منذ نهاية الحرب الكورية في الخمسينات وواشنطن وبيونغ يانغ تتبادلان نوع العداء الذي يهدد بدمار شامل في أي لحظة. لكن ثمة اتجاهًا جديدًا وسط الأميركيين، وهو طلب السياحة في الدولة الشيوعية، فهل يصبح هذا بداية تغيّر الحال؟.


صلاح أحمد: من المحتم لدولة تغلّف نفسها بالسريّة، مثل كوريا الشمالية، أن تجتذب أنظار المغامرين وعشاق ارتياد الأماكن المجهولة. لكنها صارت أيضًا قبلة في ما يبدو للسياح الأميركيين، برغم ما تطفح به من مشاعر العداء نحو حكومتهم، وأيضًا برغم ما يرد عنها من أخبار لا تتحدث إلا عن الجوع والفقر المدقع وانقطاع التيار الكهربائي وغياب وسائل الراحة والترفيه المعتادة لدى أهل الغرب.

فقد تناقلت صحف أميركية وبريطانية أن وكالة أميركية للسفر والسياحة تسمّى laquo;يوري تورزraquo;، وتتخذ من نيوجيرسي مقرًا لها، أعلنت أن أعدادًا متزايدة باضطراد من الأميركيين يصطفون أمام مكاتبها طلبًا للسفر إلى كوريا الشمالية.

وقالت هذه الوكالة إن عدد هؤلاء كسر سائر الأرقام القياسية في ما يتعلق يطلب السفر إلى دول laquo;الكتلة الأخرىraquo;، مثل كوبا وروسيا والصين وبورما وفنزويلا.

عناق رودمان
يذكر أن هذه الوكالة هي نفسها التي هيأت لنجم كرة السلة الأميركي الساطع، دنيس رودمان، رحلة إلى بيونغ يانغ في الشهر الماضي صارت نبأ رئيسًا تناقله الإعلام الغربي، وأفضت به إلى حفاوة بالغة من لدن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ndash; أون وعقيلته شخصيًا. فشوهدا وهما يتبادلان العناق، ولم يبخل النجم الأميركي في كيل الثناء والمديح لمضيفه الزعيم الكوري.

وقالت الوكالة إنها تعمل حاليًا على طلب تأشيرات الدخول لمئات طالبي السفر إلى الدولة الشيوعية. وأضافت أن هذا يكسر الرقم القياسي الذي سجل في 2009 عندما فتحت بيونغ يانغ أبوابها للمرة الأولى أمام السياح من خارج أراضيها المحرمة تقليديًا، وخاصة أمام أولئك الآتين من الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.

لكن الوكالة حذرت عملاءها من أن دخولهم الأراضي الكورية لا يشبه سفرهم إلى غيرها من بلاد الدنيا. فأولًا سيكون لكل سائح laquo;دليلraquo; تعيّنه السلطات هناك. ومهمة هذا الدليل ليست سياحية كما يتصور المرء، وإنما هي أن يرافق الزائر في كل خطوة يخطوها خارج فندق إقامته، وأن يعيده إلى الصراط المستقيم في حال حاد عنه.

عملاء للنظام
ونقلت laquo;نيويورك بوستraquo; عن أميركي يدعى نيكولاس جافا، وهو طالب في جامعة كولومبيا، قوله لدى عودته من عطلة له في بيونغ يانغ: laquo;هؤلاء المرافقون لا يبذلون جهدًا كبيرًا لإخفاء حقيقة إنهم عملاء للنظام الحاكم. ولذا فإنهم يصبحون عبئًا على كاهلك ينتزع قدرًا كبيرًا من خصوصيتك، وبالتالي متعتك بالبلاد. بصفة شخصية فهؤلاء أناس لطاف المعشر، لكنهم موظفو دولة في نهاية الأمر، ويؤدون مهامهم على أكمل وجهraquo;.

ويضيف قوله: laquo;على سبيل المثال ففد منعت من ممارسة رياضة الركض إلا حول المبنى الذي يضم الفندق. وتجدهم يشيرون إلى السياح الأميركيين بأنهم laquo;أصحاب الأنوف الكبيرةraquo;. كما إنهم يجبرونك على الانحناء كلما مررت بأي من التماثيل العديدة المنصوبة للزعيم الجد كيم ايل ndash; سونغ وابنه كيم جونغ ndash; إيل. وهذا عدا انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر وغيره من مشاكل الحياة اليومية العاديةraquo;.

يمضي قائلًا: laquo;مع ذلك فإنني لا أتردد في تشجيع الأميركيين على زيارة هذه البلاد، على الأقل كونها تجربة مختلفة تمامًا. والأهم من هذا أنها ستتيح للشعبين فتح قنوات مباشرة للحوار. ويقيني أنهم سيقولون: laquo;الأميركيون ليسوا سيئين إلى الحد الذي نتصورهraquo;. هذا مهم حقًا بعيدًا عن التشاحن بين حكومتينا، وسيؤدي قطعًا إلى تحسن ما في العلاقات الرسمية بين بلديناraquo;.