فاق عدد الدعاوى المقدمة ضد الإعلاميين المصريين في الأشهر الأولى من حكم الرئيس محمد مرسي ما قُدم خلال 30 عامًا من حكم مبارك. ووضعت قيادات المعارضة هذا الأمر في خانة التخويف المنهجي قبل الانتخابات النيابية.


كان الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف من بين 20 معارضًا معروفًا على الأقل أوقفتهم السلطات المصرية، فيما قال ناشطون إنها أخطر حملة تستهدف حرية التعبير منذ انتهاء حكم المجلس العسكري في صيف العام الماضي.

وقد بدأت الحملة الاثنين الماضي حين استُدعي خمسة من رموز المعارضة المصرية إلى النيابة العامة للاستجواب، بتهمة التحريض على العنف ضد جماعة الإخوان المسلمين.

كان من بين الموقوفين علاء عبد الفتاح ومنى سيف، اللذان قاما بدور متميز خلال الانتفاضة التي أسقطت حسني مبارك في العام 2011. وحين لم تجد النيابة العامة أدلة كافية تسند التهم الأصلية، وجّهت إليهما يوم الخميس تهمة استهداف مكتب رئيس وزراء سابق قبل نحو عام من الآن.

وكان عبد الفتاح سُجن في زمن الحكم العسكري الذي أعقب سقوط مبارك، وحين وصل إلى مقر النيابة العامة لاستجوابه، كان يرتدي ملابس مشابهة لملابس السجن، التي أُجبر على ارتدائها خلال قضاء عقوبته في العام 2011، لتوجيه رسالة سياسية ذات مغزى عن حكم الإسلاميين في مصر.

فوق القانون!
خارج القاهرة، اتُهم عضو البرلمان السابق عن المعارضة حمدي الفخراني بالتحريض على العنف في مدينة المحلة الكبرى شمال القاهرة. ومساء الجمعة، تعرّض ناشطون ومحامون كانوا يحتجّون خارج مركز شرطة في مدينة الاسكندرية للاعتداء والتحرّش الجنسي والاعتقال على أيدي الشرطة، التي اعتبر مراقبون أن استعدادها لاستهداف المحامين مؤشر إلى أن قوى الأمن عادت إلى شعورها السابق بأنها مؤسسة فوق القانون.

كان بين المعتقلين المحامية ماهينور المصري، التي ينظر إليها ناشطو المعارضة على أنها من أبطال ثورة 2011. ونقلت صحيفة الغارديان عن عضو البرلمان السابق باسم كامل قوله: quot;لمن لا يعرف ماهينور المصري، نقول إنها من أشجع ثوار الأسكندريةquot;.

وفي أشد الحوادث التي شهدها الأسبوع الماضي غرابة، اعتُقل أربعة من أعضاء حركة 6 أبريل الشبابية، بتهمة إشهار ملابس داخلية نسائية خارج منزل وزير الداخلية في القاهرة.

لكن الإفراج عن الإعلامي باسم يوسف بكفالة قدرها 15 ألف جنيه مصري نال نصيب الأسد من الاهتمام، نظرًا إلى الشعبية التي يتمتع بها برنامجه التلفزيوني الساخر.

اتهامات بالجملة
اتهمت السلطات المصرية يوسف، الذي كان طبيبًا، قبل أن يتحوّل إعلاميًا ساخرًا، بإهانة الرئيس محمد مرسي وازدراء الإسلام في برنامجه quot;البرنامجquot;. وردّ يوسف قائلًا إن الإسلاميين في السلطة quot;هم الذين شوّهوا دينيquot;.

وقُدم 28 بلاغًا إلى النيابة تستند إلى قانون موروث من عهد الرئيس المخلوع مبارك، لمنع التعرّض للنظام ورئيسه. ونقلت وسائل إعلام مصرية عن محامٍ مختص في قضايا حقوق الإنسان أن عدد ما قُدم من هذه الدعاوى في الأشهر الأولى من حكم مرسي يزيد على ما قُدم خلال 30 عامًا من حكم مبارك.

وكان يوسف صوّر مرسي في برنامجه فرعونًا لا يفتح فمه إلا ويزلّ لسانه، كما حدث عندما حمل على قيادة السيارة في حالة سكر بالقول: quot;إن الكحول والغاز لا يمتزجانquot; أو quot;غاز أند ألكوهول دونت مكسquot;.

quot;سوبر مرسيquot;
وبعدما أصدر مرسي إعلانه الدستوري في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، محصّنًا قراراته ضد الطعون القضائية، سمّاه يوسف بـquot;سوبر مرسيquot;، ومرسي موحِّد السلطات، من باب التورية، للإشارة إلى عجز الرئيس عن توحيد المصريين.

ويبدي مرسي والإخوان المسلمون، الذين يسيطرون على الحكم تحسسًا شديدًا، إزاء تردي سمعتهما وسط الاحتجاجات والمواجهات العنيفة بين المتظاهرين وقوى الأمن، والاستقطاب السياسي في البلد، والأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري.

في هذه الأجواء، يتعرّض الكتّاب والإعلاميون لضغوط من النخبة السياسية الإخوانية. ومن بين هؤلاء الكتّاب والإعلاميين باسم يوسف، الذي كان هدف بلاغات متعددة قدّمها محامون إسلاميون ضده.

ونقلت صحيفة لوس أنجيليس عن ناشطين في مجال حقوق الإنسان أن هذه الدعاوى تأتي في إطار حملة أوسع لتخويف خصوم الإخوان المسلمين قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة.