أكد السفير العراقي في الأردن، الدكتور جواد هادي عباس، أن ثمة قرار سياسي في البلدين بإنهاء الملفات العالقة، من ديون مستحقة ومعتقلين في الجانبين، إلى تنفيذ انبوب النفط بين البصرة والعقبة، ليكون للعراق منفذه النفطي على البحر الأحمر.

عمان: أكد الدكتور جواد هادي عباس، السفير العراقي في الاردن، أن المشروع الاستراتيجي بمد انبوب النفط من البصرة إلى العقبة يأتي في وقت سياسي دقيق، اختاره العراق لتنويع منافذه على البحر الاحمر، بعد التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز، لكي لا يكون يكون رهينة أحد.
واضاف، في لقاء مع quot;ايلافquot;، انه لا افضل من الاردن كبلد آمن مستقر يمللك ميناءً على البحر الاحمر لاقامة هذا المشروع، ومساعدته في ازمته الاقتصادية، وحل مشكلة الطاقة التي يواجهها بتوفير احتياجاته منها.
وأكد عباس أن ثمة قرار سياسي اتخذته قيادتا البلدين لتنفيذ هذا المشروع، الذي يعزز التعاون الاردني العراقي، ولإغلاق الملفات العالقة وخصوصًا ملف المعتلقين غذ سيتم نقل كل يرغب منهم إلى بلده لاتمام مدة محكوميته بعد استكمال الاجراءات الفنية والقانونية.
واضاف عباس أن لجان وزارة المالية العراقية بدأت تبحث جديًا مسألة الديون، إذ اعدت تقارير سيبحثها وزير المالية العراقي مع المسؤولين الأردنيين أثناء زيارته عمان الاحد، بعد اجتماعه مع مسؤولي صندوق النقد الدولي.
واشار إلى هناك ملفات تم حلها بين الحكومة الاردنية والعراقية كمنح السائقين الاردنيين تأشيرة متعددة لمدة ستة أشهر مقابل 100 دولار. كما وافقت الحكومة الاردنية أن تمنح الخطوط الجوية العراقية تاشيرة دخول للعراقيين إلى الاردن.
وتناول السفير عباس الازمة السورية، فرأى أن الحل والسلمي وانتقال السلطة في سوريا على غرار التجربة اليمنية هما الحل الأمثل، quot;لكن هذا يفرض على المعارضة والنظام تقديم تنازلات لحماية سوريا من التقسيم والانهيار، فوصول قوة متطرفة إلى الحكم سيكون له تداعيات خطرة على دول الجوارquot;.
وفي ما يأتي نص الحوار:

ما فوائد مد انبوب نفط من البصرة إلى العقبة للبلدين؟
هذا المشروع قديم جدا، وبدأ العراق يفكر بتنويع منافذ التصدير خصوصًا أن الكميات المنتجة سوف تزداد، وحتى لا يبقي العراق رهينة أي منفذ في دولة بحد ذاتها، كان خيار تهئية منفذ عن طريق بلد يتمتع بالامن والاستقرار. هذه فائدة العراق، من أما فائدة الاردن فتتمثل بحصوله على مردود مالي بفضل مرور الانبوب بطول 690 كيلومترًا في الارض الاردنية، يقدر بين خمسة إلى عشرة ملايين دولار يوميًا، أي ما يعادل مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار سنويًا. وهذه تغطي الفاتورة النفطية للاردن. كما أن هذا الانبوب يصل إلى مصفى الزرقاء الوحيدة، ما يعني توفير اجور النقل والشحن، والاستفادة من كميات النفط التي تباع يوميًا إلى الاردن باسعار تفضيلية، والمقدرة يوميًا بنحو 15 الف برميل، من دون تحمل أجور النقل التي تصل إلى 14 دولار للبرميل، بينما تصل في الانبوب إلى دولارين. إلى ذلك، مصفاة البترول الاردنية مهيأة للنفط الخفيف، لذا تعاني حاليًا عن تكرير النفط العراقي الذي يأتي من كركوك بنسبة عالية من الكبريت. وبعد مد الانبوب، يصل إلى المصفاة نفط البصرة الخفيف. كما يوفر الأنبوب نحو ثلاثة آلاف عمل في الاردن. ولا تتسى النية في انشاء مصفاة جديدة في العقبة، لتتعامل مع 300 ألف برميل يوميًا. وبعد انشاء هذا الانبوب، لن يحتاج الاردن لأي جهة كانت غير العراق، الذي يزوده بحاجته النفطية بكل مودة. وسيتم بناء ميناء خاص في العقبة لتصدير النفط الخام.
ولمَ الآن؟
التهديدات الايرانية بإغلاق مضيق هرمز جعلت العراقيين يفكرون جديًا في البحث عن منفذ جديد، خصوصًا أن إنتاج النفط العراقي خلال العامين المقلبين سيزيد ليصل نحو ستة ملايين برميل يوميًا، والحاجة إلى منفذ بحري على البحر الاحمر عبر الاردن والعقبة مهم ومجدٍ. وبدأت الاهتمام شخصيا بتنفيذ هذا المشروع منذ عام، لأن هكذا مشاريع استراتيجية من شانها تعزيز علاقة الشعبين الاردني والعراقي، إلى جانب توفير فرص عمل في البلدين.

كيف سيتم تنفيذ المشروع؟
هذا المشروع جاء بقرار سياسي من البلدين، وتعزز خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى الاردن في شهر كانون الأول (دبسمبر) الماضي، وتفويض وزير النفط العراقي توقيع كل الاتفاقيات للبدء بتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي. وبعدها، أقرت السلطات التنفيذية الاردنية والعراقية المشروع. سيعقد اجتماع في العقبة خلال الشهر الحالي ليكون خطوة اساسية نحو إنجاز المشروع. وسيتم الأمر بنظام الاستثمار، إذ تنفذ شركات المشروع وتستفيد من الانبوب من عشرة إلى عشرين عامًا، وبعدها تنتقل ملكية الأنبوب الممتد في الأردن للحكومة الاردنية، وملكية الأنبوب الممتد في العراق للحكومة العراقية. وستكون الشركات المنفذة على الاغلب اجنبية، أما الجزء العراقي فتقوم به وزارة النفط العراقية. حاليًا تتم دراسة مقترح رئيس الوزراء عبدالله النسور للاكتتاب في شركات مساهمة ليكون المواطنون مساهمين عبر شراء اسهم تلك الشركات.

ملفات عالقة

أين وصلت المفاوضات في ملف المعتقلين في البلدين؟
خاطبت الحكومة العراقية وزارة الخارجية قبل اسبوعين للايعاز إلى المعتقلين الاردنيين في العراق والبالغ عددهم 17 معتقلًا تقديم طلبات تنفيذ مدة محكوميتهم في بلدهم بحسب رغبتهم. وفي ذات الوقت، سيتم الأمر نفسه مع المعتقلين العراقيين في الاردن، البالغ عددهم 14 معتقلًا، لترحليهم إلى العراق لتنفيذ مدة محكوميتهم المتبقية، وذلك وفق اتفاقية الرياض المعمول بها في الدول العربية. ونحن كسفارة نعمل لانهاء هذا الملف، ومن المتوقع الانتهاء منه قريبًا.
أين وصل ملف الديون المترتبة على العراق للاردن؟
كانت زيارة رئيس الحكومة نوري المالكي للاردن في أواخر العام الماضي تاريخية، وحرّكت الكثير من الملفات الراكدة، لاسيما في ظل الاصرار على اغلاقها. وفي ما يتعلق بموضوع الديون، أنا الح شخصيًا على تصفية الديون للطرفين الاردني والعراقي. ويتم الآن دراسة هذا الملف من قبل وفد فني عراقي من وزارة المالية جاء للاردن، وتم بحث ومناقشة هذه الديون مع المسؤولين الاردنيين. وحقيقة امر هذه الديون انه بعد سقوط النظام السابق، كانت ديون العراق لنادي باريس اسفطوا 80 بالمئة منها، وبقي منها 20 بالمئة، وبدأ العراق في العام 2011 فالسداد للدول التي قبلت أخذ 10 بالمئة نقدًا. والالتزام بقواعد نادي باريس يمنع العراق من التعامل مع اي دولة اخرى بطريقة اخرى، وتم ابلاغ الحكومة الاردنية بالتزام العراق بقواعد نادي باريس. وفي ظل وجود قرار سياسي بانهاء هذا الملف، سيكون هناك التزام بالسداد عند انهاء الفنيين عملهم, وأتوقع أن يتم الحديث في موضوع الديون مع وزير المالية بالوكالة، الذي يصل إلى الاردن الاحد المقبل، وعلى جدوله اجتماعات مع مسؤولي البنك الدولي.
استثمار وتعاون

ما توقعاتكم حول زيادة حجم الاستثمارات العراقية في الاردن؟
العراق الان بلد ديمقراطي لا يفرض على المستثمر جهة الاستثمار. اعتقد أن حجم الاستثمار العراقي بالأردن 11 مليار دولار خصوصًا في سوق العقار. وصاحب راس المال جبان، يبحث عن بلد مستقر وأمن، لكن نأمل من المستثمرين العراقيين والاردنيين الاستثمار والمساهمة في اعادة بناء العراق، خصوصًا في ظل فرص الاستثمار الهائلة في الجنوب، في النفط والنقل والكهرباء والصناعات. حاليًا، يقبل السمتثمرون الأردنيون على كردستان العراق، وهناك محاولات لشركات اردنية للاستثمار في البصرة. الجالية العراقية في الأردن تصل إلى 200 ألف عراقي في ظل عودة طوعية. الخطوط العراقية حصلت على اعتماد لمنح تاشيرة الدخول خلال 72 ساعة على غرار الملكية الاردنية. نعمل اليوم على تفعيل قانون الترانزيت في العراق لتسهيل مرور البضاعة الاردنية نحو حدود تركيا، لاستكمال اللوازم الامنية والاجراءات الفنية خصوصًا في ظل الازمة السورية.
هل وضعتم آليات منح تاشيرة للسائقين الاردنيين بحسب وعودكم، من اجل زيادة حجم التعاون التجاري؟
نعم. قبل اسبوعين عقد اجتماع مع وزارة النقل. وفي ظل مصادقة لجان النقل بين البلدين، سيحصل السائقون على تأشيرة متعددة لمدة ستة أشهر بقيمة 100 دولار. ولا يستغرق منح التاشيرة أكثر من يومين، وأهم الشروط أن يكون سائق شاحنة بأوراق ثبوتية صالحة. وندرس حاليًا أن يتم كذلك نقل الركاب والسماح للسائقين الاردنيين بنقلهم عبر باصات النقل بين البلدين، وهذه خطوة جديدة لمزيد من التعاون التجاري بين البلدين.
مع الحل السلمي في سوريا

يقف العراق محايدًا ازاء الازمة السورية، لكن رئيس الحكومة نوري المالكي يعتقد أن الازمة ستؤثر على الاردن. فما توقعاتكم للازمة السورية؟
العراق مع الحل السلمي وانتقال السلطة، على غرار ما حدث في اليمن. فلم لا يحصل هذا الأمر بخسائر اقل بدلًا من التدمير الكامل؟ فالازمة في سوريا تذهب نحو العنف والقتل اليومي. هذا يعني سقوط النظام بشكل دراماتيكي، ما سيكون له تداعيات خطيرة، فاللاجئون وصلوا المليون. في العراق 90 الف لاجئ سوري. كيف سيتم ارجاعهم إلى بلادهم؟ الخوف من البديل المجهول، أي وصول قوة متطرفة إلى الحكم، لأن المخاطر التي تهدد الأردن تهدد العراق. والعراق يدعو إلى اسلام معتدل وعدم توظيف الدين لاغراض عدوانية، خصوصًا أن شعوبنا مكونة من اقليات ومذاهب وطوائف متعددة. نرفض وصول جماعة تهدد وتقتل على غرار القاعدة، واكثر من نخشاه وصول نظام كنظام طالبان.
هل هناك فرصة لحل سلمي في سوريا؟
العراق يشجع الحل السلمي، ولديه اتصالات مع أركان المعارضة المؤمنة بالحل السمي. لكن هذا بحاجة إلى جهود. يجب وقف تدفق السلاح إلى سوريا. العراق يقف ضد تسليح المعارضة والنظام، إذ يتم تفتيش الطائرات الايرانية التي تمر في الأجواء العراقية، لمنع تهريب اي سلاح للنظام. لا بد أن تجتمع الدول لمساعدة النظام والمعارضة معًا للتوافق على صياغة حل للازمة وتقديم التنازلات للمحافظة على بلدهم من الانهيار ولحقن الدماء.
ماذا لو فشل الحل السلمي؟
الخيار الثاني هو تقسيم سوريا والذهاب نحو المجهول، ما يعني حصول تداعيات على كل المنطقة ودول الجوار. لكننا نرى أن الحل السلمي ما يزال ممكنًا. وفي حال حدوث المزيد من المشاكل على الحدود مع سوريا، هناك مخاوف فعلية من تسلل الارهاب إلى العراق.