يقول مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن إدارة الرئيس باراك أوباما تتجه نحو تسليح المعارضة السورية، بعدما لمست جدية الائتلاف المعارض في خطوة المقاطعة، ولو عاد عنها، وبعدما فقدت كل الأمل في تسوية سياسية تنهي الأزمة الدموية المستمرة.


تتجه إدارة اوباما نحو تغيير جذري في سياستها تجاه الأزمة السورية، قد يسفر عنه تزويد المعارضة بمعدات عسكرية كالدروع الجسدية والعربات المصفّحة، وربما تدريب مقاتليها وإرسال المساعدات الانسانية إلى الائتلاف الوطني لقوى المعارضة مباشرة، كما أفاد مسؤولون اميركيون وأوروبيون.
وكانت الادارة امتنعت عن تقديم مساعدات مباشرة إلى الجناح العسكري أو السياسي للمعارضة السورية منذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو عامين، وما زال مسؤولون اميركيون يعارضون تسليح المعارضة.
لكن مسؤولين في الادارة الاميركية حذروا من أن قرارًا نهائيًا لم يُتخذ بشأن السياسة المقترحة، التي تُبحث عناصرها في اجتماعات يعقدها وزير الخارجية جون كيري هذا الاسبوع والاسبوع المقبل مع دول حليفة في اوروبا والشرق الأوسط، في اطار مجهود منسق لإخراج النزاع السوري من عنق الزجاجة، خصوصًا انه أسفر حتى الآن عن مقتل نحو 70 ألف سوري، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

تحول أميركي

كان كيري أشار مرارًا إلى إحداث تغيير في السياسة الاميركية خلال رحلاته. وفي يوم الثلاثاء، قال أمام حشد من الطلاب الالمان في برلين إن الولايات المتحدة تريد حلًا سلميًا في سوريا، quot;لكن إذا رفض أركان النظام التفاوض واستمروا في قتل شعبهم، فسيتعين علينا حينذاك تقديم بعض الدعم على الأقل لمن يقاتلون من أجل حقوقهمquot;.
وفي لندن، قال كيري يوم الاثنين: quot;نحن لا نأتي إلى روما للكلام فقط بل نحن قادمون لاتخاذ القرارات بشأن الخطوات التاليةquot;، في اشارة إلى مؤتمر اصدقاء سوريا في العاصمة الايطالية الذي هدد ائتلاف المعارضة السورية بمقاطعته، قبل أن يتراجع عن تهديده ويوافق على حضوره، بعدما تلقى قادة الائتلاف اتصالات من كيري ونائب الرئيس الاميركي جو بايدن أكدا فيها أن مقترحات ملموسة ستُطرح في المؤتمر.
ويأتي التحول المرتقب في الموقف الاميركي بعد أن خلصت ادارة اوباما وشركاؤها مثل بريطانيا وفرنسا إلى أن فرص التوصل إلى تسوية سياسية، عن طريق المفاوضات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، تكاد تكون معدومة في الوقت الحاضر.
كما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين غربيين قولهم إنه من المستبعد أن يتمكن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة في وقت قريب من إيجاد إطار للحكم أو كسب تأييد كبير من الأقليات السورية، التي لم تتخذ موقفًا مع هذا الطرف أو ذاك.

تحجج بالقيود

في هذه الأثناء، شددت المعارضة انتقاداتها للولايات المتحدة ودول أخرى، لرفضها توفير الموارد التي تمكنها من تشكيل حكومة في المنفى، وتوسيع دائرة التأييد الذي تحظى به في سوريا.
وتعللت ادارة اوباما بقيود قانونية على تمويل المعارضة تمويلًا مباشرًا، واكتفت بإرسال مساعدات إنسانية بلغت قيمتها حتى الآن 385 مليون دولار عن طريق منظمات دولية وغير حكومية.
عسكريًا، فتحت الادارة قنوات اتصال مباشرة مع قادة عسكريين في قوات المعارضة، لكنها قصرت مساعداتها على إيصال معدات اتصالات بصورة غير مباشرة. ورفض البيت الأبيض الصيف الماضي دعوات وزيرة الخارجية وقتذاك هيلاري كلنتون ومدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك ديفيد بترايوس ووزير الدفاع ليون بانيتا إلى تسليح المعارضة، مفضلًا مواصلة الجهود لبناء المعارضة السياسية.
ومنذ مطلع العام الحالي، بادرت دول خليجية تسلح المعارضة مباشرة إلى زيادة شحنات الأسلحة للفصائل العلمانية والجماعات الاسلامية المعتدلة في المعارضة، بعد مشاورات مع ادارة اوباما، بحسب صحيفة واشنطن بوستالتي نقلت عن مسؤول عربي في المنطقة تأكيده أن هذه الشحنات، ومنها قذائف مضادة للدبابات، بدأت تتدفق بالفعل على المقاتلين. وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها يوم الثلاثاء إن كرواتيا هي مصدر بعض هذه الشحنات على اقل تقدير.

مساعدات غير فتاكة

قرر الاتحاد الاوروبي في الاسبوع الماضي تمديد الحظر على تصدير السلاح إلى سوريا، معارضة ونظامًا، ولكنه سمح للدول الأعضاء بزيادة مساعداتها غير الفتاكة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول اوروبي تأكيده أن هذا يعني تقديم معدات تساعد مقاتلي المعارضة على الأرض، مثل الستر الواقية من الرصاص والنواظير الليلية ومعدات الاتصالات.
وحين سُئل كيري عن احتمالات قيام الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية، قال إنه لن يتكهن بشأن نتائج لقائه مع قادة المعارضة.
في غضون ذلك، أعلنت فكتوريا نيولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية، أن محادثات كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الثلاثاء تركزت على الأزمة السورية.
لافروف من جهته وصف اجتماعه مع كيري بالبناء، وقال للصحافيين انهما اتفقا على عمل كل ما بوسعهما من أجل توفير أفضل الظروف لتسهيل انطلاق حوار بأسرع وقت ممكن بين الحكومة والمعارضة. واضاف لافروف: quot;تريد روسيا من المعارضة أن تسمي ممثليها للمحادثات مع النظامquot;، متهمًا مَن سماهم متطرفين في الائتلاف بعرقلة التقدم نحو المفاوضات.