لا يريد بابا الفاتيكان المستقيل أن يؤسس مركزا بديلاللمؤمنين غير الراضين عن أي بابا في المستقبل، لذلك قرر أن يبقى في الفاتيكان ولن يعود إلى ألمانيا ولقبه الرسمي سيكون البابا الفخري، وسيلبس ثوب الكاهن الأبيض، ويتم استبدال حذائه الأحمر بآخر جديد.


بيروت: حضر البابا بنديكتوس السادس عشر اجتماعاً مع الكرادلة خلال حفل وداع في قاعة كليمنتين في قصر الفاتيكان الرسولي في 28 فبراير، 2013 في مدينة الفاتيكان.
وفي مشهد عاطفي مؤثر، أطل من أعلى شرفة منزله الموقت في كاستيل غاندولفو، ليصبح أول بابا في 600 سنة يتخلى عن لقبه، ويترك الفاتيكان من دون قائد روحي، فيما تستعد كلية الكرادلة لانتخاب البابا الجديد.
واحتشد المتفرجون أمام الشرفة يطلقون الهتافات ويذرفون الدموع لرحيل بنديكتوس السادس عشر الذي وصف نفسه بـ quot;مجرد حاجquot; يعود إلى حياته الخاصة.
وأعلن بنديكتوس السادس عشر تنحيه عن الكرسي الرسولي وهو في الخامسة والثمانين من العمر، ليكون أول بابا يستقيل منذ القرون الوسطى، متعهداً أن يظهر quot;طاعة واحتراماً غير مشروطينquot; لخليفته في الكرسي الرسولي.
تعود آخر استقالة طوعية للبابا إلى القرون الوسطى وتحديداً إلى العام 1294 عندما استقال البابا سيليستان الخامس بعد أشهر قليلة على تولّيه السدة البابوية احتجاجاً على الفساد المستشري حينها.
وخاطب بنديكتوس السادس عشر الكرادلة قائلاً quot;بينكم يوجد أيضاً البابا القادم الذي أعد بأن أظهر له طاعة واحتراماً غير مشروطينquot; ثم ودّع مساعديه، قبل أن تنقله مروحية إلى دير في قرية كاستيل غوندولفو المقر الصيفي للبابوات، والتي لا تبعد كثيراً عن الفاتيكان، حيث سيقضي نحو شهرين، ريثما يختار الكرادلة خليفته.
بعد مغادرته مقره الموقت في الفاتيكان، توجه البابا إلى الدير الذي سيمضي فيه سنواته الأخيرة، حيث تم نقل البيانو الخاص به وكتبه المفضلة، على أن تبقى الهدايا التي تلقاها في الفاتيكان والتي من الأرجح أنه لن يفتقدها مثل لوحات رائعة من عصر النهضة، وهدايا من رؤساء الدول والكرادلة الذين زاروا جميع أنحاء العالم، وغيرها من الملفات والوثائق.
البابا بنديكتوس السادس عشر أراد أن يتقاعد قبل تسلّمه منصبه، لكن تعيينه من قبل الكرادلة جعله يغيّر خطته. ولم يمض وقت طويل حتى عدل رأيه مجدداً وأعلن استقالته لأسباب صحية، فيما تقول الشائعات إن التنافس داخل الكنيسة دفع البابا إلى الرحيل.
لكن البابا أجرى بعض التعديلات على خطته الرئيسة للتقاعد، فهو لن يعود إلى دياره إلى ألمانيا، بل سيستمر في العيش في الفاتيكان. ويقول العديد من المحللين إن هذا القرار هو نتيجة لعدم رغبته في إنشاء quot;مركز بديلquot; للمؤمنين غير الراضين عن أي بابا في المستقبل.
لكن هذا القرار أثار مجموعة من القضايا غير المسبوقة في الكنيسة الكاثوليكية، فمجرد الاستقالة من واحدة من أكثر وظائف العالم أهمية ليست قرارًا سهلاً.
الفاتيكان لا تزال تتصارع مع عواقب استقالة بنديكتوس السادس عشر وتداعياتها التي لم تسبر أغوارها بعد. وفي حين أن قانون الكنيسة البابوية يعتبر استقالة البابا احتمالا ممكنا، إلا أن لا أحد يبدو مستعداً لهذه القضية.
لقد غير البابا بنديكتوس عدة أمور بالفعل، فالاجتماع السري لانتخاب خليفته - الذي ينعقد عادة بعد 15 يوماً من نهاية عهد البابا - سيكون الآن قادراً على البدء في أقرب وقت ما إن يصل جميع الكرادلة الناخبين الى روما.
وأصدر البابا أيضاً قراراً بفرض عقوبات أشد على أولئك الذين كسروا اليمين السرية، بما في ذلك طرد المخطئ، حتى إذا كان كاردينالاً.
يوم الثلاثاء، تم حل عدد قليل آخر من تفاصيل ما بعد استقالة البابا، فلقبه الرسمي سيكون البابا الفخري، وسيلبس ثوب الكاهن الأبيض، ويتم استبدال حذائه الأحمر بآخر مريح من ليون في المكسيك. لكن تبقى مسألة أخرى عالقة تتعلق ببروتوكولات المناسبات والاحتفالات: كيف سيتم تنظيم الطقوس الرسمية وكيف سيحضر البابا المستقيل مع خلفه وبأي صفة؟ قد تبدو مثل هذه الأمور بسيطة أو إجرائية، لكنها تحمل الكثير من الأهمية الروحية والرمزية.
إضافة إلى ذلك، لا يزال الكرسي الرسولي في مواجهة تقارير الفضيحة التي ابتليت بها في الأيام الأخيرة من حكم بنديكتوس السادس عشر الذي اتسمت حبريته بمواضيع جدلية عدة خصوصاً بشأن رفعه الحرم الكنسي عن أسقف تجديدي لكن أيضاً بسبب فضائح التحرش الجنسي بأطفال من جانب كهنة وحمايتهم أحياناً من جانب رؤسائهم الروحيين.
مؤخراً، كشفت فضيحة الوثائق الفاتيكانية المسرّبة والتي عرفت بـquot;فاتيليكسquot;، مواضع خلل إضافية في الكرسي الرسولي، في حين تحدثت الصحافة في الآونة الأخيرة عن وجود مفترض لما سمي بـquot;لوبي لمثليي الجنسquot; في الفاتيكان.
ويشار إلى أن البابا بنديكتوس السادس عشر سيستمر في العيش مع أربع نساء كرسن حياتهن للعمل على خدمته اثناء حبريته. ووفقاً لصحيفة (لا ستامبا) الايطالية، سيتلقى البابا راتباً متواضعاً ndash; يبلغ 3300 $ شهرياً - تمنح عادة للأساقفة المتقاعدين، لكن من غير المرجح أن يحتاجها لأن الفاتيكان سيستمر برعاية احتياجاته من ميزانيته الخاصة.