توزير النائب حق يكفله الدستور الأردني، لكن ذلك غير ممكن الآن بسبب غياب الكتل الحزبية القوية ببرامجها السياسية، وبسبب الخوف من أن يكون الجمع بين النيابة والوزارة بابا يدخل منه الفساد بحلة جديدة.
عمان: تتأرجح فكرة الجمع بين النيابة والوزارة في الحكومة الاردنية بين مؤيد ومعارض، على الرغم من أن نصوص الدستور الاردني لا تمنع ازدواجية العمل في النيابة والوزارة. واقعيًا، يواجه توزير النواب الأردنيين موانع كثيرة في هذا التوقيت، بحسب ما صرح به نواب لـquot;ايلافquot;، منها غياب كتل حزبية ترشح وزراء بناء على برامج سياسية، وهشاشة الاغلبية البرلمانية الحالية. كما يعتقدون أنه في حال جلوس النواب على كرسي الوزارة، سغيب دورهم الرقابي وسيحققون مصالح شخصية لأنفسهم ولقواعدهم الشعبية، ما يعني المزيد من الفساد.
لا كتل حزبية
يرفض جميل النمري، نائب التجمع الوطني الديمقراطي، فكرة مشاركة النواب في الحكومة القادمة، عازيًا ذلك إلى جملة وقائع تخص المجلس الحالي. يقول: quot;عيون الكثيرين من النواب على المناصب الوزارية، وسيكون السباق شخصيًا بين النواب، ما يعني تفسخ الكتل وانهيارها في ظل الاختلافات والمصالح الشخصية التي ستغلبquot;، مضيفًا أن هذه الخطة ستضعف الدور الرقابي للبرلمان، وستخضع الحكومة لابتزاز الواسطات النيابية.
ويعتقد النمري أن عبدالله النسور، الأوفر حظًا لتأليف الوزارة العتيدة، لا يفكر جديًا في توزير النواب إن كلف تأليف الحكومة.
ولا يحبذ النائب السابق الدكتور ممدوح العبادي الجمع بين النيابة والوزارة في الحالة الاردنية. يقول: quot;لن يتم توزير أي نائب في المجلس الحالي لغياب التكتلات الحزبية، فالكتل الحالية عبارة عن تحالفات عقدها النواب بعد نجاحهم في الانتخابات، من دون برامج سياسية او اقتصادية وقادرة على ترشيح وزراء بشكل صحيحquot;.
أضاف: quot;تختلف ديمقراطية الاردن عن الديمقراطيات المعمول بها في دول العالم، حيث يتم اختيار الوزراء من اعضاء الاحزاب الناجحين في الانتخابات، يتمتعون بالخبرة السياسيةquot;.
ويختم النمري قائلًا: quot;إنها صفقة أقل رشدًا للحكم واكثر فسادًاquot;.
حق دستوري
في المقابل، يؤيد النائب مصطفى ياغي، الناطق الاعلامي باسم كتلة المستقبل، فكرة مشاركة النواب في الحكومة كوزراء، quot;لأن هذا حق دستوري حدده الملك في خطاب العرش، وفي مبادرته بالتشاور مع رئيس الديوانquot;.
يقول ياغي: quot;كيف لنا بلورة الحكومة البرلمانية في ظل غياب قوائم حزبية في البرلمان لها اغلبية لتشكيل الحكومة؟ بدأت الفكرة بترشيح رئيس ومشاركة وزراء في حكومة ستكون نواة عمل سياسي، وفكرة لتأسيس حكومة برلمانية مستقبلًاquot;.
وحول من سيراقب أداء النواب كوزراء، يشير ياغي إلى ان اعضاء الحكومة سيكونون 22 نائبًا من اصل 150 نائبا، والنواب غير الوزراء سيتولون الدور الرقابي، إلى جانب مجلس الوزراء والقواعد الشعبية. ويرى ياغي أن النواب بصفتهم الاقرب إلى هموم المواطنين سيكونون انجح على كرسي الوزارة من سواهم، quot;ومن ايجابيات توزير النواب على الموازنة الحد من النفقات، لأنه لا يجوز جمع رواتب التقاعد بين النواب والوزراءquot;.
فساد بحلة جديدة
إلى ذلك، يقول وائل جرايشة، الخبير في الشؤون البرلمانية ورئيس تحرير وكالة عمون الاخبارية، لـquot;ايلافquot; إن الدستور الاردني لا يمنع الجمع بين الوزارة والبرلمان، quot;لكن التجارب السابقة اثبتت فشل توزير النواب، خصوصًا في ظل غياب كتل حزبية وفكرية، ومع تركيبة نيابية تفتقد إلى معارضة حقيقة، فأول اختبار كان أمام هذه الكتل الهشة هو انتخابات رئاسة المجلس، وفشلت فيهquot;.
ويعتقد جرايشة أن تزوير النواب في الوقت الحالي خطوة في غير مكانها، quot;إذ سيجدها النواب بوابة جديدة لخدمة قواعدهم الشعبية، إضافة إلى انها ستكون فرصة لمزيد من النزاعات، ما يحدث شرخًا جديدًا، ويؤدي إلى انهيار الكثير من الكتل في حال لم يتم اختيار نائب منهاquot;.
ويؤكد أن هناك تيارا في المجلس الحالي يعتقد أن المجلس قادر على تأليف حكومة برلمانية، quot;لكنني أرى الحكومة البرلمانية لا تعني حكمًا مشاركة النواب، بل لعبهم الدور الرقابي والتشريعي الصحيح، وأي توزير للنواب اليوم سيزيد قناعة الشارع الاردني في عدم جدية الدولة في الاصلاح ومحاربة الفسادquot;.
التعليقات