في خطوة لإذابة الجليد بين المحتجين في محافظات عراقية والحكومة فقد رحّب رئيس الوزراء نوري المالكي بتشكيل المحتجين في محافظة الأنبار الغربية وفدًا للتحاور مع الحكومة، ووصف الإجراء بأنه دفن للفتنة، فيما أعلنت اللجنة السياسية الخماسية لمتابعة تنفيذ مطالب المتظاهرين الاتفاق على الصيغ النهائية لقوانين العفو العام والمساءلة والعدالة لاجتثاث البعث والمخبر السري وإطلاق سراح المعتقلات والسجينات.


أعرب المالكي عن ارتياحه اليوم لتوصل المتظاهرين إلى تشكيل لجنة للحوار مع الحكومة ونقل المطالب المشروعة ومتابعة تحقيقها. وقال quot;أنا مسرور بانتخاب المتظاهرين لأشخاص يمثلون أهلهم وينقلون مطالبهم، وأشدّ على أيديهم، وأقول لهم لقد استطعت بمبادرتكم وحرصكم دفن الفتنة، التي كاد البعض يشعلها لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، لا صلة لها بأهل المطالب الحقيقيينquot;.

المالكي يجتمع مع المتظاهرين

ومن المنتظر أن يجتمع المالكي مع الوفد التفاوضي الممثل للمتظاهرين في محافظة الأنبار خلال الأسبوع الحالي، وهو يضم سياسيين ورجال دين وعشائر وقانونيين وأكاديميين. وكان المتحدث باسم متظاهري الأنبار سعيد اللافي أعلن الأحد الماضي عن تشكيل وفد للتفاوض مع الحكومة بشأن مطالب المتظاهرين، متمنيًا أن تكون هذه الخطوة فاتحة خير لإنهاء الأزمة.

خلال اجتماعه مع وفد من وجهاء وشيوخ محافظة نينوى الشمالية، أكد المالكي أن الأحداث الأخيرة أثبتت تمسك العراقيين، لاسيما أهلنا في المحافظات التي شهدت التظاهرات، بوحدة بلدهم، ورفض غالبيتهم الساحقة لأي مشروع يمكن أن يمزّق الشعب العراقي أو يجعله منقسمًا.

وقال quot;علينا أن نحصّن العراق في ظل ما تتعرّض له المنطقة من أعاصير وتهديدquot;، مضيفًا أن العراق هو الأهم، وليس الأشخاص لأنهم يأتون ويذهبون والعراق باقquot;.

لجم صوت النعرات

ودعا المالكي جميع العراقيين وقواهم إلى التحرك للجم أي صوت يثير النعرات الطائفية أو العنصرية، وشدد بالقول على quot;أن نينوى عزيزة علينا، وهي تضم كفاءات ورجالات من خيرة ما لدينا في العراق، ويجب أن تعطى اهتمامًا بقدر ما تتمتع به من أهمية وموقع حساس، وما لديها من ثقل سكاني واجتماعيquot;، كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الإعلامي.

من جانبهم، أكد شيوخ العشائر وقوفهم إلى جانب وحدة العراق ورفضهم أية محاولة لتفريق الصف الوطني، كما قدموا شرحًا لما تعانيه محافظة نينوى حاليًا من تحديات ورؤيتهم حول مواجهتها. وكانت الحكومة العراقية قررت الثلاثاء الماضي تأجيل الانتخابات المحلية في محافظتي نينوى والأنبار بسبب ما وصفتها بالأوضاع الأمنية والسياسية المتدهورة فيهما.

ويتضمن نص مطالب المحتجين 14 فقرة هي:
1. إطلاق سراح جميع المعتقلات المتهمات وفقاً لقانون الإرهاب سيئ الصيت بكل فقراته وإحالة المتهمات بقضايا جنائية على محافظاتهن، ونساء بغداد على الأنبار حصراً، ونقل قضية الدكتور رافع العيساوي وحمايته إلى المؤسسات القضائية في محافظة الأنبار، ومحاسبة المقصّرين والمغتصبين في انتهاكات.
2. إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام استجابة للدعوات الدولية بوقف تنفيذ هذه الأحكام.

3. تعليق العمل بالمادة (4) إرهاب بكل موادها، وإيقاف كل القضايا المتعلقة بهذا القانون إلى حين إلغائه من قبل مجلس النواب.
4. على مجلس النواب الإسراع في تشريع أو إقرار قانون العفو العام مع حذف الاستثناءات وإطلاق سراح جميع المعتقلين.
5. إيقاف العمل بقانون المساءلة والعدالة سيئ الصيت إلى حين إلغائه من قبل مجلس النواب.

6. تحقيق التوازن في كل مؤسسات الدولة، وخاصة العسكرية والأمنية والقضائية، والمباشرة في الإجراءات التنفيذية اللازمة وضمان العيش الكريم لكل العراقيين.
7. إلغاء قيادات العمليات في كل محافظات العراق والأجهزة الأمنية غير الدستورية، وسحب الجيش من المدن والأحياء السكنية في بغداد والمحافظات ورفع الحواجز الكونكريتية لكونها تمثل تمييزاً عنصرياً، والعمل الجاد لضمان أمن المواطنين في العراق الجديد وإناطة حفظ الأمن للشرطة المحلية من أهل البلد.

8. إعادة التحقيق في القضايا التي تخص الرموز الدينية والوطنية في داخل وخارج العراق أمام جهات قضائية محايدة بعيدة عن التأثير السياسي.
9. تحريم استخدام العبارات والشعارات الطائفية في مؤسسات الدولة ndash; و خاصة الأمنية ndash; وكذلك في كل وسائل الإعلام.
10. إجراء تعداد سكاني شامل قبل إجراء الانتخابات العامة مع ذكر تفاصيل الانتماء إلى جميع العراقيين من مذهب وقومية ودينية.

11. تجنب المداهمات الليلية العشوائية، والمتهم يتم القبض عليه نهاراً، وبالأساليب القانونية وإلغاء قانون المخبر السري وعدم الاستماع إليه لأن معظمهم يكيدون العداوة الشخصية أو الطائفية.

12. الإسراع في تشكيل المحكمة الاتحادية العليا من القضاة والنزهاء المهنيين، الذين لا ينتمون إلى كتلة سياسية أو حزب مشارك في الحكم ليكون للقضاء استقلاليته وعدم تسييسه.

13. إعادة جميع المساجد ودور العبادة وأملاك الوقف وأملاك المواطنين الخاصة المغتصبة تحت مفهوم المصادرة وإلغاء قانون (19) لعام 2005.
14. التحقيق مع المسؤولين في القوات الأمنية عن قتل المتظاهرين في مدينتي الفلوجة والموصل أخيرًا.

15. الانتهاء من تعديل قانون اجتثاث البعث تلبية لمطالب المتظاهرين.

هذا وأعلنت اللجنة السياسية الخماسية لمتابعة تنفيذ مطالب المتظاهرين الاتفاق على الصيغ النهائية لقوانين العفو العام والمساءلة والعدالة لاجتثاث البعث والمخبر السري وإطلاق سراح المعتقلات والسجينات.

وعقدت اللجنة الخماسية، التي يترأسها رئيس التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot;، اجتماعًا اليوم في مكتب صالح المطلك نائب رئيس الوزراء القيادي في القائمة العراقية لغرض وضع اللمسات الأخيرة لحزمة القوانين والقرارات المتعلقة بمطالب المتظاهرين والمعتصمين في المحافظات العراقية لغرض إقرارها في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة والمخصصة لهذا الغرض غدًا الثلاثاء، ومن ثم إرسالها إلى مجلس النواب للتصويت عليها.

واتفق المجتمعون على الصيغ النهائية لقوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والمخبر السرّي وإطلاق سراح المعتقلات والسجينات وإلغاء والقانونين 76 و88 المتعلقين بحجز الأملاك وإيجاد توازنات في مؤسسات الدولة المختلفة.

من جهته، أوضح صالح المطلك أن حضور وزراء القائمة العراقية اجتماع مجلس الوزراء مرهون بتخصيص الجلسة لمناقشة وإقرار ما توصلت إليه اللجنة الخماسية بشأن الاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، والتي تصب في مصلحة أبناء الشعب العراقي كافة.

وقال نائب رئيس الوزراء quot;لامانع لدينا من حضور جلسة مجلس الوزراء إذا ما تم إدراج مطالب المتظاهرين وما توصلت اليه اللجنة الخماسية بهذا الشأن، ولاسيما اننا جهدنا في عقد اجتماعات ولقاءات لغرض التوصل الى حلول مرضية، تؤدي بالنتيجة الى الاستجابة لمطالب المحتجين في ساحات الاعتصام، وإنهاء هذه الازمة، التي تهدد أمن وسلامة الشعب العراقي ككلquot;.

وأشار المطلك الى انه حريص كل الحرص على تنفيذ مطالب المتظاهرين المتعلقة بإقرار قانون العفو العام والعمل على اطلاق سراح جميع المعتقلات والمسجونات العراقيات بعفو يخصص لهذا الغرض، إضافة الى جملة أخرى من القوانين والقرارات، مثل تعديل قانون المساءلة والعدالة وقانون مكافحة الارهاب، وايجاد توازنات في الوزارات والمؤسسات الحكومية والقضائية.

واليوم احتجت القائمة العراقية على تدخل الحكومة في شؤون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ودعت الى التصدي الصارم لهذه التدخلات والحفاظ على استقلالية المفوضية ونزاهتها بعيداً عن إملاءات السلطة التنفيذية.

وقالت القائمة ان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قد اصدر عن طريق مدير مكتبه بالوكالة حامد خلف احمد خطابا يقضي بإلاحالة على التقاعد، والنقل لمسؤولين مهمين في المفوضية العليا المستقلة للانتحابات، ما يشكل خطورة كبيرة على استقلالية المفوضية وعلى مسار العملية الديمقراطية والعملية السياسية في العراق، خاصة وان المادة (102) من الدستور تنص بوضوح على ان المفوضية تخضع لرقابة مجلس النواب، وتعتبرها مستقلة عن السلطة التنفيذية.

واعربت العراقية عن قلقها الشديد من quot;هذه الاجراءات غير الدستوريةquot;، وطالبت مجلس النواب والقوى السياسية الوطنية quot;بالتصدي الصارم لهذه التدخلات والحفاظ على استقلالية المفوضية ونزاهتها بعيداً عن إملاءات السلطة التنفيذيةquot;.

واكدت في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; ضرورة إجراء الانتخابات في كل محافظات العراق وفي موعدها المحدد، واحترام العملية الديمقراطية والإرادة الشعبية والجماهيرية بعيداً عن تدخلات بعض القوى السياسية التي تحاول فرض هيمنتها على الشعب العراقي.

يذكر ان محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك تشهد منذ 25 من كانون الاول (ديسمبر) الماضي تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف، جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة الحكومة والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.