شكل الحكم القضائي بوقف تنفيذ قرار الرئيس المصري محمد مرسي بإجراء الانتخابات التشريعية اعتبارًا من 22 نيسان (إبريل) المقبل، هزيمة جديدة لهذا الرئيس الإسلامي الذي سبق أن اضطر للتراجع عن عدد من قراراته في الوقت الذي يواجه فيه معارضة متزايدة.


القاهرة: كانت محكمة القضاء الإداري في القاهرة، أصدرت الأربعاء حكمها بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها بقرار من رئاسة الجمهورية في 22 أبريل/نيسان المقبل، وإحالة قانون الانتخابات برمته إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في مدى دستوريته.

يزيد هذا القرار، الذي يثير الشكوك في الجدول الانتخابي كله، من حالة الاضطراب والارتباك التي تعيشها البلاد، التي تخرج حتى الآن، وبعد سنتين من سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، من مرحلة انتقال سياسي، تسودها الفوضى واعمال العنف.

قرارات غير مدروسة
يقول مصطفى كامل السيد، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن قرار القضاء الاداري quot;ليس جيداً بالنسبة إلى الرئيس. فهو يعزز الشعور بأن قراراته غير مدروسة، وأن مستشاريه غير أكفاءquot;. من جانبه، يقول المحلل المستقل هشام قاسم quot;مرسي لم يكن بحاجة إلى المزيد من الأدلة التي تثبت فشله كرئيسquot;.

ويرى مرسي أن هذه الانتخابات ستنهي مرحلة انتقالية مضطربة وتعيد الاستقرار إلى البلاد، وهي الحجة التي استخدمها بقوة خلال الاستفتاء على الدستور الجديد المثير للجدل الشديد.

وكان الرئيس، المنتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين، قد اضطر بالفعل الى التراجع عن الإعلان الدستوري الذي اصدره في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ومنح نفسه بموجبه سلطات استثنائية، الأمر الذي أثار أزمة سياسية خطرة ومواجهات لأسابيع عدة.

رفع الضرائب
وفي كانون الاول (ديسمبر) الماضي، أوقف أيضًا قرار رفع الضرائب على بعض السلع الأساسية الواسعة الاستهلاك قبل ساعات قليلة من بدء تنفيذه، وذلك خوفًا من تبعاته الاجتماعية. وأثار كرد فعل الشكوك في رغبته في النهوض باقتصاد البلاد التي أوشكت على الإفلاس.

كما اضطرت الرئاسة أخيرًا الى تغيير موعد بدء الانتخابات التشريعية لتزامنه مع اعياد الفصح المسيحية، ما اثار غضب الاقلية القبطية الكبيرة. وأبدت جبهة الانقاذ الوطني، الائتلاف الرئيس للمعارضة الذي اعلن بالفعل مقاطعته للانتخابات، ترحيبها بهذا القرار.

وقالت الجبهة في بيان مساء الخميس تعليقًا على إحالة قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا: quot;لقد جاء قرار المحكمة ليؤكد صحة موقف الجبهة منذ البداية بأن قانون الانتخابات قد تم إعداده بتعجل مريب في مجلس الشورى الذي يسيطر عليه الإخوان، وفي تكرار للنهج نفسه الذي اتبعته الجماعة التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي منذ أن تولى منصبه في مطلع تموز/يوليو الماضي، وبغضّ النظر عن العوار القانوني الواضح الذي شاب ذلك القانونquot;.

دولة فاشية
من جانبه قال منسق الجبهة محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحائز على نوبل للسلام في تغريدة على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي quot;إن الجهل والعبث بجوهر دولة القانون، بدءًا من الإعلان الدستوري، مرورًا بالدستور، وصولًا إلى قانون الانتخابات، من سمات الدولة الفاشيةquot;.

ويرى كامل السيد أن القانون الانتخابي quot;تم تفصيله على قياس الاخوان المسلمينquot;. وانتقد الكثير من المراقبين، خصوصًا تقسيم الدوائر الانتخابية، وندد بعض السياسيين بخريطة انتخابية مجحفة في حق الاقباط.

وكان الاخوان المسلمون والسلفيون يسيطرون على مجلس الشعب السابق المنبثق من انتخابات شتاء 2011/2012 والذي تم حله بقرار من المحكمة الدستورية العليا، التي قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات الذي انتخبت على اساسه.

ويرى قاسم أن قرار القضاء الاداري ايجابي، حيث أنه يحول دون تكرار هذا السيناريو وحل المجلس الجديد بعد اجراء الانتخابات التشريعية. لكنه حذر من ان تأجيل الانتخابات لا يعني هدنة للرئيس. وقال إن quot;الوضع سيىء جدًا اقتصاديًا وسياسيًا، وستحدث اضطرابات لا محالةquot;.