بكين: شي جينبينغ الذي اصبح يمسك بكل مقاليد السلطة في الصين لعشرة اعوام، رجل غامض ترتبط شخصيته بمسيرة رجل دولة عرف كيف يرتقي بمهارة وحذر كل درجات هرم النظام الشيوعي.

وهو اول قيادي يولد بعدما اسس ماو تسيتونغ النظام في 1949.
كما انه ابن احد ابطال الثورة الذين يسمون بquot;الامراء الحمرquot; ويشكلون القيادة الجديدة لثاني قوة عالمية.
وفي سن التاسعة والخمسين يخلف شي جينبينغ صاحب القامة الطويلة الرصين بوجهه المستدير الوردي وشعره الحالك السواد، هو جينتاو الذي يكبره بعشر سنوات، في منصب رئيس البلد الذي يضم اكبر عدد من السكان في العالم بعدما حل محله في تشرين الثاني/نوفمبر في منصب الامين العام للحزب الشيوعي الصيني، الوحيد في البلاد.
وسرعان ما تولى شي المقرب من الجيش قيادة اللجنة العسكرية النافذة في الحزب الشيوعي الصيني التي تسيطر على الجيش الشعبي للتحرير.
لكن تراكم هذه الالقاب لا يعطيه بالضرورة كل النفوذ وعلى غرار سلفه سيتعين عليه التوافق مع اعلى قيادات الحزب الشيوعي الصيني حيث اصبح التوافق معهودا.
وقد عزز شي خلال الاشهر الاربعة الماضية نفوذه، حسب جان بيان كبستان المتخصص في الشؤون الصينية الذي قال انه يتميز quot;باسلوب جديد لكن دون تغيير جوهريquot;.
وعلى غرار هو جينتاو حذر شي من ان الفساد المستشري في الحزب الشيوعي الصيني قد quot;يقتل الحزبquot; وبالتالي النظام.
لكن عليه ان يثبت ارادته المعلنة ليس في طرد quot;الذبابquot;، الكوادر المحلية الفاسدين، فحسب بل ايضا quot;النمورquot;، اي كبار المسؤولين والمبادرة باصلاحات ينتظرها معظم الصنيين.
وتصدع اللغز الذي يحيط بشي جينبينغ في حزيران/يونيو عندما كشفت وكالة بلومبرغ ثروة اقاربه الطائلة لكن سرعان ما سقط التحقيق تحت الرقابة في الصين.
وخلافا للهيئة الصارمة وحركات سلفه البارد الاقرب الى حركات quot;الروبوتquot;، يعتبر شي جينبينغ اكثر بشاشة وطبيعية اذ انه يلقي مبتسما خطبه من دون quot;لغة الخشبquot; الشيوعية التقليدية.
وعليه ان يثبت ذلك بعد بضعة ايام خلال اول جولة رئاسية ستقوده الى روسيا وافريقيا.
لكن وراء المظاهر يظل الرجل لغزا في الاساس.
حتى ان زوجته بينغ ليونان المغنية في جيش التحرير الشعبي، اكثر منه شهرة في الصين. وقد رزق الزوجان بنتا تدعى شي مينزي تدرس في هارفرد بالولايات المتحدة تحت اسم مستعار.
وفاجأ شي جينبينغ الجميع في 2009 عندما هاجم خلال زيارة الى المكسيك بلهجة حادة quot;الاجانب، اصحاب البطون المليئة الذين لا يفعلون شيئا سوى التهجمquot; على الصين.
وافادت برقية كشفها موقع ويكيليكس ان شي جينبينغ تحدث مع دبلوماسيين اميركيين عن شغفه بافلام الحرب الهوليودية ويبدو انه يفضل فيلم quot;يجب انقاذ الجندي رايانquot; للمخرج سبيلبرغ.
ولمعرفة لغز شي يجب العودة الى سنوات شبابه الغامضة.
كان والده شي جونغشون احد مؤسسي الحركة المسلحة الشيوعية في الشمال لكنه سجن في عهد ماو قبل ان يرد له الاعتبار مع عودة دينغ سياوبينغ الى السلطة.
وعانت بقية العائلة من الثورة الثقافية (1966-1976) عندما ارسلت امه شي الى معسكر اشغال شاقة وقتلت اخته غير الشقيقة.
وتفيد النبذة العائلية الرسمية ان شي استفاد في شبابه من المكتبات المهجورة ليتثقف وعكف على قراءة كل ما عثر عليه من كتب.
وقد ارسل الى الريف عندما كان مراهقا الى قرية شانشي (شمال) التي تتميز منازلها بانها كهوف quot;لاعادة تربيتهquot; بين الفلاحين على غرار الملايين من طلاب الثانويات والجامعات.
واستاء من الظروف الصعبة وريبة القرويين ففر بعد بضعة اشهر. لكن قبض عليه واودع في معسكر اشغال شاقة قبل العودة الى اشغال الريف في شانشي، وانضمامه الى الحزب في 1974.
والتحق سنة 1975 بجامعة تسينغوا الشهيرة في بكين -- بتوصية من الحزب الشيوعي -- وتخرج بشهادة مهندس في الكيمياء وهي مهنة لم يمارسها ابدا.
وتولى اول مناصبه بفضل علاقات والده ثم تحول بنجاح الى احد الكوادر الشيوعيين وحرص على التكتم وتفادي العقبات.
وعاد شي الى البيئة المفضلة في طفولته ثم تزوج من ابنة سفير الصين في بريطانيا قبل ان يطلقها بعد ثلاث سنوات.
وفي 1985 انتقل الى آيوا في الولايات المتحدة لدراسة الزراعة الاميركية.
وتابع صعوده، فعين حاكما لاقليم فيجيان سنة 2000، ثم في 2002 زعيم الحزب في جيجيانغ الولايتان اللتان تعتبران واجهة الاصلاحات في الصين.
ودعاه هو جينتاو في 2007 الى تطهير شنغهاي عندما اطاحت فضيحة فساد بزعيم الحزب فحل محله.
وفي تشرين الاول/اكتوبر 2007، انضم شي جينبينغ الى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الذي يعتبر نواة الحكم في الصين.
وبعد ان كان الرجل رقم ستة من بين تسعة، واصل صعوده حتى اصبح في اذار/مارس 2008 نائب الرئيس ثم نائب رئيس اللجنة العسكرية الكبيرة النفوذ في تشرين الاول/اكتوبر 2010 وتحول الى مساعد هو جينتاو.
وغالبا ما يفترض في الخارج ان القادة الصينيين اصلاحيون عندما يتولون مهامهم. غير ان البعض يرى ان شي من المدافعين عن القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمارات الاجنبية.
وقال جان بيار كبستان quot;بصراحة لا ارى فيه قائدا اصلاحياquot;.