بيروت: تمام سلام الذي كلفه الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم السبت تشكيل حكومة جديدة هو ابن بيت سياسي سني عريق، وزير سابق ونائب معارض معروف بخطابه المعتدل لا سيما في الملفين الشائكين في لبنان: سوريا وسلاح حزب الله.
وقد حصل سلام على اكثر من 120 صوتا من 128 عدد مقاعد مجلس النواب خلال المشاورات النيابية التي اجراها رئيس الجمهورية، من مختلف التيارات السياسية.
وقال بعد اعلان تكليفه quot;قبلت هذا التكليف (...) ايمانا مني بأن الواجب يفرض تحمل المسؤولية، والعمل من اجل مصلحة الوطن، بالتعاون مع جميع القوى السياسيةquot;، مؤكدا انه سيعمل على تشكيل quot;حكومة مصلحة وطنيةquot;.
ومنذ 2005، تاريخ انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد حوالى ثلاثين سنة من التواجد، لم يحصل اي رئيس حكومة على مثل هذا الاجماع، باستثناء فؤاد السنيورة الذي سمي ب126 صوتا في فورة الانسحاب السوري في صيف 2005.
ومنذ ذلك الحين، انقسم لبنان بين اكثرية مناهضة للنظام السوري ومدعومة من الغرب والسعودية، ومعارضة موالية لدمشق ومدعومة من ايران.
وتمام سلام (67 عاما) الذي يدخل للمرة الاولى ما يعرف في لبنان بquot;نادي رؤساء الحكوماتquot;، هو نجل الزعيم السني الراحل صائب سلام الذي تولى رئاسة الحكومة لمرات عدة بين عامي 1952 و1973.
ووصفه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بانه quot;ابن شعار صائب سلام التفهم والتفاهم وشعار لا غالب ولا مغلوبquot;، مضيفا quot;اسمه عنوان الاعتدالquot;، ومشيرا الى ان تمام سلام quot;لم تخرج منه كلمة واحدة سيئة عن المقاومة الاسلاميةquot; (اي حزب الله).
ورغم انتماء تمام سلام الى قوى 14 آذار (المعارضة) والتزامه بكل مبادئها وسياساتها، فان خطابه هادىء وغير صدامي اجمالا.
فقد انتقد بعنف اجتياح حزب الله عسكريا لاجزاء واسعة من بيروت في ايار/مايو 2007 بعد تفجر الخلاف السياسي بين الحزب الشيعي وتيار المستقبل بزعامة سعد الحريري معارك في الشارع اسفرت عن مقتل اكثر من مئة شخص. ورغم موقفه المبدئي الرافض للسلاح وتأكيده ان quot;الطائفة السنية تشعر بالاستهدافquot;، الا انه اعلن باستمرار تقديره لنشاط quot;المقاومة ضد اسرائيلquot; من دون ان يدخل في الجدل اللبناني العنيف احيانا حول quot;نزع سلاح حزب اللهquot; ام لا.
واكد اخيرا ان لا قرار سنيا في نزاع مع الشيعة، مؤكدا ان الظواهر المتطرفة quot;ليس لها ولن يكون لها صدى لدى سنة لبنانquot;.
ورغم دفاعه بقوة عن سيادة لبنان تجاه التدخلات السورية والتوغلات العسكرية على الحدود منذ بدء الازمة السورية قبل سنتين، ومواقفه المبدئية من الحريات والديموقراطية، الا انه لم يهاجم النظام السوري بعبارات استفزازية كما فعلت اجمالا معظم شخصيات المعارضة المناهضة لدمشق.
واطلق والده صائب سلام خلال سنوات الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990) التي تواجه فيها المسلمون والمسيحيون مدعومين من قوى عسكرية خارجية، شعاري quot;لا غالب ولا مغلوبquot;، وquot;لبنان واحد لا لبنانانquot;. ومد يده الى المسيحيين بعد اغتيال بشير الجميل، الرئيس الذي وصل بدفع من الاحتلال الاسرائيلي آنذاك، ما سمح بانتخاب شقيق بشير، امين الجميل رئيسا.
على خطى والده، امتنع تمام سلام عن الترشح الى الانتخابات النيابية العام 1992، تضامنا مع quot;شركائه في الوطنquot; المسيحيين الذين قاطعوا انتخابات قالوا يومها ان نتائجها مقررة سلفا من سوريا، quot;قوة الوصايةquot; في ذلك الوقت على لبنان.
وفاز بمقعد نيابي العام 1996 ليعود فيخسره العام 2000 في مواجهة رفيق الحريري، والد سعد الحريري، الذي فازت لوائحه بكل مقاعد العاصمة.
في 2009، تحالف مع سعد الحريري ودخل البرلمان مرة اخرى. وكان عين وزيرا للثقافة العام 2008 في حكومة برئاسة السنيورة المنتمي الى تيار المستقبل برئاسة الحريري.
طويل، اصلع، وجهه ضاحك اجمالا، يتحدث بصوت خافت ولهجة هادئة ويختار كلماته بعناية.
بعد استقالة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قبل اسبوعين، قال سلام على حسابه على موقع quot;تويترquot; ان quot;المطلوب اليوم هو فتح صفحة جديدة (...) وتوفير مرحلة استقرار بعيدا عن المماحكات السياسية بين مختلف القوى السياسيةquot;.
وتنتظر رئيس الحكومة الجديد مهمة صعبة تتمثل في تشكيل حكومة ترضي جميع الذين سموه وتكون قادرة على ادارة المرحلة المقبلة التي يفترض ان تجري فيها الانتخابات النيابية المقررة مبدئيا في حزيران/يونيو المقبل.
واعلن سلام، بحسب ما نقل عنه سياسيون، عزوفه عن الترشح الى الانتخابات المقبلة، انطلاقا من مبدأ ان تكون اي حكومة تشرف على الانتخابات حكومة حيادية.
وولد تمام سلام في 13 ايار/مايو 1945، ووالدته سورية الاصل.
تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة الليسيه الفرنسية في بيروت، ثم تابع دروسه التكميلية في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية، والثانوية في مدرسة quot;هاي سكولquot; في برمانا شمال شرق بيروت.
تابع دروسا جامعية في مادة الاقتصاد وادارة الاعمال في انكلترا، ثم عمل في الحقل التجاري لسنوات قليلة.
في العام 1982، انتخب رئيسا لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في بيروت، وهو اليوم رئيسها الفخري.
تمام سلام متزوج وله ابن يحمل اسم والده صائب، وابنتان تميمة على اسم والدته وثريا.