لن تكون معركة نيل عبدالله النسور وحكومته الثقة النيابية نزهة، فالنواب يعدون العدة للانقضاض عليها انتفاضًا لهيبة المؤسسة التشريعية، خصوصًا أن الحكومة أتت من لون واحد. لكن الحكومة الجديدة ستنال الثقة ولو بالحد الأدنى المطلوب من الأصوات.


عمّان: تدخل الحكومة الأردنية برئاسة الدكتور عبدالله نسور نفق نيل الثقة من البرلمان، في رحلة عبور يسودها العديد من المطبات السياسية، خصوصًا أن النواب سينهالون عليها بسيول من العبارات والانتقادات اللاذعة غير المسبوقة في خطابات الثقة، حفاظًا على صورتهم أمام شارعهم المحتقن، واسترجاعًا لهيبتهم المهنية كمؤسسة تشريعية مستقلة.

ولعل المفارقة اللافتة في معركة الثقة المنتظرة السخونة الزائدة كونها أول مواجهة مباشرة في ما بين الحكومة والبرلمان، في ظل بوادر قيام الحكومة برفع اسعار الكهرباء، ما يعني موجة غلاء لن يصمد المواطن الأردني امامها في ظل تآكل دخله .

وبالرغم من العاصفة البرلمانية التي ستهب في وجه الحكومة في جلسات الثقة، يقول نواب لـquot;ايلافquot; إن المؤشرات تفيد بأن الحكومة ستقفز حاجز الثقة بأرقام متواضعة، وتذهب إلى بر الامان، لأنه وفق مراقبين إسقاط الحكومة الحالية في البرلمان سيدخل البلاد في ازمة داخلية ستكون آثارها خطيرة، في ظل ظروف داخلية اقتصادية واجتماعية وامنية صعبة، إلى جانب وضع دول الجوار الملتهب، وأزمات إقليمية تلقي بظلالها على الأردن .

البرنامج هو الفيصل

تعليقًا على معركة الثقة، يقول رئيس مجلس النواب السابق والنائب الحالي عبد الكريم الدغمي لـquot;ايلافquot; إن الحكومة الحالية ستسقط بالثقة، من دون ابداء اسباب لذلك. وانه حسم مسألة حجب الثقة نهائيًا عن هذه الحكومة بصفته عضوًا مستقلاً.

وحول موقف الكتل البرلمانية، يقول النائب محمد الردايدة، الناطق الاعلامي في كتلة الاتحاد الوطني التي تضم عشرة نواب، إن الفيصل في قرار منح أو حجب الثقة سيكون الاطلاع على برنامج الحكومة وما يتضمن من حلول عملية وواقعية لمشاكل المواطنين، وإيجاد بدائل غير رفع الاسعار، مضيفًا أن موقف أعضاء الكتلة واضح ومعلن، quot;وننتظر لنرى برنامج الحكومة وبناء عليه سيكون قرار منح الثقة أو حجبهاquot;.

يدرك النواب، وفق النائب الردايده، أن امتحان الثقة هو الخيار الاصعب للبرلمان أمام قواعدهم الشعبية، خصوصًا أن المواطن الأردني يرزح تحت أعباء معيشية ثقيلة من جراء رفع الاسعار المتكرر.

أضاف: quot;نحن ندرك حساسية الموقف، ونحن كنواب نريد مصلحة المواطن والوطن، لكن على الحكومة أن تساعد نفسها بالبحث عن حلول سهلة التطبيق، بحكم أنها صاحبة الولاية في البلاد، وتخفف الازمة الاقتصادية بعيدًا عن جيوب المواطنين عبر بدائل وحلول تلجأ إليها، وأي رفع سيسبب نتائج كارثية تهدد أمن المواطن واستقرار الوطنquot;.

ثقة... لكن بصعوبة

من جانبه، يقول الكاتب السياسي في يومية الدستور الأردنية ماهر أبو طير لـquot;ايلافquot; إن أجواء حصول الحكومة الحالية على الثقة صعبة للغاية، متوقعًا سقفًا عاليًا وخشونة غير مسبوقة في كلمات النواب. وهذا يعود، وفق أبو طير، إلى اعتبارات عديدة منها تداعيات تشكيل الحكومة ورغبة النواب في أن يكونوا وزراء في الحكومة، وكذلك شكل الحكومة التي تم انتاجها.

في المقابل، ترى النائب في كتلة الوسط الاسلامي وفاء بني مصطفي أنه رغم محاولات تسخين مشهد الثقة بين البرلمان والحكومة، بحكم تصرف النسور الاستفزازي في جولات مشاورات الحكومة مع الكتل البرلمانية، والتي كانت شكلية، لكنها ستحصل على الثقة، مؤكدة أن النسور خسر العديد من الحلفاء في البرلمان.

وتؤكد مصطفى أن النسور يتقن قواعد اللعب مع البرلمان، quot;إذ يقوم بشراء الوقت عبر تبريد رؤوس النواب الحامية ويتقدم بخطة عمل جميع الوزارات ليكون برنامج الحكومة شاملًا لأربع سنوات قادمةquot;.

اما النائب في كتلة اليقظة اعطيوي المجالي فربط منح الثقة للحكومة ببرامج عملها قائلًا: quot;بعد الاستماع إلى برنامج عملها نحدد في الكتلة موقفنا، لكن الاجواء في البرلمان تشير إلى صعوبة منح الثقة خصوصًا مع الحراك الشعبي في الشارع، الذي يرصد أداء النواب، ولن يرحمهم ونحن نتخوف من هجمة شرسة علينا من قواعدنا الانتخابيةquot;.

لا إسقاط

استبعد ابو طير اسقاط الحكومة الجديدة في المجلس النيابي، لأن كلفة هذا السيناريو على الداخل الأردني عالية، بحكم مخاوف داخلية وظروف اقليمية تنذر بالحرب.

وتوقع أن تحصل الحكومة على ثقة النواب بأرقام متراجعة، وقال: quot;يمكن وصفها بالثقة تحت التهديد، بحكم الورقة التي يلوح بها الرئيس للنواب، وهي مسألة مشاركتهم في الحكومة قبل نهاية العام الحالي، فيما تؤكد النائب بني مصطفي أن معركة الثقة ستكون شرسة، لكن التوقعات تشير إلى أن تحصل الحكومة على ثقة 85 إلى 90 صوتًا.

وبحكم التعديلات الدستورية، على الحكومة أن تحصل على ثقة نصف أعضاء مجلس النواب زائداً واحداً، وعددهم 150 عضوًا ، أي 75 عضوًا زائداً واحداً، أي 76 نائبًا، لكن في ظل موت نائب عن الدائرة الثانية في العاصمة عمان وانتظار اجراء انتخابات تكميلية، وكذلك اسقاط عضوية اثنين من نواب محافظة الكرك، يصبح اعضاء المجلس الذي يصوت على الثقة 147، أي يحتاج النسور إلى 74 نائبًا زائداً واحداً.