا العناء.
quot;في هذه الأيام، إذا كان الرجل لديه سيارة جيدة وشقة مفروشة، يعتبر أن بإمكانه الحصول على الجنس مجانًا بعد أن يدعو الفتاة بضع مرات إلى تناول الطعام في المطاعم الجيدةquot;، يقول محمد (36 عاماً)، مضيفاً: quot;فلماذا أقدم على تحمل المشقة والزواج؟quot;.
من جهته، يقول رضا (25 عامًا) إنه يأمل في جمع ما يكفي من المال ليتزوج في خمس سنوات، إذ إنه يعمل لحساب والده كموظف في مكتب عقاري، ويريد أن تكون لديه شقته الخاصة ووظيفة جيدة قبل البحث عن زوجة صالحة. quot;لديّ ما يكفي من الوقتquot; يضيف رضا.
وقال جواد صالحي أصفهاني، وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، الذي يدرس الشؤون الأسرية الإيرانية إن quot;النساء الإيرانيات لا تشعرن بالاستقرار شأن افتقارهن للسلطة في الزواج، ولذلك يطلبن مهراً أعلى كنوع من بوليصة التأمينquot;.
على الرغم من أن العريس لا يضطر لدفع المال مقدم تعهد، يمكن عدم القيام بذلك ووضع البرد على التخطيط لحفل الزفاف، مما يدل على أن الرجل ليس ثابتًا من الناحية الاقتصادية.
quot;لديّ العديد من الأصدقاء، لكن أياً منهم لا يمكنه أن يكون زوجي، لأنهم لا يستطيعون إنشاء أسرة وتربية أطفالquot;، تقول سعيدة (32 عاماً)، مشيرة إلى أنها فقدت الأمل تقريباً في العثور على زوج مناسب.
وقالت انها خضعت لعملية جراحية لجعل أنفها يبدو quot;أوروبياًquot; وربما ستعود إلى الكلية لزيادة فرصها في العثور على الرجل المناسب quot;إن شاء اللهquot;.
يشار إلى أن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يدعم الزواج الجماعي، الذي يجعل الأعراس أقل تكلفة، وعرض قروضاً لحفلات الزفاف، مشدداً على أن حفلات زفاف أولاده كانت غير مكلفة. لكن الخبراء يقولون إن المشاكل الاقتصادية أعمق بكثير من نفقات الزفاف، ولا تقتصر على يوم واحد وحسب، بل على الحياة الأسرية كاملة.
التعليقات