في إيران، يبحث الكثيرون عن إرضاء علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، فمباركته لأي مرشح للانتخابات الرئاسية تعني غالبا وصوله إلى سدة الحكم، وهذا ما تحاول عائلة لاريجاني تطبيقه بالفعل لإيصال أحد أبنائها لكرسي أحمدي نجاد.
بينما تتحضر إيران العام الجاري لانتخاب رئيس جديد للبلاد وربما تواجه قرارات مصيرية بشأن برنامجها النووي، يبدو أن العائلة السياسية الأبرز هناك تستعد لزيادة نفوذها وتعزيز دور رجال الدين المتشددين بينما يتصارعون مع مراكز قوى أخرى.
ومن المعروف أن فردي تلك العائلة البارزة هما الشقيقان علي وصادق لاريجاني، حيث يترأس الأول البرلمان والثاني السلطة القضائية، وهما المنصبان المرموقان اللذان يرتكزان عليهما في سبيل إلحاق الهزيمة بالرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد.
وتنتشر تكهنات بأن أشهر أخوة لاريجاني الخمسة، وهو علي لاريجاني، سوف يترشح مرة ثانية لمنصب الرئيس حين يكمل أحمدي نجاد ولايته الأخيرة في حزيران/ يونيو المقبل.
وجاء صعود الإخوة، المدافعين بقوة عن الحكم الإسلامي والذين يحظون بثقة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وكذلك توتراتهم مع أحمدي نجاد الأكثر قومية، لتتضح التوترات المتنافسة للتيار المحافظ في السياسة الإيرانية المنقسمة على نحو متزايد.
وكان علي لاريجاني قد تعرض لخسارة كبيرة حين خاض انتخابات الرئاسة عام 2005 التي أتت بنجاد إلى السلطة. وإن كان يحظى بالدعم القوي من جانب رجال دين إيران الأقوياء، الذين يسعون للحفاظ على السلطة، كما حظي أداؤه كمفاوض نووي، في الفترة بين عامي 2005 و2007، بثناء المتشددين الذين استحسنوا رفضه المساومة على ما يرون أنها حقوق إيران الأساسية في التقدم العلمي.
كما تم تهميش الإصلاحيين الذين خاضوا انتخابات الرئاسة عام 2009، ولم تتخذ السلطات بعد قرارها بشأن ما إن كانت ستسمح لحلفائهم بأن يكون لهم حق الاقتراع أم لا.
وقال محللون إنه من غير الواضح مدى النفوذ الذي سيؤثر به الأشقاء لاريجاني على علاقات إيران بالغرب أو المحادثات المحتملة مع واشنطن بشأن برنامج البلاد النووي المثير للجدل. ولفتت الصحيفة إلى أن محمد جواد لاريجاني، الذي درس الرياضيات في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، يسافر بانتظام إلى الولايات المتحدة، حيث يظهر في برامج ليتحدث بلغة إنكليزية سليمة ضد السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة.
فضلاً عن أن علي لاريجاني الذي عمل كبيرا للمفاوضين بشأن البرنامج النووي الإيراني قد حظي بسمعة بين بعض المسؤولين الغربيين باعتباره رجلاً عملياً. وقال مهرزاد بروجردي مدير دراسات الشرق الأوسط في جامعة سيراكيوز :quot; هم سلع معروفة للعواصم الغربية وقد جعلوا لأنفسهم سمعة .. باعتبارهم مفاوضين أذكياء وصارمينquot;.
هذا وتعني العلاقات التي تربط الأشقاء لاريجاني بالمرشد الأعلى، الذي يمتلك القول الفصل في إيران، أن علي لاريجاني قد يكون أكثر تمكناً من أحمدي نجاد لإتمام صفقة مع واشنطن.
لكن محللين أوضحوا أن دنيويته لا تعني أنه أكثر ميلاً للغرب، رغم أنه منمق بدرجة أقل من نجاد، وذلك حتى في الوقت الذي ينظر فيه أيضاً له ولأخوته باعتبارهم عقائديين أقوياء.
وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن الأخوة لاريجاني، الذين تلقوا جميعهم تدريبات دينية وتعليما دقيقا في العلوم، يُعتَبَرون مدافعين عن النظام الأصلي للحكم الإسلامي، كما أن مواقفهم المعلنة تميل لأن تكون متماشية مع رغبات خامنئي. هذا ويتناقض أسلوب علي لاريجاني بشكل كبير مع أسلوب أحمدي نجاد، ابن الحداد الذي يحظى بشعبية بين الفقراء العاملين.
وبالكاد يخفي علي وصادق لاريجاني ازدراءهما لأحمدي لنجاد، ويستخدمان سلطاتهما في سن وإنفاذ قوانين لإحباط قرارات الرئيس، ويتهمانه في الوقت عينه كذلك بتجاوز مدة ولايته. وهي الخطوات والتحركات التي لعبت دوراً فعالاً في زرع مشاعر سخط تجاه أحمدي نجاد.
وسبق لصادق لاريجاني، مثلاً، أن وجه توبيخا بشكل متكرر للرئيس لمحاولته تخفيف عقوبات السجن، بما في ذلك تلك الصادرة بحق مواطنين أميركيين اثنين تم إطلاق سراحهما في العام 2011. وطالبه بأن يبتعد عن الأمور القضائية أو سيواجه إجراءات قانونية.
ومضت الصحيفة تنقل عن موظف إيراني يدعى حسين ويبلغ من العمر 28 عاماً قوله :quot; الأشقاء لاريجاني من أسرة محترمة ومثقفة جداً وهو ما يميزهم من باقي السياسيينquot;.
ومع هذا، فإن محللين يرون أن نفوذهم هذا يشكل نقطة ضعف بالنسبة لهم أيضاً. فالمنتقدون يرون أن سيطرة الأسرة على عدة مناصب بارزة تتعارض مع أحد أهم الأهداف التأسيسية للجمهورية الإسلامية وهو المتعلق باستئصال المحسوبية والفساد.
وبخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة، نقلت الصحيفة عن صادق لاريجاني قوله :quot; العلاقات مع الولايات المتحدة ليست سهلة، فهي بعد هذا كله تضغط وتقترف جرائم بحق الشعب الإيراني، ولا يمكن لهكذا علاقات أن تنشأ بين عشية وضحاهاquot;. فيما بدا محمد جواد لاريجاني أقل دبلوماسية، حيث سبق له أن قال في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إن إيران ستكون مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة في quot;هاوية الجحيمquot; إن كان سيعمل ذلك على توفير الحماية لمصالح البلاد.
التعليقات