يكرر نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في خطاباته quot;أنا تشافيزquot; في رسالة واضحة حول نيته السير على خطى الرئيس الراحل، في وقت تتابع فيه الولايات المتحدة كل تحركات مادورو لمعرفة توجهاته.
تبدو لهجة نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في خطاباته خلال الأسابيع متقاربة مع الرئيس الراحل هوغو تشافيز، وكانت نبرة صوته وإيقاعات أحاديثه في خطاباته الأخيرة مشابهة بشكل كبير لتلك التي كان يتميز بها تشافيز، وكان يكرر باستمرار شعار quot;أنا تشافيزquot; أمام الحشود من مؤيديه.
كما كان يركز على الموضوعات التي كان يهتم بها تشافيز والتي يأتي في مقدمتها التقليل من شأن المعارضة السياسية والتحذير من المؤامرات الغامضة لزعزعة استقرار البلاد والخلوص كذلك إلى وقوف الولايات المتحدة وراء إصابة تشافيز بالسرطان.
كما كان يختار ملابس قريبة من ملابس تشافيز، وكان يسير إلى جوار التابوت الخاص بالرئيس الرحال في موكب هائل يوم أمس وهو يرتدي سترة واقية تحمل الألوان الوطنية وهي الأصفر والأزرق والأحمر، مثلما كان يفعل تشافيز في كثير من الأحيان. لكن وبعد وفاة تشافيز يبدو أن التساؤل الأبرز الآن هو ما إن كان سيستمر مادورو، خليفته المختار، في إظهار صورة تشافيز ونظام حكمه غير التقليدي أم سيسلك نهجه الخاص.
ونقلت بهذا الخصوص صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن ماكسويل كاميرون من جامعة بريتش كولومبيا في فانكوفر قوله :quot; لا يمكنه الوقوف هناك ويقول ( أنا النسخة المصغرة من تشافيز وعليكم الآن أن تتبعوني )quot;. ومضت الصحيفة تشير إلى أن واشنطن مهتمة هي الأخرى بطبيعة التوجهات التي يعتزم أن يظهرها مادورو، خاصة وأن صانعي القرار في أميركا يراقبونه منذ شهور، أو حتى منذ سنوات، لتحديد ما إن كان سيعمل جدياً نحو تعزيز العلاقات وتوطيدها بين الدولتين أم لا.
وقال مسؤولون أميركيون إنه ورغم استنكار تشافيز العلني لسياسات واشنطن، إلا أنه كان يعمل خلف الكواليس للحفاظ على متانة العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة بقطاع النفط.
وتحدث المسؤولون كذلك عن هذا الاتصال الهاتفي الذي أجراه تشافيز ذات مرة مع أحد الدبلوماسيين الأميركيين للتحدث معه في السياسية، في خطوة اعتبروها غريبة بالنسبة لقائد سبق له أكثر من مرة أن منع السفير الأميركي من القدوم إلى كاراكاس، وسبق له مراراً وتكراراً أن أدان واشنطن وقادتها، باستخدام ألقاب صعبة أحياناً.
وأشار محللون ودبلوماسيون أميركيون إلى أن تشافيز قد يكون شخصية عملية، أو قد يكون منمقاً في بعض الأحيان، وعبروا عن تمنياتهم بأن يثبت مادورو أنه أكثر من ذلك.
وقال ويليام ديلاهانت وهو عضو سابق بالكونغرس عن ولاية ماساتشوستس :quot;أعرف نيكولاس مادورو جيداً. وأنا أعلم أنه شخصية عمليةquot;. وقد تواصلت الولايات المتحدة مع مادورو في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لمعرفة مدى اهتمامه بتحسين العلاقات بين الدولتين. وقد أظهر ردة فعل ايجابية، وعقدت الدولتين ثلاثة اجتماعات غير رسمية في واشنطن، وقد تم عقد الاجتماع الأخير بعدما اتضح أن حالة تشافيز الصحية متدهورة، وهو ما أكده للصحيفة مسؤولون أميركيون.
ويرغب الفنزويليون في أن يتبادلوا السفراء من جديد، غير أن واشنطن تصر على القيام بخطوات أصغر في النطاق من أجل بناء جسور الثقة، ويبدو أن هناك ثمة خطة مبدئية بهذا الشأن، وهو الأمر الذي نوه إليه المسؤولون الأميركيون في حديثهم للصحيفة.
بيد أن المحادثات قد توقفت العام الجاري، ولم يتم استئنافها، وهو ما جعل المسؤولون الأميركيون يتساءلون فيما بينهم عن حقيقة نوايا مادورو تجاه الولايات المتحدة.
وقال في هذا السياق أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية :quot; مازال مادورو على بداية طريق الحكم وتكوين هوية لنفسه. ولا أظن أننا توصلنا بأي شكل من الأشكال إلى حقيقة أنه يحظي بنفوذ معتدل أم لا. ولم تبنى جهودنا الرامية للتواصل وإنشاء علاقة أكثر إنتاجية على الاعتقاد بأنه سيكون من السهل التعامل معه بالضرورةquot;.
وأجمع معظم الدبلوماسيين والمحللين السياسيين على أن بداية مرحلة ما بعد الرئيس تشافيز تبدو كئيبة، ويكفي أن مادورو اتهم الولايات المتحدة بخصوص تآمرها ضد البلاد وقيامه في الوقت عينه بطرد ملحقين عسكريين اثنين من السفارة الأميركية هناك.
لكن بعض المراقبين رؤوا أن تلك الخطوات محسوبة من الناحية العلنية، وقد وصفها أحد المحللين بالمحاولة quot;غير الأنيقةquot; من جانب مادورو لتوحيد بلد مصدوم يستعد لاستقبال خبر وفاة تشافيز ولكسب ود أنصار الرئيس ولتعزيز فرصه الخاصة بالسعي للفوز بالانتخابات من أجل قيادة البلاد خلال الفترة المقبلة خلفاً لتشافيز.
التعليقات