يرى المراقبون أن اعتذار إسرائيل لتركيا عن الهجوم على السفينة مرمرة إنجاز لدبلوماسية الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد يمهّد لاختراقات في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنهم يلفتون إلى عقدة الاستيطان التي قد تعوق كل المساعي في هذا الإطار.


منذ العام 2010، عندما هاجمت القوات الإسرائيلية أسطول الحرية، الذي كان ينقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، وقتلت تسعة مدنيين أتراك، شهدت العلاقات بين إسرائيل وتركيا تردّيًا مطردًا. وأصبح التوتر بين دولتين شرق أوسطيتين قويتين، كإسرائيل وتركيا، مشكلة، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يعمل على حلّها منذ ما يربو على العامين.

وفي اليوم الأخير من زيارة أوباما لإسرائيل، اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أخيرًا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان للاعتذار، كما كان يحثّه أوباما منذ العام 2010. وانتهت المكالمة الثلاثية بقدر من الإرادة الطيبة وبعض التغييرات السياسية، إذ وافقت إسرائيل على دفع التعويضات لذوي الضحايا، وتخفيف الحصار عن غزة، الذي حاول الأسطول كسره.

من جانبها، ألغت تركيا خطواتها القانونية ضد الجيش الإسرائيلي، والأهم من كل ما سبق إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة. وهذه حصيلة لا يُستهان بها.

مقدمة لقضايا أخرى
لكن المغزى الأكبر أن هذه الخطوات، على رمزيتها، قد تكون تمهيدًا لتفعيل عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ولعل المتفائل بحدوث ذلك يلاحظ رفض نتانياهو الصلح مع تركيا، بالرغم من الضغوط الأميركية طيلة الفترة الماضية، وبالتالي فإن حقيقة إقدامه على غلق هذا الملف، باعتذاره لأردوغان، قد يشير إلى قدر أكبر من استعداد نتانياهو لسماع نصيحة أميركية أخرى تتعلق بعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

لمحت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس إلى ذلك، حين وصفت المكالمة الهاتفية بأنها quot;خطوة إيجابية، نأمل أن تقود إلى تعاون دائم في قضايا مهمة أخرىquot;.

ويمكن أن تمثل واقعة التصالح بين إسرائيل وتركيا اختبارًا وتمرينًا في بناء الثقة، على حد تعبير صحيفة واشنطن بوست، التي تذهب إلى أن أوباما يثبت من خلالها للعالم أنه في موقع المؤثر في الإسرائيليين، ويثبت للإسرائيليين أنه قادر على التأثير في الطرف الآخر. ويخرج نتانياهو من المصالحة وهو أقوى في الساحة السياسية الإسرائيلية والدولية، ومعه أوباما.

عقدة الاستيطان
يبقى هناك، بالطبع، سبب وجيه للتحفظ على هذا التأثير، نظرًا إلى حجم الصعوبة من دون ترجمة الاختراق الدبلوماسي زخمًا من شأنه تفعيل عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، وإخراجها من رقادها، ولا يقتصر على كون مثل هذا التحدي أكبر وأعقد من المصالحة التركية - الإسرائيلية.

تنقل صحيفة واشنطن بوست عن مايكل كوبلوف، المحلل المتخصص في الشؤون السياسية الإسرائيلية والتركية، قوله، إن اليمين الإسرائيلي الداعم للاستيطان قد لا يجد سببًا للوقوف في طريق الانفراج مع تركيا، لكن تحالفه السياسي، الذي يتعاظم قوة، يعارض أي اتفاق سلام على أساس حل الدولتين، إلى معارضته لكل ما يكبح تنامي الاستيطان، الذي يشترطه الفلسطينيون، للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين.

ويعني هذا كله أن مجرد إحياء محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بغضّ النظر عن إيصالها إلى خواتيم سعيدة، ما زال بالغ الصعوبة الآن، كما كان قبل زيارة أوباما للمنطقة. فمكالمة الجمعة لم تجعل القضايا الجوهرية، وخاصة المستوطنات، أسهل حلًا، لكنها إشارة إيجابية، إذا كان يُراد للدبلوماسية الأميركية أن تخرج من الطريق المسدود. وما هذا بالأمر البسيط، كما ترى واشنطن بوست.